استبقت الحكومة في دولة جنوب السودان عملية السلام الجارية في العاصمة الإثيوبية في أديس أبابا للتوصل إلى اتفاق نهائي يوقف الحرب، لتمدّد لنفسها في الحكم لعامين آخريين، الأمر الذي عدّه معارضوها انقلاباً على الدستور والتفافاً على السلام.
واتخذ مجلس الوزراء في جوبا، يوم الجمعة الماضية، قراراً بالإجماع، قضى بإرجاء العملية الانتخابية إلى عام 2017. وكان يفترض أن تنطلق الانتخابات في الأول من يوليو/تموز المقبل، كما نص عليها الدستور، وهي الأولى من نوعها بعد انفصال الجنوب، وإعلان دولته المستقلة في 2011.
وأكّدت مصادر مطلعة فضلت عدم نشر اسمها، لـ "العربي الجديد"، أنّ "جوبا تعيش أزمة مالية حادة، وهي فشلت تماماً في تأمين المبالغ المطلوبة لإجراء الانتخابات، بحيث تخطّت ميزانيتها الخمسمائة مليون جنيه محلي (163.33 مليون دولار)، فضلاً عن رفض المجتمع الدولي والإقليمي تمويلها في ظل استمرار الحرب. هذا إلى جانب تأثر ميزانية الحكومة بالإنفاق على الحرب، وتراجع إنتاجية النفط إلى النصف، وتراجع أسعاره عالمياً، الأمر الذي أثر في قدرة الحكومة على توفير مرتبات العاملين لديها لأكثر من شهر".
بدوره، هاجم رئيس الحركة "الشعبية للتغيير الديمقراطي" المعارضة، دلام أكول، خطوة الحكومة بتأجيل الانتخابات، وقال لـ "العربي الجديد" إن "الإجراء برمته غير دستوري، وليس من حق الحكومة أن تمدد لنفسها، وتستبق عمليات السلام الجارية بينها وبين الحركة "الشعبية" المسلحة بقيادة رياك مشار". وأوضح أن "الحكومة تريد أن تمنح نفسها شرعية غير موجودة، وكانت تطمح إلى أن تأخذها من خلال الانتخابات. لكن الطعن الذي تقدمنا به إلى المحكمة عطل ذلك، خاصة أن المحكمة قبلت الطعن في قرار مفوضية الانتخابات بإجراء الانتخابات في يوليو/تموز المقبل، من حيث الشكل، وطالبت الحكومة بالرد والمثول أمامها في الثالث من مارس/آذار المقبل". وأضاف "واضح أن الحكومة أرادت أن تلتف على إجراءات الدعوة، وتقول إنها أجّلت الانتخابات".
غير أنّ وزير الإعلام الجنوبي مايكل مكواي سخر من رئيس الحركة وحديثه، ووصفه بـ "المهرج في الصف". وقال لـ "العربي الجديد" إن "قرار الحكومة لا علاقة له بالطعن الذي قُدّم من حركة لام أكول في المحكمة، وإنما جاء لتأكيد التزام الحكومة بالتوصل إلى اتفاق سلام قبل المهلة التي حُدّدت في الخامس من مارس/آذار المقبل".
وأوضح "ونريد من خلال قرار التأجيل أن نتحاشى أي فراغ دستوري يمكن أن يقع في حال لم نتوصل الى اتفاق خلال المهلة المحددة، لا سيما أنّه وفقاً للدستور، يُفترض أن يتم حلّ كل مؤسسات الحكومة في أواخر مارس/آذار المقبل للاستعداد إلى الانتخابات".
في المقابل، أكّدت الحركة "الشعبية" المسلّحة أنّ خطوة الحكومة لا تعنيها، باعتبار أن سقف مطالبها هو إسقاط نظام سلفاكير. وقال القيادي في الحركة يوهانس موسى لـ "العربي الجديد" إنّ ما قام به سلفاكير هو محاولة لعدم خسارة المزيد من أنصاره، إضافة إلى أن الوضع الأمني لا يسمح له بإجراء الانتخابات، "لأننا نسيطر على معظم المناطق الجنوبية". وأوضح أنّه "في ولاية الوحدة، تسيطر جوبا على مقاطعة واحدة فقط. وفي أعالي النيل، تسيطر الحكومة على أربع مقاطعات فقط من أصل 13، فيما يقع الجزء الأكبر من جونقلي تحت سيطرتنا".
واعتبر موسى أنّ إعلان رئيس حركة "كوبرا" ديفيد ياوياو، انضمامه إلى مجموعة رياك مشار، بمثابة صدمة لجوبا، باعتبار أن ياوياو وقّع العام الماضي اتفاقية سلام مع الحكومة، بموجبها مُنحت البيبور حكماً ذاتياً. وأضاف أن الخيارات أمام سلفاكير بدأت تنفد لذا لجأ إلى التمديد، خاصة أن فرص السلام في الوقت الراهن ضعيفة جداً".
تضاؤل فرص السلام
ويرى مراقبون أن مسودة الاتفاق الأخيرة التي وقّع عليها سلفاكير ورياك مشار في أديس أبابا بضغط من الهيئة الحكومية لتنمية دول شرق أفريقيا "إيغاد" في بداية الشهر الحالي أجّجت الحرب من جديد بدلاً من إطفائها، خصوصاً بعد الهدوء النسبي الذي ساد بعد الاتفاق الذي أبرم في أروشا التنزانية. غير أنّ الاتفاق الأخير تجاهل اتفاق أروشا الذي كان من المفترض أن يكون جزءاً منها.
وبحسب المحلل والباحث الجنوبي دينق دينق لـ "العربي الجديد"، فإنّ المسودة الأخيرة حملت ارتباكاً واضحاً لدى "إيغاد" لا سيما أنها لم تتبن اتفاق أروشا. وقال "هناك صراع داخل إيغاد باستراتيجيات ومصالح محددة عمدت لتقليص أهمية اتفاق أروشا". واعتبر الخرطوم لاعباً أساسياً في إضعاف اتفاق أروشا، لأنّها لا تريد للحركة الشعبية أن تتوحّد.
لكن الخرطوم أكّدت حرصها على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لجنوب السودان، وإحلال السلام، وأقرّت في الوقت نفسه أن مسودة الاتفاق الأخيرة مسار الجدل حملت جميع الاقترحات التي دفع بها الرئيس السوداني عمر البشير إلى "إيغاد"، على حدّ تعبير وزير الدولة في الخارجية السودانية كمال إسماعيل.
ولا يسود تفاؤل بنجاح الأفرقاء في التوصّل إلى سلام خلال المهلة الرابعة. واستبعد رئيس جمعية الأخوة السودانية "الشمالية /الجنوبية " محجوب محمد صالح، توصل الفرقاء الجنوبيين إلى اتفاق سلام في نهاية المهلة الأخيرة التي حددتها "إيغاد" في الخامس من مارس/آذار. وأوضح أنّ "كل التصريحات التي صدرت بعد الاتفاق من الطرفين ناقضته تماماً، فقد أعلن سلفاكير أنّه لن يقبل بمشار نائباً له، فيما شدّدت مجموعة مشار على سحب سلطات الرئيس سلفاكير. كما رفضت تماماً حل جيشها إبان الفترة الانتقالية، وهو ما تصرّ عليه جوبا".
واتخذ مجلس الوزراء في جوبا، يوم الجمعة الماضية، قراراً بالإجماع، قضى بإرجاء العملية الانتخابية إلى عام 2017. وكان يفترض أن تنطلق الانتخابات في الأول من يوليو/تموز المقبل، كما نص عليها الدستور، وهي الأولى من نوعها بعد انفصال الجنوب، وإعلان دولته المستقلة في 2011.
وأكّدت مصادر مطلعة فضلت عدم نشر اسمها، لـ "العربي الجديد"، أنّ "جوبا تعيش أزمة مالية حادة، وهي فشلت تماماً في تأمين المبالغ المطلوبة لإجراء الانتخابات، بحيث تخطّت ميزانيتها الخمسمائة مليون جنيه محلي (163.33 مليون دولار)، فضلاً عن رفض المجتمع الدولي والإقليمي تمويلها في ظل استمرار الحرب. هذا إلى جانب تأثر ميزانية الحكومة بالإنفاق على الحرب، وتراجع إنتاجية النفط إلى النصف، وتراجع أسعاره عالمياً، الأمر الذي أثر في قدرة الحكومة على توفير مرتبات العاملين لديها لأكثر من شهر".
بدوره، هاجم رئيس الحركة "الشعبية للتغيير الديمقراطي" المعارضة، دلام أكول، خطوة الحكومة بتأجيل الانتخابات، وقال لـ "العربي الجديد" إن "الإجراء برمته غير دستوري، وليس من حق الحكومة أن تمدد لنفسها، وتستبق عمليات السلام الجارية بينها وبين الحركة "الشعبية" المسلحة بقيادة رياك مشار". وأوضح أن "الحكومة تريد أن تمنح نفسها شرعية غير موجودة، وكانت تطمح إلى أن تأخذها من خلال الانتخابات. لكن الطعن الذي تقدمنا به إلى المحكمة عطل ذلك، خاصة أن المحكمة قبلت الطعن في قرار مفوضية الانتخابات بإجراء الانتخابات في يوليو/تموز المقبل، من حيث الشكل، وطالبت الحكومة بالرد والمثول أمامها في الثالث من مارس/آذار المقبل". وأضاف "واضح أن الحكومة أرادت أن تلتف على إجراءات الدعوة، وتقول إنها أجّلت الانتخابات".
غير أنّ وزير الإعلام الجنوبي مايكل مكواي سخر من رئيس الحركة وحديثه، ووصفه بـ "المهرج في الصف". وقال لـ "العربي الجديد" إن "قرار الحكومة لا علاقة له بالطعن الذي قُدّم من حركة لام أكول في المحكمة، وإنما جاء لتأكيد التزام الحكومة بالتوصل إلى اتفاق سلام قبل المهلة التي حُدّدت في الخامس من مارس/آذار المقبل".
وأوضح "ونريد من خلال قرار التأجيل أن نتحاشى أي فراغ دستوري يمكن أن يقع في حال لم نتوصل الى اتفاق خلال المهلة المحددة، لا سيما أنّه وفقاً للدستور، يُفترض أن يتم حلّ كل مؤسسات الحكومة في أواخر مارس/آذار المقبل للاستعداد إلى الانتخابات".
في المقابل، أكّدت الحركة "الشعبية" المسلّحة أنّ خطوة الحكومة لا تعنيها، باعتبار أن سقف مطالبها هو إسقاط نظام سلفاكير. وقال القيادي في الحركة يوهانس موسى لـ "العربي الجديد" إنّ ما قام به سلفاكير هو محاولة لعدم خسارة المزيد من أنصاره، إضافة إلى أن الوضع الأمني لا يسمح له بإجراء الانتخابات، "لأننا نسيطر على معظم المناطق الجنوبية". وأوضح أنّه "في ولاية الوحدة، تسيطر جوبا على مقاطعة واحدة فقط. وفي أعالي النيل، تسيطر الحكومة على أربع مقاطعات فقط من أصل 13، فيما يقع الجزء الأكبر من جونقلي تحت سيطرتنا".
واعتبر موسى أنّ إعلان رئيس حركة "كوبرا" ديفيد ياوياو، انضمامه إلى مجموعة رياك مشار، بمثابة صدمة لجوبا، باعتبار أن ياوياو وقّع العام الماضي اتفاقية سلام مع الحكومة، بموجبها مُنحت البيبور حكماً ذاتياً. وأضاف أن الخيارات أمام سلفاكير بدأت تنفد لذا لجأ إلى التمديد، خاصة أن فرص السلام في الوقت الراهن ضعيفة جداً".
تضاؤل فرص السلام
ويرى مراقبون أن مسودة الاتفاق الأخيرة التي وقّع عليها سلفاكير ورياك مشار في أديس أبابا بضغط من الهيئة الحكومية لتنمية دول شرق أفريقيا "إيغاد" في بداية الشهر الحالي أجّجت الحرب من جديد بدلاً من إطفائها، خصوصاً بعد الهدوء النسبي الذي ساد بعد الاتفاق الذي أبرم في أروشا التنزانية. غير أنّ الاتفاق الأخير تجاهل اتفاق أروشا الذي كان من المفترض أن يكون جزءاً منها.
وبحسب المحلل والباحث الجنوبي دينق دينق لـ "العربي الجديد"، فإنّ المسودة الأخيرة حملت ارتباكاً واضحاً لدى "إيغاد" لا سيما أنها لم تتبن اتفاق أروشا. وقال "هناك صراع داخل إيغاد باستراتيجيات ومصالح محددة عمدت لتقليص أهمية اتفاق أروشا". واعتبر الخرطوم لاعباً أساسياً في إضعاف اتفاق أروشا، لأنّها لا تريد للحركة الشعبية أن تتوحّد.
لكن الخرطوم أكّدت حرصها على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لجنوب السودان، وإحلال السلام، وأقرّت في الوقت نفسه أن مسودة الاتفاق الأخيرة مسار الجدل حملت جميع الاقترحات التي دفع بها الرئيس السوداني عمر البشير إلى "إيغاد"، على حدّ تعبير وزير الدولة في الخارجية السودانية كمال إسماعيل.
ولا يسود تفاؤل بنجاح الأفرقاء في التوصّل إلى سلام خلال المهلة الرابعة. واستبعد رئيس جمعية الأخوة السودانية "الشمالية /الجنوبية " محجوب محمد صالح، توصل الفرقاء الجنوبيين إلى اتفاق سلام في نهاية المهلة الأخيرة التي حددتها "إيغاد" في الخامس من مارس/آذار. وأوضح أنّ "كل التصريحات التي صدرت بعد الاتفاق من الطرفين ناقضته تماماً، فقد أعلن سلفاكير أنّه لن يقبل بمشار نائباً له، فيما شدّدت مجموعة مشار على سحب سلطات الرئيس سلفاكير. كما رفضت تماماً حل جيشها إبان الفترة الانتقالية، وهو ما تصرّ عليه جوبا".