03 يوليو 2019
جواسيس
إسرائيل تتجسس على أميركا، وعلى خمسة من الدول الكبرى، فتغضب إدارة الرئيس بارك أوباما، لأن الفعل استهدف، على ما قال مسؤولون أميركيون، تسريب معلومات إلى أعضاء الكونغرس عن أي اتفاق محتمل مع إيران في شأن ملفها النووي، وإحباطه، قبل أن يحين أوان التوقيع عليه.
ماذا عن الفعل بحد ذاته، أو بمعناه المجرد، بعيداً عن المراد منه، ولماذا تُحجم الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، بما فيها الولايات المتحدة، ومعها ألمانيا، عن اتخاذ أي إجراء عقابي، بحق إسرائيل، بعدما اكتشفت تورط جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) في اختراق نشاطها الديبلوماسي، على صعيد واحدة من أهم القضايا التي تشغل المجتمع الدولي؟!.
لا جواب على أسئلة كهذه، حتى بعد مرور يوم كامل على الفضيحة، ولا إجراءات، من أي نوع. لا استدعاء لسفراء إسرائيل في الدول المنتهكة دبلوماسيتها، ولا رسائل احتجاج، ولا تصريحات، سوى الصادرة عن مسؤولين أميركيين امتنعوا عن ذكر أسمائهم، حرجاً، أو خوفاً ربما، وبدت، في مجملها وتفاصيلها، نوعاً من استئناف التراشق اللفظي بين واشنطن وتل أبيب، منذ خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمام الكونغرس، بالضد من رغبة رئيس الولايات المتحدة.
رد الفعل الهادئ، أو المتعقل، هذا، يعيد التذكير، بداهة، بعشرات من قصص تجسس إسرائيل على حلفائها الأميركيين، وسطوها على أرشيفهم، كما في قصة الجاسوس جوناثان بولارد، المسجون في الولايات المتحدة منذ عام 1987، بعدما دين بنقل ألوف الوثائق إلى إسرائيل عن نشاط الاستخبارات الأميركية في العالم العربي، وكذا انتهاك "الموساد" سيادة دول أوروبية عدة وأمنها، بعمليات اغتيال وخطف سياسيين ونشطاء فلسطينيين في لندن وباريس وروما وأثينا، من دون أن يؤدي ذلك إلى مراجعة علاقات التحالف معها، أو تقليص الدعم اللامحدود الذي تتلقاه، تحت ذريعة التكفير عن عقدة الذنب الأوروبية نحو اليهود.
ولئن كانت تلك هي حال إسرائيل مع حلفائها، وأصدقائها، ومن يهجسون بأمنها، ليل نهار، فإن المرء لا يحتاج خيالاً واسعاً، لكي يعرف ماذا يمكن لأجهزة استخباراتها، وأذرعها الأمنية، أن تفعل في الدول العربية، ذلك أن الواقع يزخر بأمثلةٍ، أشد غرابة من الكوابيس، منها أن الرقابة العسكرية الإسرائيلية، سمحت، الأسبوع الماضي، بالإفراج عن وثائق قديمة تتحدث عن سماح المغرب لجهاز "الموساد"، في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، بالتجسس مباشرة على القمة العربية التي انعقدت في الرباط عام 1965، والتي ناقشت خطة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر لشن حرب على إسرائيل، وخلصت إلى أن الجيوش العربية ليست جاهزة لهذه المهمة، ثم كان ما كان، حين شنت إسرائيل الحرب على العرب، وهزمتهم جميعاً عام 1967.
في مثال آخر، تفرد صفحات التاريخ حيزاً كبيراً أيضا لقصة الجاسوس الإسرائيلي، إيلي كوهين، الذي اخترق القيادة السورية، في النصف الأول من ستينيات القرن الماضي، ويقال إن الرئيس أمين الحافظ كاد أن يكلفه بوزارة الدفاع، لولا اكتشافه مصادفة وإعدامه، كما يقال، على ذمة معارضين سوريين قدامى، إنه تمكن، آنذاك، من تجنيد الضابط حافظ الأسد، الذي صار لاحقاً وزير الدفاع، واحتلت إسرائيل هضبة الجولان، لدى توليه هذا المنصب، ثم انقلب على رفاقه، وتولى حكم سورية، ثلاثين سنة، قبل أن يورثه لابنه الرئيس الحالي، بشار الأسد.
وفي التاريخ الأحدث، لحكايات تجسس إسرائيل على الدول العربية، تحضر أيضاً قصة الجاسوس عزام عزام الذي دانته محكمة مصرية عام 1997، وأطلق الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك، سراحه بموجب صفقة أبرمها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، إرييل شارون، عام 2004.
لكن ذلك ليس كل شيء، والعرب الذين قالوا قديماً إن "المخفي أعظم" يدرك أحفادهم، الآن، أن وراء هذا الصمت الدولي على مذابح الطغاة العرب بحق شعوبهم ما وراءه.
ماذا عن الفعل بحد ذاته، أو بمعناه المجرد، بعيداً عن المراد منه، ولماذا تُحجم الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، بما فيها الولايات المتحدة، ومعها ألمانيا، عن اتخاذ أي إجراء عقابي، بحق إسرائيل، بعدما اكتشفت تورط جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) في اختراق نشاطها الديبلوماسي، على صعيد واحدة من أهم القضايا التي تشغل المجتمع الدولي؟!.
لا جواب على أسئلة كهذه، حتى بعد مرور يوم كامل على الفضيحة، ولا إجراءات، من أي نوع. لا استدعاء لسفراء إسرائيل في الدول المنتهكة دبلوماسيتها، ولا رسائل احتجاج، ولا تصريحات، سوى الصادرة عن مسؤولين أميركيين امتنعوا عن ذكر أسمائهم، حرجاً، أو خوفاً ربما، وبدت، في مجملها وتفاصيلها، نوعاً من استئناف التراشق اللفظي بين واشنطن وتل أبيب، منذ خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمام الكونغرس، بالضد من رغبة رئيس الولايات المتحدة.
رد الفعل الهادئ، أو المتعقل، هذا، يعيد التذكير، بداهة، بعشرات من قصص تجسس إسرائيل على حلفائها الأميركيين، وسطوها على أرشيفهم، كما في قصة الجاسوس جوناثان بولارد، المسجون في الولايات المتحدة منذ عام 1987، بعدما دين بنقل ألوف الوثائق إلى إسرائيل عن نشاط الاستخبارات الأميركية في العالم العربي، وكذا انتهاك "الموساد" سيادة دول أوروبية عدة وأمنها، بعمليات اغتيال وخطف سياسيين ونشطاء فلسطينيين في لندن وباريس وروما وأثينا، من دون أن يؤدي ذلك إلى مراجعة علاقات التحالف معها، أو تقليص الدعم اللامحدود الذي تتلقاه، تحت ذريعة التكفير عن عقدة الذنب الأوروبية نحو اليهود.
ولئن كانت تلك هي حال إسرائيل مع حلفائها، وأصدقائها، ومن يهجسون بأمنها، ليل نهار، فإن المرء لا يحتاج خيالاً واسعاً، لكي يعرف ماذا يمكن لأجهزة استخباراتها، وأذرعها الأمنية، أن تفعل في الدول العربية، ذلك أن الواقع يزخر بأمثلةٍ، أشد غرابة من الكوابيس، منها أن الرقابة العسكرية الإسرائيلية، سمحت، الأسبوع الماضي، بالإفراج عن وثائق قديمة تتحدث عن سماح المغرب لجهاز "الموساد"، في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، بالتجسس مباشرة على القمة العربية التي انعقدت في الرباط عام 1965، والتي ناقشت خطة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر لشن حرب على إسرائيل، وخلصت إلى أن الجيوش العربية ليست جاهزة لهذه المهمة، ثم كان ما كان، حين شنت إسرائيل الحرب على العرب، وهزمتهم جميعاً عام 1967.
في مثال آخر، تفرد صفحات التاريخ حيزاً كبيراً أيضا لقصة الجاسوس الإسرائيلي، إيلي كوهين، الذي اخترق القيادة السورية، في النصف الأول من ستينيات القرن الماضي، ويقال إن الرئيس أمين الحافظ كاد أن يكلفه بوزارة الدفاع، لولا اكتشافه مصادفة وإعدامه، كما يقال، على ذمة معارضين سوريين قدامى، إنه تمكن، آنذاك، من تجنيد الضابط حافظ الأسد، الذي صار لاحقاً وزير الدفاع، واحتلت إسرائيل هضبة الجولان، لدى توليه هذا المنصب، ثم انقلب على رفاقه، وتولى حكم سورية، ثلاثين سنة، قبل أن يورثه لابنه الرئيس الحالي، بشار الأسد.
وفي التاريخ الأحدث، لحكايات تجسس إسرائيل على الدول العربية، تحضر أيضاً قصة الجاسوس عزام عزام الذي دانته محكمة مصرية عام 1997، وأطلق الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك، سراحه بموجب صفقة أبرمها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، إرييل شارون، عام 2004.
لكن ذلك ليس كل شيء، والعرب الذين قالوا قديماً إن "المخفي أعظم" يدرك أحفادهم، الآن، أن وراء هذا الصمت الدولي على مذابح الطغاة العرب بحق شعوبهم ما وراءه.