وتزامن ذلك مع الإعلان عن مجموعة تعيينات خلال الجلسة الحكومية التي يرأسها رئيس الجمهورية اليوم الأربعاء. وينص العرف الدستوري المُعتمد في لبنان على تسمية رئيس الجمهورية، وهو رئيس المجلس الأعلى للدفاع، لاسم القائد على أن يكون مسيحياً مُنتمياً للطائفة المارونية.
كما تناقش الحكومة 40 بنداً إضافيا أبرزها التعيينات العسكرية والأمنية والقضائية ومشروع قانون خاص بالأحكام الضريبية المتعلقة بالأنشطة البترولية. وسبق الجلسة خلوة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، سعد الحريري، تم في خلالها عرض الأوضاع العامة وآخر المستجدات.
وشهدت الحكومة السابقة برئاسة تمام سلام خلافات واسعة في ملف التعيينات الأمنية والعسكرية أدت لتعطيلها، وهو ما أدى لتمديد ولايات قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية لأكثر من مرة تفادياً لوقوع أي شغور في ظل الحرب الأمنية التي يخوضها لبنان ضد التنظيمات التي عملت على استهدافه، كتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، و"جبهة النصرة".
ويكون بذلك قد انطبع التوافق السياسي في لبنان على أكتاف قائد اللواء التاسع في الجيش اللبناني اللواء جوزيف عون، الذي ينتظر إضافة نجمة مُكللة ثالثة على كتفه، ليصبح العماد جوزيف عون، قائد الجيش اللبناني. وولد العماد جوزيف عون عام 1963، وتخرج من الكلية الحربية عام 1985 برتبة ملازم من فوج المغاوير. وتدرج في الهرم العسكري إلى أن حمل رتبة عميد عام 2013.
أما اليوم فيرأس العماد عون المؤسسة العسكرية كقائد أصيل للجيش، هو الرابع منذ توقيع اتفاق الطائف عام 1989. ولا تغيب عن الأذهان المفارقة التي تجمع اسم العماد جوزيف عون برئيس الجمهورية ميشال عون، وهو آخر قائد للجيش قبل توقيع الطائف.
في الشكل يحمل تعيين عون قائداً للجيش توقيع رئيس الجمهورية بصفته أيضاً رئيس المجلس الأعلى للدفاع، في ترجمة عملية للعرف الدستوري الذي يضع صلاحية التعيين بيد الرئيس الذي يختار ضابطاً مسيحياً من الطائفة المارونية لتولي قيادة الجيش.
لكن مضمون هذا التعيين لا يُمكن أن يبتعد عن جُملة العوامل التي تحكم اختيار الاسم، ومنها توافق القوى السياسية الطائفية المُختلفة عليه، أو أقله عدم اعتراضها. فإلى جانب موافقات ضمنية لأطراف أُخرى تتحكم أو تهتم بمسار التطورات الميدانية في لبنان، كـ"حزب الله" صاحب الانتشار العسكري داخل لبنان وفي المنطقة، والقوى الدولية الكبرى التي تنظر إلى لبنان كإحدى جبهات قتال التنظيمات المصنفة إرهابية كـ"جبهة النصرة" و"الدولة الإسلامية" (داعش) على الحدود مع سورية، وكجبهة مُجمدة مع العدو الإسرائيلي الحاضر على الحدود الجنوبية في فلسطين المُحتلة.
ويجمع العماد الجديد في سيرته الذاتية بين سورية والولايات المُتحدة من خلال الدورات العسكرية الخارجية التي تابعها في البلدين، وتنوعت بين "دورة الصاعقة" السورية الشهيرة، ودورة "مكافحة الإرهاب" في الولايات المُتحدة. وقد أكسبته مسيرته العسكرية إتقان اللغات الإنكليزية والفرنسية والإسبانية إلى جانب اللغة العربية، وهو ما سيُسهل تواصله مع قادة قوة حفظ السلام التابعة للأمم المُتحدة والعاملة في الجنوب اللبناني.
وساهم القائد الجديد في تطوير انتشار قوات الجيش على الحدود الشرقية من خلال قيادة الفوج التاسع الذي ينتشر في عرسال وجرودها منذ اندلاع المعركة مع عناصر "جبهة النصرة" و"داعش" عام 2014، والتي لم تنته فصولها بعد مع استمرار احتجاز "داعش" لتسعة عسكريين مجهولي المصير.
جبهات داخلية أيضاً
وإلى جانب الملف الحدودي مع سورية ومع فلسطين المحتلة، سيتعين على العماد عون متابعة ملفات داخلية عديدة تشتبك فيها الجوانب العسكرية مع الجوانب السياسية. ومنها ملف المخيمات الفلسطينية في لبنان، في ضوء التطورات الأخيرة في مخيم عين الحلوة الذي تؤكد مصادر محلية أنه يتجه نحو تصعيد أمني بسبب الخلافات الداخلية الفلسطينية التي تُضاف إلى التعاطي الأمني الرسمي اللبناني مع ملفه، دون متابعة الجوانب الإجتماعية والصحية لقاطنيه.
وفي محافظة البقاع شرقي لبنان، يُنتظر أن يتابع عون الخطط الأمنية التي وضعتها وزارتا الداخلية والدفاع لمكافحة جرائم السرقة والخطف وزراعة وتجارة المخدرات. ويتزامن تعيين عون مع توسيع نشاط "برنامج التعاون العسكري - المدني" الذي تموله دول أوروبية مُختلفة ويهدف لتحسين العلاقة بين المؤسسة العسكرية والمُجتمعات المحلية في لبنان.
وبحكم العُرف أيضاً، ينضم جوزيف عون، اليوم، وبشكل ضمني إلى نادي مرشحي رئاسة الجمهورية.