لا يترك رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أي فرصة للتغزل والإشادة بعلاقات إسرائيل مع دول عربية "سنّية معتدلة"، في إشارة واضحة إلى السعودية، آخرها مباهاته بموافقة السعودية على تسيير شركة الطيران الهندية رحلات إلى إسرائيل مروراً بالأجواء السعودية، والتي انطلقت أولها من نيودلهي باتجاه تل أبيب أمس الأول الخميس. في المقابل، عندما يصل الأمر إلى قضايا الأمن القومي أو محاولات السعودية تعزيز قوتها العسكرية، تحت غطاء مواجهة الخطر الإيراني، تتبخر بسرعة تصريحات نتنياهو عن المصالح المشتركة التي تربط إسرائيل "وتلك الدول السنّية المعتدلة" لمواجهة الخطر الإيراني.
في هذا السياق، كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أمس الجمعة، أنه مع بدء زيارة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى الولايات المتحدة، والحديث السعودي عن الاتجاه نحو بناء قوة نووية سعودية لمواجهة إيران، أطلقت إسرائيل وأصدقاؤها في الكونغرس الأميركي حملة واسعة هدفها الرئيسي منع الرئيس الأميركي دونالد ترامب من القبول بصفقة لبيع السعودية مفاعلاً ذرياً لإنتاج الطاقة الكهربائية، خوفاً من أن يؤدي ذلك لاحقاً إلى حصول السعودية على تكنولوجيا تمكّنها من تطوير بنية تحتية لإنتاج السلاح النووي.
ومع أن الموقف الإسرائيلي هذا ليس بجديد وتعود أصوله إلى الخلاف الإسرائيلي الأميركي بشأن الاتفاق النووي مع إيران، إذ ادعت إسرائيل أن الاتفاق يعني إطلاق سباق تسلح نووي في المنطقة، إلا أن "هآرتس" قالت إن الحملة الإسرائيلية الجديدة تعتمد أيضاً على تصريحات محمد بن سلمان لشبكة "سي بي إس" الأميركية التي قال فيها "إننا نريد حقوقاً متساوية كباقي الدول". ووفق التفسير الإسرائيلي لهذا التصريح، فإنه إذا أصرت واشنطن على مواصلة العمل وفق الاتفاق النووي مع طهران وعدم الخروج منه، والسماح لإيران بتخصيب اليورانيوم بمستويات منخفضة، فإن من حق السعودية أيضاً الحصول على ذلك. ولفتت الصحيفة إلى التطلع السعودي بموجب الخطة 2030 لتوفير مصادر بديلة للطاقة النفطية، وبالتالي إقامة 16 مفاعلاً نووياً لإنتاج الكهرباء والطاقة البديلة، بدءاً ببناء مفاعلين قدرة إنتاج كل منهما بين 12 و16 ألف ميغاواط.
وتدعي إسرائيل ومناصروها في الولايات المتحدة، أن السعودية، صاحبة ثاني أكبر احتياطي من النفط، ليست بحاجة للمفاعلات الذرية. وبحسب "هآرتس"، فإن معادلة الردع النووي التي طرحتها السعودية تضع الولايات المتحدة وإدارة ترامب أمام معضلة صعبة، ففي حال رفضت العرض السعودي يمكن للرياض التوجّه إلى دول أخرى مثل باكستان، التي تملك السعودية معها علاقات ممتازة، وربما أيضاً الصين وروسيا، وهي دول لا ترى مشكلة في بيع هذه التكنولوجيا للسعودية حتى بما يتجاوز المطلوب لمفاعلات نووية لأغراض سلمية.
اقــرأ أيضاً
لكن اللافت في الموضوع الحجج التي تسوقها تل أبيب في معارضتها لهذه الصفقة، فهي تقود حملة دبلوماسية وتمارس ضغوطاً على ترامب وأعضاء الكونغرس الأميركي لرفض الصفقة بادعاء أن السعودية حتى لو كانت تُعتبر اليوم الدولة الأقرب للولايات المتحدة، إلا أنها تفتقر للاستقرار الداخلي، وهي تعج بالحركات الإسلامية المتطرفة والراديكالية التي تتمتع بحرية العمل داخل السعودية. كما أن إبرام الصفقة وبناء مفاعلات ذرية في السعودية يعني توفير وتأهيل جيل من المهندسين والعلماء السعوديين في هذا المجال (وهو ما تفتقر إليه السعودية حالياً بشكل مطلق) يمكنهم مستقبلاً تطوير خبرات لبناء مشروع نووي للأغراض العسكرية. في المقابل، استأجرت السعودية خدمات ثلاث شركات لوبي أميركية تدّعي أن بمقدور السعودية شراء مفاعل جاهز، وبالتالي فهي ليست بحاجة لتأهيل خبراء محليين.
وقالت "هآرتس" إن الخارجية الأميركية تتفهم الموقف والادعاء الإسرائيلي وتعرضه أمام ترامب لإلزام السعودية بالقبول برقابة وإشراف أميركيين شديدين. ورأت الصحيفة أنه حتى نضوج أو تحقيق ميزان رعب سعودي مقابل إيران، سيكون على واشنطن التوصل إلى اتفاق مع الرياض ليس فقط في مسألة تخصيب اليورانيوم، بل أيضاً في ضمان إشراف ومراقبة أميركية كتلك المفروضة حالياً على إيران بموجب الاتفاق النووي معها.
لكن الصحيفة أضافت أنه من وجهة نظر إسرائيل، فغياب الرقابة كما في حال باكستان والعراق، في حينه، وكوريا الشمالية وإسرائيل وهي الدول التي لم توقّع على اتفاقية ومعاهدة حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل، وبالنظر إلى الفشل الاستخباراتي الإسرائيلي في اكتشاف المساعي الليبية واقتراب ليبيا من بناء قدرات نووية قبل الاتفاق الأميركي البريطاني مع نظام العقيد معمر القذافي، والاكتشاف المتأخر لأمر المفاعل النووي السوري في دير الزور، فإن بمقدور دول مختلفة أن تحرز تقدماً كبيراً وخطيراً في تطوير قدرات وأسلحة نووية من دون أي مراقبة دولية ومن دون أن تكشف أجهزة الاستخبارات المختلفة ذلك. كما أنه يمكن لدول تمتلك مفاعلات للأغراض السلمية أن تنتقل لتطوير مفاعلات للأغراض العسكرية أيضاً.
ويستدل من التقرير أن تل أبيب تأمل بأن تقبل السعودية باتفاق تحالف عسكري وأمني يضمن سلامة السعودية والنظام فيها. وبحسب "هآرتس"، فإن التناقض يكمن في معارضة السعودية للاتفاق النووي مع إيران، إذ يُفترض بالرياض التي تؤكد رغبتها في ردع طهران، أن توافق على الاتفاق النووي وأن تقنع ترامب بعدم الخروج من الاتفاق الذي يوفر لها الوقت اللازم لحين بناء قوة نووية سعودية، من دون المخاطرة بحرب إقليمية قد تتحول إلى حرب دولية.
في المقابل، فإن إسرائيل التي تحض ترامب على الخروج من الاتفاق وإلغائه أو إدخال تعديلات عليه، قد تجد نفسها في مواجهة قوتين نوويتين وليس في مواجهة إيران فقط، التي أعلنت أنها في حال إلغاء الاتفاق فإنها ستستأنف مشروعها النووي. يشار في هذا السياق إلى تصريح رئيس أركان جيش الاحتلال، الجنرال غادي أيزنكوط يوم الأربعاء الماضي، مع اعتراف إسرائيل رسمياً بقصف المفاعل السوري في دير الزور، عندما صرح في بيان عمّمه المتحدث باسم جيش الاحتلال أن "رسالة ضرب المفاعل السوري عام 2007 هي أن دولة إسرائيل لن تسلّم ببناء قدرات تشكل خطراً وجودياً عليها، هذه هي رسالة 2007 وهي أيضاً رسالة لأعدائنا في المستقبل المنظور والبعيد".
ومع أن الموقف الإسرائيلي هذا ليس بجديد وتعود أصوله إلى الخلاف الإسرائيلي الأميركي بشأن الاتفاق النووي مع إيران، إذ ادعت إسرائيل أن الاتفاق يعني إطلاق سباق تسلح نووي في المنطقة، إلا أن "هآرتس" قالت إن الحملة الإسرائيلية الجديدة تعتمد أيضاً على تصريحات محمد بن سلمان لشبكة "سي بي إس" الأميركية التي قال فيها "إننا نريد حقوقاً متساوية كباقي الدول". ووفق التفسير الإسرائيلي لهذا التصريح، فإنه إذا أصرت واشنطن على مواصلة العمل وفق الاتفاق النووي مع طهران وعدم الخروج منه، والسماح لإيران بتخصيب اليورانيوم بمستويات منخفضة، فإن من حق السعودية أيضاً الحصول على ذلك. ولفتت الصحيفة إلى التطلع السعودي بموجب الخطة 2030 لتوفير مصادر بديلة للطاقة النفطية، وبالتالي إقامة 16 مفاعلاً نووياً لإنتاج الكهرباء والطاقة البديلة، بدءاً ببناء مفاعلين قدرة إنتاج كل منهما بين 12 و16 ألف ميغاواط.
وتدعي إسرائيل ومناصروها في الولايات المتحدة، أن السعودية، صاحبة ثاني أكبر احتياطي من النفط، ليست بحاجة للمفاعلات الذرية. وبحسب "هآرتس"، فإن معادلة الردع النووي التي طرحتها السعودية تضع الولايات المتحدة وإدارة ترامب أمام معضلة صعبة، ففي حال رفضت العرض السعودي يمكن للرياض التوجّه إلى دول أخرى مثل باكستان، التي تملك السعودية معها علاقات ممتازة، وربما أيضاً الصين وروسيا، وهي دول لا ترى مشكلة في بيع هذه التكنولوجيا للسعودية حتى بما يتجاوز المطلوب لمفاعلات نووية لأغراض سلمية.
لكن اللافت في الموضوع الحجج التي تسوقها تل أبيب في معارضتها لهذه الصفقة، فهي تقود حملة دبلوماسية وتمارس ضغوطاً على ترامب وأعضاء الكونغرس الأميركي لرفض الصفقة بادعاء أن السعودية حتى لو كانت تُعتبر اليوم الدولة الأقرب للولايات المتحدة، إلا أنها تفتقر للاستقرار الداخلي، وهي تعج بالحركات الإسلامية المتطرفة والراديكالية التي تتمتع بحرية العمل داخل السعودية. كما أن إبرام الصفقة وبناء مفاعلات ذرية في السعودية يعني توفير وتأهيل جيل من المهندسين والعلماء السعوديين في هذا المجال (وهو ما تفتقر إليه السعودية حالياً بشكل مطلق) يمكنهم مستقبلاً تطوير خبرات لبناء مشروع نووي للأغراض العسكرية. في المقابل، استأجرت السعودية خدمات ثلاث شركات لوبي أميركية تدّعي أن بمقدور السعودية شراء مفاعل جاهز، وبالتالي فهي ليست بحاجة لتأهيل خبراء محليين.
وقالت "هآرتس" إن الخارجية الأميركية تتفهم الموقف والادعاء الإسرائيلي وتعرضه أمام ترامب لإلزام السعودية بالقبول برقابة وإشراف أميركيين شديدين. ورأت الصحيفة أنه حتى نضوج أو تحقيق ميزان رعب سعودي مقابل إيران، سيكون على واشنطن التوصل إلى اتفاق مع الرياض ليس فقط في مسألة تخصيب اليورانيوم، بل أيضاً في ضمان إشراف ومراقبة أميركية كتلك المفروضة حالياً على إيران بموجب الاتفاق النووي معها.
لكن الصحيفة أضافت أنه من وجهة نظر إسرائيل، فغياب الرقابة كما في حال باكستان والعراق، في حينه، وكوريا الشمالية وإسرائيل وهي الدول التي لم توقّع على اتفاقية ومعاهدة حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل، وبالنظر إلى الفشل الاستخباراتي الإسرائيلي في اكتشاف المساعي الليبية واقتراب ليبيا من بناء قدرات نووية قبل الاتفاق الأميركي البريطاني مع نظام العقيد معمر القذافي، والاكتشاف المتأخر لأمر المفاعل النووي السوري في دير الزور، فإن بمقدور دول مختلفة أن تحرز تقدماً كبيراً وخطيراً في تطوير قدرات وأسلحة نووية من دون أي مراقبة دولية ومن دون أن تكشف أجهزة الاستخبارات المختلفة ذلك. كما أنه يمكن لدول تمتلك مفاعلات للأغراض السلمية أن تنتقل لتطوير مفاعلات للأغراض العسكرية أيضاً.
في المقابل، فإن إسرائيل التي تحض ترامب على الخروج من الاتفاق وإلغائه أو إدخال تعديلات عليه، قد تجد نفسها في مواجهة قوتين نوويتين وليس في مواجهة إيران فقط، التي أعلنت أنها في حال إلغاء الاتفاق فإنها ستستأنف مشروعها النووي. يشار في هذا السياق إلى تصريح رئيس أركان جيش الاحتلال، الجنرال غادي أيزنكوط يوم الأربعاء الماضي، مع اعتراف إسرائيل رسمياً بقصف المفاعل السوري في دير الزور، عندما صرح في بيان عمّمه المتحدث باسم جيش الاحتلال أن "رسالة ضرب المفاعل السوري عام 2007 هي أن دولة إسرائيل لن تسلّم ببناء قدرات تشكل خطراً وجودياً عليها، هذه هي رسالة 2007 وهي أيضاً رسالة لأعدائنا في المستقبل المنظور والبعيد".