30 مايو 2019
جوع من نوع جديد
علي خيري (مصر)
الجوع وما أدراك ما الجوع، هو كائن جبار لطالما دك عروشاً، ظن راكبوها أنهم في مأمن من أيدي الشعوب، نُسبت إليه ثورات وفورات عديدة، اتهمه ناس كثيرون بالكفر، فقالوا إن الجوع كافر، وبرّروا لمن يتلبسهُ الجوع جميع الأفعال، حتى أنهم أعفوه من حد السرقة.
دفع الجوع الناس في بعض العصور إلى أكل الكلاب والقطط، وإلى اصطياد الضعفاء منهم وأكلهم، وعندما أفكر في السبب الذي جعل الإنسان يأكل أمعاء الحيوانات، مثلا، لا أجد سببا إلا الجوع، وأظن أنه وما يشبهه من أكلات، لا تنتج إلا من المجاعات.
لم نعرف، في العصور السابقة، إلا شكلا واحدا للجوع، لطالما تمثل لنا في صورة نُدرة الطعام الذي ينتج عنه مجاعة، هذه هي الصورة المعهودة للجوع العام. أما الآن فإننا نعيش في مصرنا الحبيبة نوعاً جديد من الجوع، استطاعت أنظمتنا أن تضيفه إلى قائمة أنواع الجوع، جوعنا، يا سادة، لا يمت لندرة الطعام بصلة، فالطعام من الممكن أن يكون موجوداً بوفرة، لكنه طعام ملوث أو مسرطن أو غير معلوم المصدر، فقمحنا مسرطن، وسمكنا وليد مزارع تطعمه أحشاء الدجاج، وإذا ذهبت إلى الجزار لا تدري هل سيبيع لك لحم حمار أم حصان أم كلب؟ وكذلك إذا جلست لتأكل في أفضل المطاعم، لا تدري ما الحيوان الذي يقدم لك من لحمه على المائدة؟
نحن في حصار من الطعام الملوث الذي يحيط بنا من كل جانب، فعلى الرغم من غلاء سعره، فإن نفسك لا تطاوعك إلى الامتداد إليه فماذا نفعل؟
ذكّرني ما وصل إليه حالنا بالشاعر، عندما قال :كالْعِيسِ فِي الْبَيْدَاءِ يَقْتُلُهَا الظَّمَا/ وَالْمَاءُ فَوْقَ ظُهُورِهَا مَحْمُولُ .
إن أشفقت على هذه الجمال، عليك أن تشفق علينا، نحن المصريين، بصورة أكبر، فالجمال تحمل هنا ماءً نقيا صالحا للشرب، أما نحن فليس أمامنا إلا الفاسد أو المسرطن من الطعام أو الماء .
ما أعرفه أن مطالب أي شعب، بالنسبة لطعامه، يتلخص في أن توفر له الحكومة طعاماً بسعر مناسب، أما نحن فسنثقل كاهل حكومتنا بطلب آخر إضافي بسيط: نريد طعاما نظيفا غير ملوث أو مسرطن، نريد رقابه حقيقية على الأسواق، لنعلم ماذا نأكل، هل من الممكن أن نأكل طعامنا من دون خوف؟
أتكلم هنا عن جوع من نوع خاص، تسلل إلى الطبقات القادرة من المجتمع، أما باقي طبقات المجتمع، وهي الكثرة الغالبة منه، فتتعرض لأنواع الجوع مجتمعه، كأنها قد تعاهدت ألا تجعلها تشبع أبداً.
دفع الجوع الناس في بعض العصور إلى أكل الكلاب والقطط، وإلى اصطياد الضعفاء منهم وأكلهم، وعندما أفكر في السبب الذي جعل الإنسان يأكل أمعاء الحيوانات، مثلا، لا أجد سببا إلا الجوع، وأظن أنه وما يشبهه من أكلات، لا تنتج إلا من المجاعات.
لم نعرف، في العصور السابقة، إلا شكلا واحدا للجوع، لطالما تمثل لنا في صورة نُدرة الطعام الذي ينتج عنه مجاعة، هذه هي الصورة المعهودة للجوع العام. أما الآن فإننا نعيش في مصرنا الحبيبة نوعاً جديد من الجوع، استطاعت أنظمتنا أن تضيفه إلى قائمة أنواع الجوع، جوعنا، يا سادة، لا يمت لندرة الطعام بصلة، فالطعام من الممكن أن يكون موجوداً بوفرة، لكنه طعام ملوث أو مسرطن أو غير معلوم المصدر، فقمحنا مسرطن، وسمكنا وليد مزارع تطعمه أحشاء الدجاج، وإذا ذهبت إلى الجزار لا تدري هل سيبيع لك لحم حمار أم حصان أم كلب؟ وكذلك إذا جلست لتأكل في أفضل المطاعم، لا تدري ما الحيوان الذي يقدم لك من لحمه على المائدة؟
نحن في حصار من الطعام الملوث الذي يحيط بنا من كل جانب، فعلى الرغم من غلاء سعره، فإن نفسك لا تطاوعك إلى الامتداد إليه فماذا نفعل؟
ذكّرني ما وصل إليه حالنا بالشاعر، عندما قال :كالْعِيسِ فِي الْبَيْدَاءِ يَقْتُلُهَا الظَّمَا/ وَالْمَاءُ فَوْقَ ظُهُورِهَا مَحْمُولُ .
إن أشفقت على هذه الجمال، عليك أن تشفق علينا، نحن المصريين، بصورة أكبر، فالجمال تحمل هنا ماءً نقيا صالحا للشرب، أما نحن فليس أمامنا إلا الفاسد أو المسرطن من الطعام أو الماء .
ما أعرفه أن مطالب أي شعب، بالنسبة لطعامه، يتلخص في أن توفر له الحكومة طعاماً بسعر مناسب، أما نحن فسنثقل كاهل حكومتنا بطلب آخر إضافي بسيط: نريد طعاما نظيفا غير ملوث أو مسرطن، نريد رقابه حقيقية على الأسواق، لنعلم ماذا نأكل، هل من الممكن أن نأكل طعامنا من دون خوف؟
أتكلم هنا عن جوع من نوع خاص، تسلل إلى الطبقات القادرة من المجتمع، أما باقي طبقات المجتمع، وهي الكثرة الغالبة منه، فتتعرض لأنواع الجوع مجتمعه، كأنها قد تعاهدت ألا تجعلها تشبع أبداً.