جهاز علاجي يثير جدلاً بين أطباء نفسيين في السعودية

30 مايو 2015
+ الخط -


شن عدد من الأطباء والمختصين النفسيين السعوديين هجوماً حاداً على الطبيب النفسي المعروف طارق الحبيب، بسبب ترويجه لجهاز جديد يدعى (ألفا ستيم) يزعم أنه يعالج الاكتئاب والإدمان على المخدرات والتدخين وحتى اضطرابات النوم.

واعتبر المنتقدون أن ترويج جهاز الطبيب الحبيب، والذي يظهر في برامج التلفزيون بشكل معتاد، يعد نوعاً من التضليل والخداع كون الجهاز المعني لا يؤدي الغرض منه، وكل ما يثار عن فوائده غير مثبت علمياً.

ورد الحبيب على تلك الانتقادات مهدداً باللجوء إلى القضاء، معتبراً الانتقادات تشويهاً لسمعته، وهو ما أثار المزيد من الجدل بين الأطباء الذين أكدوا أن هذه التهديدات دليل ضعف موقفه.

وظهر الحبيب في إعلان فيديو لتسويق الجهاز الذي يتم بيعه في مركز صحي تابع له بنحو 1330 دولاراً، رغم أنه يباع في الولايات المتحدة الأميركية بأقل من 700 دولار فقط.

وكانت أكثر المآخذ على الطبيب إظهار مريض في الفيديو لتسويق الجهاز من خلال الحديث عن نفعه بصورة دعائية، وهو ما اعتبره الأطباء مخالفاً لأبجديات البحث العلمي، خاصة أن الطبيب منح مركزه حرية بيع الجهاز الباهظ الثمن عن طريق موظفي الاستقبال، من دون معاينة الطبيب.

ويؤكد أستاذ الصحة النفسية المشارك في جامعة الإمام محمد بن سعود، سعد المشوح، أن الجهاز أكذوبة كبرى، ويقول لـ "العربي الجديد": "من الناحية المهنية والطبية هذا الجهاز لم تجر عليه أية اختبارات علمية مثبتة، وهو مجرد ترويج، فلا توجد إثباتات على فعاليته، ولا توجد دراسة علمية يمكن أن تدعم مزاعم من يروجون له".

ويشدد المشوح على أن كل ما يقال عن فوائد الجهاز لا يقوم على حقائق علمية، مطالباً هيئة الدواء والغذاء بالتدخل لتوضيح حقيقة الأمر، ويضيف: "جهاز (ألفا ستيم) أشبه بدعايات المقويات الجنسية، لا إثبات له، ومثل الطب الشعبي، نسمع به ولا نرى فوائده، لو كان ما يقوله الدكتور الحبيب عن الجهاز صحيحاً، وأنه يعالج من الإدمان لطالبنا بتوفير جهاز لكل مدمن، لكي نتخلص من هذا الوباء، ولكن ما يقال غير صحيح ولا بد من توعية الناس من هذا التضليل".

مزيد من الاتهامات

ويؤكد الدكتور متعب حامد العنزي، من تورنتو بكندا، أن الترويج للجهاز بأنه معتمد لدى هيئة الغذاء والدواء الأميركية غير صحيح وغير قانوني لجهاز لم يثبت نجاحه في عالم الطب النفسي، ويشدد الطبيب الحاصل على شهادة الاختصاص من الكلية الملكية للأطباء والجراحين في كندا، على أن: "الجهاز سيئ السمعة، ولم يحصل على موافقة هيئة الغذاء والدواء الأميركية لجميع هذه الأمراض كما ادعى الدكتور الحبيب".

ويضيف: "عندما بحثت في موقعهم، وجدت رسالة تحذيرية من هيئة الغذاء والدواء للشركة المصنعة تتحدث عن تجاوزاتها وادعاءاتها المضللة، وقمت بالاتصال بالمركز السعودي الذي يوزعه، لأتفاجأ أن المرضى يمكنهم الحصول على جلسات للجهاز، وعلى الجهاز نفسه من خلال موظفي الاستقبال ومن دون المرور على الطبيب حتى".

ويستغرب العنزي أن يقوم طبيب مثل الدكتور الحبيب بالترويج بنفسه للجهاز ويقول إن هيئة الغذاء والدواء الأميركية أقرته لعلاج الاكتئاب والقلق، واضطرابات النوم، ولفرط الحركة عند الأطفال، وللإقلاع عن التدخين، وللإقلاع عن المخدرات كما ادعى أن ليست له أعراض جانبية.

ويضيف: "كل هذه الأمور غير صحيحة، حاول الدكتور الحبيب إيهام المجتمع أن هذا العلاج اكتشاف مهم، ومنتشر عالمياً، وهو لا وجود له في كتب الطب النفسي، ولا في معايير العلاج العالمية للاكتئاب والقلق، والتي تصدر من الجمعيات البريطانية والأميركية والكندية للطب النفسي، كما أنه ادعى أن العلاج ليست له أعراض جانبية، وفي مطوية الجهاز التسويقية من موقع الشركة الأصلي، هناك قائمة بالأعراض الجانبية، وفي موقع هيئة الغذاء والدواء هناك شكاوى تتعلق بأعراض جانبية كطنين الأذن لم تذكرها الشركة المنتجة".


ويشدد الدكتور العنزي على أنه يعمل في كندا منذ ثماني سنوات، ولم يمر عليه هذا الجهاز مرة واحدة في سياق علمي. كاشفاً أن الطبيب الشهير د. أوز تم الاشتكاء عليه من مجموعة من الأطباء عطفاً على تضليله الإعلامي، واعتذر بعدها في المحكمة عما بدر منه.

تهديد بدعاوى قضائية
وأثارت القضية جدلاً ساخناً على مواقع التواصل الاجتماعي، وأنشأ مغردون وسم (#طارق_الحبيب_يبيع_ضميره)، انتقدوا فيه الطبيب النفسي واعتبروا ما قام به نوعاً من التحايل والخداع بهدف تحقيق الربح المادي، وهو ما أغضب الحبيب الذي رفض في البداية الرد على تلك الاتهامات، واكتفى بتغريدات على حسابه الشخصي في موقع تويتر، هدد فيها بتقديم شكوى غداً الأحد ضد كل من هاجمه وشكك فيه، معتبراً ما قالوه تهجماً شخصياً عليه.



وكتب: "أعتذر للأحبة الذين بالغوا في التعدي على شخصي، إن المحامي سيتقدم بالشكوى عليهم في المحكمة صباح الأحد القادم، وكذلك على من تعدى من خارج السعودية"، وأضاف: "العفو والصفح لا يكون حال الاتهام وإنما عند النصر، (اذهبوا فأنتم الطلقاء) قالها سيدي عندما فتح مكة ولم يقلها وهم يحاربونه".

ودافع الدكتور الحبيب عن الجهاز مؤكداً أنه موجود في العديد من العيادات الخاصة والحكومية في السعودية والوطن العربي، وأن عدم استجابة بعضهم للعلاج بجهاز ألفا ستيم أمر طبيعي فالأدوية النفسية كذلك لا يستجيب لها بعضهم.

"العربي الجديد" حاولت التواصل مع الدكتور الحبيب بشكل مفصل حول اتهامات الأطباء ولكنه لم يتجاوب مع الاتصالات، كما أن هاتف مركزه كان لا يرد، غير أنه أصدر بياناً صحافياً مطولاً دافع فيه عن مركزه الطبي والجهاز الذي يروج له، مؤكدا أن: "الجهاز حقق نتائج جيدة في علاج بعض الحالات التي تعاني من الاكتئاب والأرق والقلق، وهو كغيره من الوسائل العلاجية التي قد تفيد بعض المرضى ولكنها قد تكون غير فعالة مع بعضهم الآخر، إلا أنه في كل الأحوال لا يعتبر وسيلة تضليل أو خداع للمريض كما اعتقد بعضهم".

وأضاف: "يمثل الجهاز أحد التدخلات العلاجية التقنية للتعامل مع بعض الاضطرابات النفسية، وقد سبقه من عشرات السنين جهاز العلاج بالصدمات الكهربائية (ect)، وجاء بعد (ألفا ستيم) حديثاً جهاز (tms) للعلاج بالموجات المغناطيسية".

وبيّن الحبيب أن "إشكالية بعض غير المختصين أنه يبرر عدم إلمامه بأمر جديد برفض ذلك المستجد جملة وتفصيلاً، وقد يستخدم في ذلك بقصد أو من دون قصد إثارة عواطف الناس".


اقرأ أيضاً: وفاة "الطفلة سولاف" يفتح ملف الأخطاء الطبية بالسعودية

المساهمون