أوضح رئيس المجلس الاقتصادي -الاجتماعي جواد العناني إلى أن الأردن بدأ يسير نحو تنويع القطاعات الإنتاجية في الاقتصاد نظراً لأهمية التنويع في زيادة الايرادات المالية للدولة. وقال في مقابلة لـ "العربي الجديد:" عمد المجلس الاقتصادي الاجتماعي في الاردن، بالاتفاق مع تم الحكومة لوضع خطط إقتصادية تساهم في زيادة النمو، وخفض عجز الموازنة، وخاصة في قطاع إنتاج الكهرباء، والطاقة المتجددة، مشيراً الى نجاح هذه الخطط في السنوات الماضية. وهنا نص المقابلة:
*من موقعكم رئيساً للمجلس الاقتصادي الاجتماعي الأردني، ماذا قدمتم من خطط للحكومة للنهوض بالواقع الاقتصادي؟
لعب المجلس الاقتصادي الاجتماعي دوراً كبيراً على صعيد تنمية الاقتصاد الأردني. فقد تم التشاور مع الحكومة في العديد من مشاريع القوانين. وقمنا بدراسة كافة الخطط والبرامج المتعلقة بتنمية الاقتصاد الاردني، بمواجهة الظروف المحيطة عربياً وإقليمياً. فنحن نشارك الحكومة في توجيه السياسة الاقتصادية، لما فيه خير الشعب الأردني.
ومن أبرز الخطط التي تقدمنا بها، كيفية تأمين التوازن في سوق العمل بين الطلب والعرض. وقدمنا توصيات تتعلق بالشأن التعليمي، وحاجات السوق الاردنية. كما أننا عقدنا العديد من الاتفاقيات مع الدول العربية والأجنبية لتبادل الخبرات، الأمر الذي انعكس إيجاباً على الاقتصاد الأردني. كما أننا قدمنا مقترحات خاصة بموضوع رفع الدعم عن المحروقات، وآثارها على الطبقات الاجتماعية، بالإضافة إلى تقديم خطط عن إنتاج الكهرباء، واستخدام الطاقات المتجددة.
*كيف تقيّم مطالب صندوق النقد الدولي بشأن حث الدول العربية على رفع الدعم من أجل ترشيد الإنفاق؟ وكيف تعاملتم مع هذه المسألة في الأردن؟
طالب صندوق النقد الدولي الدول العربية بترشيد الإنفاق وضبط الميزانيات العامة. وبدأت العديد من الدول العربية برفع الدعم عن المحروقات. في مصر، تونس، ونحن في الأردن، بدأنا في هذه الإجراءات، بعد مطالبة صندوق النقد الدولي بخفض نفقات الموازنة، وعلى رأسها بند الدعم.
لكننا في الأردن، لم نرفع الدعم بالشكل الذي يؤثر سلباً على المواطنين الفقراء. فقد راعينا تماماً موضوع ضعف القدرة الشرائية للمواطنين وخصوصاً الطبقات الفقيرة. ونحن في المجلس الاقتصادي الاجتماعي لم نأخذ أي خطوة الا بعد درس تأثيراتها على مختلف فئات المجتمع.
عند رفع الدعم عن المشتقات النفطية، استثنينا بعض الفئات، كالفئات المتوسطة الدخل والفقيرة، عن طريق تقديم مساعدات نقدية. فقد اقترحنا تقديم مساعدات مالية للفقراء في ظل ارتفاع سعر النفط العالمي فوق 96 دولاراً للبرميل. وأما في حال هبط السعر عن 95 دولاراً، فإن المساعدات المالية تتوقف. وبالتالي خففنا من عجز الموازنة، بطريقة تراعي الفقراء.
*تحدثتم عن تقديم مقترحات خاصة بسوق العمل، ماهي هذه المقترحات؟ وما هو تقييم معدلات البطالة في الأردن؟
أولاً، لا بد من الإشارة الى أن الأردن لا يعاني من ارتفاع أعداد العاطلين من العمل. فالوظائف موجودة. لكن المشكلة الأساسية تكمن في غياب التوظيف الصحيح للكادرات التعليمية. يتخرج سنوياً 45 ألف طالب، لا يجدون فرص عمل وفق اختصاصاتهم. والسبب يعود الى أن السوق الاردنية تحتاج الى فنيين، واختصاصيين، أكثر مما تحتاج الى متخرجي جامعات، على أن يكون هولاء الفنيون من ذوي المهارات الفنية العالية. من ناحية أخرى، فإن رجال الأعمال في الأردن، يلجأون في بعض الأوقات الى توظيف عمالة غير أردنية نظراً لانخفاض أجورهم وعدم خضوعهم لقانون العمل الأردني، الأمر الذي يظهر ارتفاعاً في معدلات العاطلين من العمل. لذا وضعنا خططاً لتنويع الاقتصاد الاردني، عن طريق تنمية قطاع الخدمات، الفنادق، السياحة، لجذب الطاقات الشابة الى هذه القطاعات الحيوية.
*يوجد تقارير كثيرة تتناول حجم الخسائر الاقتصادية في الأردن، نتيجة الأزمات الإقليمية، وتأثير النازحين السوريين، أين هي الاموال المقدمة من الدول، والمنح والمساعدات لتخطّي هذه الانعكاسات السلبية؟
بوضوح تام وشفافية، لم يتلقّ الأردن أي منح أو مساعدات مالية. عقدت العديد من المؤتمرات، وجاءت التوصيات بضرورة مساعدة اقتصاد الأردن. الارقام واضحة، الاقتصاد الاردني تأثر بالحرب في سورية، كما تأثر بوجود النازحين. فالنازحون المقيمون في المخيمات لا يتعدون 150 ألف نازح، أما الباقون والذين يصل عددهم الى 800 الف، فموزعون داخل المناطق، الأمر الذي انعكس سلباً على الحياة في الأردن. فقد ارتفعت الإيجارات بشكل كبير، وارتفعت الأسعار، وزادت التكاليف على البنى التحتية. لذا طالبنا بضرورة مساعدة اقتصاد الاردن، الا أننا لم نتلقّ أي مساعدات من تلك التي وُعدنا بها.
*إن أردنا الحديث عن تأثير النازحين السوريين على الاقتصاد الاردني، برأيك كم تبلغ هذه التكلفة؟
بعيداً عن التكاليف المادية والضغط على شبكات البنى التحتية، من الكهرباء والماء، قمنا بدراسة في المجلس الاقتصادي الاجتماعي الأردني، اتضح من خلالها أن تكلفة اللاجئ السوري على الاقتصاد الاردني بين دعم، وزيادة نفقات أمنية، ودعم السلع الأساسية كالخبز والأرز، تصل الى 2000 دولار أميركي سنوياً.
كما لدينا أكثر من 70 ألف طالب سوري مسجل في المدارس الأردنية، يحتاجون الى كوادر تعليمية، وموازنة خاصة، ما يزيد من العبء الاقتصادي. ما يأتي من مساعدات لا يكفي لسد 25% من هذه التكلفة. الأمر الذي يعتبر مشكلة صعبة فعلاً في الأردن، لذا ينبغي حث الدول على تقديم المساعدات المالية، لأن قدرات وإمكانات الاردن لا تكفي لتحمل هذه التكاليف.
*هل يعاني الأردن إذاً ارتفاع التكاليف المعيشية؟ ماذا عن ارتفاع الأسعار؟
منذ الأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008، بدأ الاقتصاد الاردني يعاني من المشكلات. والسبب يعود الى أن اقتصادنا يعتمد على الخارج وخصوصاً على العائدات المالية لدول الخليج والاستثمارات الخليجية، إذ إن 60 أو 70% من الاستثمار الأجنبي في الاردن مصدره خليجي. وعند انتهاء الازمة، وعودة ارتفاع أسعار النفط العالمية، بدأ الربيع العربي، وتوقفت جميع الاستثمارات. وهنا لابد من الاشارة الى أن الاقتصاد الاردني تأثر كثيراً بمجريات ما يحصل، خصوصاً أن الطرق البرية أصبحت شبه مغلقة، وهذا ما ساهم في زيادة الاعباء المعيشية على المواطنين.
من جهة أخرى، ارتفعت الاسعار بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء والمحروقات على المنتجين، حيث ارتفعت كلفة الانتاج، الأمر الذي إنعكس على الأسعار بشكل عام.
* تعد الطاقة من أبرز التحديات التي تواجه الدول العربية، كيف يسعى الاردن بشكل خاص الى تطوير هذا القطاع؟
لا شك أن مشكلة الطاقة في الدول العربية من أبرز المشاكل، ويعود السبب في رأيي الى غياب الوعي لدى القيمين، بأهمية تطوير قطاع الطاقة، وخاصة الطاقة المتجددة.
الجميع يتحدث عن العائدات النفطية، واليوم نحن أمام انخفاض في أسعار النفط. وهنا أريد أن أسأل، هل بمحض الصدفة أن معظم المعارك الدامية اليوم تجري فوق ينابيع النفط الخام؟ لماذا بدأ الحديث عن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة تزامناً مع ما يجري في الدول العربية؟ وهل بالصدفة بدأت أسعار النفط بالهبوط؟
أعتقد أن هذه إشارات هامة على الدول العربية الانتباه اليها، والعمل على بدء تنويع مصادر الطاقة لديها. في الدول العربية هناك بمصادر هوائية هامة، تجعلنا قادرين على إنتاج الطاقة المتجددة. ففي الاردن على سبيل المثال، واجهنا مشكلة كبيرة تتعلق بتوقف إمدادات الغاز المصري، ودفعنا تكاليف تناهز المليار دينار إضافي سنوياً من أجل تأمين الكهرباء، الامر الذي دفع الحكومة الى إعادة النظر بالكلفة.
وبموجب الخطة التي وضعت، بدأنا بتنويع مصادر الطاقة، كبناء محطة غاز، اللجوء الى الطاقة المتجددة، هناك منطقة تسمى"طفيلة" تستطيع تزويد الاردن بطاقة رياح تكفيه لإنتاج الكهرباء وتزويد الاردن بالطاقة 24 ساعة، لذا فإن انتاج الطاقة البديلة يعدّ المفتاح الرئيسي للتنمية.
*بعيداً عن الأردن، كيف تفسر وجود عائدات مالية هامة في العديد من الدول العربية، فيما آفاق التنمية لازالت محدودة؟
في الوطن العربي، يوجد إمكانات مالية كبيرة وعائدات نفطية هامة. الأمر الذي يساعد هذه الدول على تحقيق النمو، لكن في المقابل، لا نجد تنمية حقيقية، والسبب في ذلك، يعود الى سوء توزيع العائدات النفطية والمالية.
في الدول العربية، هناك نسب فقر كبيرة، تزداد سنوياً سواء في العراق، أو في دول خليجية، وذلك برغم ارتفاع معدلات النمو. هذا ما يطرح علامات استفهام. من جهة أخرى، فإن سوء توزيع الثروة، أثر بشكل واضح على الاقتصاد. فقد نما اقتصاد الظل في الدول العربية بنسبة بلغت 40% من حجم الاقتصاد الكلي. ومن المعروف أن انتشار اقتصاد الظل، يؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني، الامر الذي يحتاج الى حل جذري.
*كيف تنظرون الى العلاقة الاوروبية العربية من الناحية الاقتصادية؟ وكيف يمكن برأيكم تطويرها؟
أعتقد أن هناك فعلاً فرصاً للتعاون بين الدول العربية والاوروبية، ولن تتجلى آفاق التعاون الا عن طريق، إعادة النظر باتفاقية الشراكة الاوروبية- العربية. فمن المعروف ان الدول العربية تفاوضت بشكل أحادي بشأن هذه الشراكة، ولم يكن هناك موقف عربي موحد، الأمر الذي يتطلب برأيي، إعادة النظر في هذه الشراكة، وبلورتها وتقييمها وفق الأحداث والتطورات الجديدة التي طرأت على الدول العربية. وأعتقد أنّ من مصلحة الدول العربية أن تتفاوض مجدداً في شأن تطوير آفاق التعاون العربي الاوروبي.
شغلت مناصب عديدة في الأردن، ومنها رئيس مجلس البحوث العلمية، كيف ترى ظاهرة البحوث العلمية في الأردن وفي العالم العربي؟
البحث العلمي في الدول العربية لا يزال ضعيفاً. فنحن حتى الآن لم نصل الى المرحلة التي نعتمد بها على صناعة الأبحاث، واستخدامها، بالرغم من الطاقات العلمية الموجودة. ويعود السبب في ذلك، إلى ضعف الاهتمام الحكومي بالأبحاث العلمية. ونحن في الأردن، بدأنا نهتم بضرورة توفير الأموال اللازمة لمراكز البحث العلمي، نظراً لأهميتها في الاقتصاد. وبالفعل نجح عدد من الطلاب في الأردن في تقديم دراسات هامة حول العديد من المشاريع العلمية كإنتاج الكهرباء.
لعب المجلس الاقتصادي الاجتماعي دوراً كبيراً على صعيد تنمية الاقتصاد الأردني. فقد تم التشاور مع الحكومة في العديد من مشاريع القوانين. وقمنا بدراسة كافة الخطط والبرامج المتعلقة بتنمية الاقتصاد الاردني، بمواجهة الظروف المحيطة عربياً وإقليمياً. فنحن نشارك الحكومة في توجيه السياسة الاقتصادية، لما فيه خير الشعب الأردني.
ومن أبرز الخطط التي تقدمنا بها، كيفية تأمين التوازن في سوق العمل بين الطلب والعرض. وقدمنا توصيات تتعلق بالشأن التعليمي، وحاجات السوق الاردنية. كما أننا عقدنا العديد من الاتفاقيات مع الدول العربية والأجنبية لتبادل الخبرات، الأمر الذي انعكس إيجاباً على الاقتصاد الأردني. كما أننا قدمنا مقترحات خاصة بموضوع رفع الدعم عن المحروقات، وآثارها على الطبقات الاجتماعية، بالإضافة إلى تقديم خطط عن إنتاج الكهرباء، واستخدام الطاقات المتجددة.
*كيف تقيّم مطالب صندوق النقد الدولي بشأن حث الدول العربية على رفع الدعم من أجل ترشيد الإنفاق؟ وكيف تعاملتم مع هذه المسألة في الأردن؟
طالب صندوق النقد الدولي الدول العربية بترشيد الإنفاق وضبط الميزانيات العامة. وبدأت العديد من الدول العربية برفع الدعم عن المحروقات. في مصر، تونس، ونحن في الأردن، بدأنا في هذه الإجراءات، بعد مطالبة صندوق النقد الدولي بخفض نفقات الموازنة، وعلى رأسها بند الدعم.
لكننا في الأردن، لم نرفع الدعم بالشكل الذي يؤثر سلباً على المواطنين الفقراء. فقد راعينا تماماً موضوع ضعف القدرة الشرائية للمواطنين وخصوصاً الطبقات الفقيرة. ونحن في المجلس الاقتصادي الاجتماعي لم نأخذ أي خطوة الا بعد درس تأثيراتها على مختلف فئات المجتمع.
عند رفع الدعم عن المشتقات النفطية، استثنينا بعض الفئات، كالفئات المتوسطة الدخل والفقيرة، عن طريق تقديم مساعدات نقدية. فقد اقترحنا تقديم مساعدات مالية للفقراء في ظل ارتفاع سعر النفط العالمي فوق 96 دولاراً للبرميل. وأما في حال هبط السعر عن 95 دولاراً، فإن المساعدات المالية تتوقف. وبالتالي خففنا من عجز الموازنة، بطريقة تراعي الفقراء.
*تحدثتم عن تقديم مقترحات خاصة بسوق العمل، ماهي هذه المقترحات؟ وما هو تقييم معدلات البطالة في الأردن؟
أولاً، لا بد من الإشارة الى أن الأردن لا يعاني من ارتفاع أعداد العاطلين من العمل. فالوظائف موجودة. لكن المشكلة الأساسية تكمن في غياب التوظيف الصحيح للكادرات التعليمية. يتخرج سنوياً 45 ألف طالب، لا يجدون فرص عمل وفق اختصاصاتهم. والسبب يعود الى أن السوق الاردنية تحتاج الى فنيين، واختصاصيين، أكثر مما تحتاج الى متخرجي جامعات، على أن يكون هولاء الفنيون من ذوي المهارات الفنية العالية. من ناحية أخرى، فإن رجال الأعمال في الأردن، يلجأون في بعض الأوقات الى توظيف عمالة غير أردنية نظراً لانخفاض أجورهم وعدم خضوعهم لقانون العمل الأردني، الأمر الذي يظهر ارتفاعاً في معدلات العاطلين من العمل. لذا وضعنا خططاً لتنويع الاقتصاد الاردني، عن طريق تنمية قطاع الخدمات، الفنادق، السياحة، لجذب الطاقات الشابة الى هذه القطاعات الحيوية.
*يوجد تقارير كثيرة تتناول حجم الخسائر الاقتصادية في الأردن، نتيجة الأزمات الإقليمية، وتأثير النازحين السوريين، أين هي الاموال المقدمة من الدول، والمنح والمساعدات لتخطّي هذه الانعكاسات السلبية؟
بوضوح تام وشفافية، لم يتلقّ الأردن أي منح أو مساعدات مالية. عقدت العديد من المؤتمرات، وجاءت التوصيات بضرورة مساعدة اقتصاد الأردن. الارقام واضحة، الاقتصاد الاردني تأثر بالحرب في سورية، كما تأثر بوجود النازحين. فالنازحون المقيمون في المخيمات لا يتعدون 150 ألف نازح، أما الباقون والذين يصل عددهم الى 800 الف، فموزعون داخل المناطق، الأمر الذي انعكس سلباً على الحياة في الأردن. فقد ارتفعت الإيجارات بشكل كبير، وارتفعت الأسعار، وزادت التكاليف على البنى التحتية. لذا طالبنا بضرورة مساعدة اقتصاد الاردن، الا أننا لم نتلقّ أي مساعدات من تلك التي وُعدنا بها.
*إن أردنا الحديث عن تأثير النازحين السوريين على الاقتصاد الاردني، برأيك كم تبلغ هذه التكلفة؟
بعيداً عن التكاليف المادية والضغط على شبكات البنى التحتية، من الكهرباء والماء، قمنا بدراسة في المجلس الاقتصادي الاجتماعي الأردني، اتضح من خلالها أن تكلفة اللاجئ السوري على الاقتصاد الاردني بين دعم، وزيادة نفقات أمنية، ودعم السلع الأساسية كالخبز والأرز، تصل الى 2000 دولار أميركي سنوياً.
كما لدينا أكثر من 70 ألف طالب سوري مسجل في المدارس الأردنية، يحتاجون الى كوادر تعليمية، وموازنة خاصة، ما يزيد من العبء الاقتصادي. ما يأتي من مساعدات لا يكفي لسد 25% من هذه التكلفة. الأمر الذي يعتبر مشكلة صعبة فعلاً في الأردن، لذا ينبغي حث الدول على تقديم المساعدات المالية، لأن قدرات وإمكانات الاردن لا تكفي لتحمل هذه التكاليف.
*هل يعاني الأردن إذاً ارتفاع التكاليف المعيشية؟ ماذا عن ارتفاع الأسعار؟
منذ الأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008، بدأ الاقتصاد الاردني يعاني من المشكلات. والسبب يعود الى أن اقتصادنا يعتمد على الخارج وخصوصاً على العائدات المالية لدول الخليج والاستثمارات الخليجية، إذ إن 60 أو 70% من الاستثمار الأجنبي في الاردن مصدره خليجي. وعند انتهاء الازمة، وعودة ارتفاع أسعار النفط العالمية، بدأ الربيع العربي، وتوقفت جميع الاستثمارات. وهنا لابد من الاشارة الى أن الاقتصاد الاردني تأثر كثيراً بمجريات ما يحصل، خصوصاً أن الطرق البرية أصبحت شبه مغلقة، وهذا ما ساهم في زيادة الاعباء المعيشية على المواطنين.
من جهة أخرى، ارتفعت الاسعار بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء والمحروقات على المنتجين، حيث ارتفعت كلفة الانتاج، الأمر الذي إنعكس على الأسعار بشكل عام.
* تعد الطاقة من أبرز التحديات التي تواجه الدول العربية، كيف يسعى الاردن بشكل خاص الى تطوير هذا القطاع؟
لا شك أن مشكلة الطاقة في الدول العربية من أبرز المشاكل، ويعود السبب في رأيي الى غياب الوعي لدى القيمين، بأهمية تطوير قطاع الطاقة، وخاصة الطاقة المتجددة.
الجميع يتحدث عن العائدات النفطية، واليوم نحن أمام انخفاض في أسعار النفط. وهنا أريد أن أسأل، هل بمحض الصدفة أن معظم المعارك الدامية اليوم تجري فوق ينابيع النفط الخام؟ لماذا بدأ الحديث عن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة تزامناً مع ما يجري في الدول العربية؟ وهل بالصدفة بدأت أسعار النفط بالهبوط؟
أعتقد أن هذه إشارات هامة على الدول العربية الانتباه اليها، والعمل على بدء تنويع مصادر الطاقة لديها. في الدول العربية هناك بمصادر هوائية هامة، تجعلنا قادرين على إنتاج الطاقة المتجددة. ففي الاردن على سبيل المثال، واجهنا مشكلة كبيرة تتعلق بتوقف إمدادات الغاز المصري، ودفعنا تكاليف تناهز المليار دينار إضافي سنوياً من أجل تأمين الكهرباء، الامر الذي دفع الحكومة الى إعادة النظر بالكلفة.
وبموجب الخطة التي وضعت، بدأنا بتنويع مصادر الطاقة، كبناء محطة غاز، اللجوء الى الطاقة المتجددة، هناك منطقة تسمى"طفيلة" تستطيع تزويد الاردن بطاقة رياح تكفيه لإنتاج الكهرباء وتزويد الاردن بالطاقة 24 ساعة، لذا فإن انتاج الطاقة البديلة يعدّ المفتاح الرئيسي للتنمية.
*بعيداً عن الأردن، كيف تفسر وجود عائدات مالية هامة في العديد من الدول العربية، فيما آفاق التنمية لازالت محدودة؟
في الوطن العربي، يوجد إمكانات مالية كبيرة وعائدات نفطية هامة. الأمر الذي يساعد هذه الدول على تحقيق النمو، لكن في المقابل، لا نجد تنمية حقيقية، والسبب في ذلك، يعود الى سوء توزيع العائدات النفطية والمالية.
في الدول العربية، هناك نسب فقر كبيرة، تزداد سنوياً سواء في العراق، أو في دول خليجية، وذلك برغم ارتفاع معدلات النمو. هذا ما يطرح علامات استفهام. من جهة أخرى، فإن سوء توزيع الثروة، أثر بشكل واضح على الاقتصاد. فقد نما اقتصاد الظل في الدول العربية بنسبة بلغت 40% من حجم الاقتصاد الكلي. ومن المعروف أن انتشار اقتصاد الظل، يؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني، الامر الذي يحتاج الى حل جذري.
*كيف تنظرون الى العلاقة الاوروبية العربية من الناحية الاقتصادية؟ وكيف يمكن برأيكم تطويرها؟
أعتقد أن هناك فعلاً فرصاً للتعاون بين الدول العربية والاوروبية، ولن تتجلى آفاق التعاون الا عن طريق، إعادة النظر باتفاقية الشراكة الاوروبية- العربية. فمن المعروف ان الدول العربية تفاوضت بشكل أحادي بشأن هذه الشراكة، ولم يكن هناك موقف عربي موحد، الأمر الذي يتطلب برأيي، إعادة النظر في هذه الشراكة، وبلورتها وتقييمها وفق الأحداث والتطورات الجديدة التي طرأت على الدول العربية. وأعتقد أنّ من مصلحة الدول العربية أن تتفاوض مجدداً في شأن تطوير آفاق التعاون العربي الاوروبي.
شغلت مناصب عديدة في الأردن، ومنها رئيس مجلس البحوث العلمية، كيف ترى ظاهرة البحوث العلمية في الأردن وفي العالم العربي؟
البحث العلمي في الدول العربية لا يزال ضعيفاً. فنحن حتى الآن لم نصل الى المرحلة التي نعتمد بها على صناعة الأبحاث، واستخدامها، بالرغم من الطاقات العلمية الموجودة. ويعود السبب في ذلك، إلى ضعف الاهتمام الحكومي بالأبحاث العلمية. ونحن في الأردن، بدأنا نهتم بضرورة توفير الأموال اللازمة لمراكز البحث العلمي، نظراً لأهميتها في الاقتصاد. وبالفعل نجح عدد من الطلاب في الأردن في تقديم دراسات هامة حول العديد من المشاريع العلمية كإنتاج الكهرباء.