أطلق المصرف المركزي الأوروبي، اليوم الخميس، جولة جديدة لإقراض البنوك لعدة سنوات، وأرجأ موعد أول رفع لأسعار الفائدة بعد الأزمة المالية العالمية إلى العام المقبل على أقل تقدير.
وتشمل الجولة عملية جديدة من عمليات إعادة التمويل المستهدفة طويلة الأجل، تهدف جزئياً إلى مساعدة البنوك على تمديد قروض قائمة من المركزي الأوروبي تزيد قيمتها على 720 مليار يورو، وإلى تفادي أزمة ائتمان قد يتفاقم معها تأثير التباطؤ الاقتصادي الحالي.
وقال المصرف، في بيان، إن أسعار الفائدة ستبقى عند مستويات متدنية قياسية حتى نهاية هذا العام على الأقل، وذلك استجابة تمليها حرب تجارية عالمية وضبابية تكتنف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث يشهد النمو الاقتصادي في منطقة اليورو التي تضم 19 دولة تباطؤاً سريعاً، وهو ما أثار مخاوف من تحول التباطؤ إلى حالة ركود إذا بدأت البنوك بتخفيض إمدادات القروض الجديدة.
وتابع: "يتوقع مجلس المحافظين الآن أن تبقى أسعار الفائدة الأساسية للبنك المركزي الأوروبي عند مستوياتها الحالية حتى نهاية 2019 على أقل تقدير، وفي أي حال طالما كان ذلك ضروريا".
وأبقى المصرف سعر إعادة التمويل الرئيسي، الذي يحدد تكلفة الائتمان في الاقتصاد، بدون تغيير عند صفر في المائة، وأبقى أيضاً على سعر الإقراض الحدّي، وهو سعر الاقتراض الطارئ للبنوك لليلة واحدة، عند 0.25%.
تراجع اليورو
وفي سوق العملات، انخفض اليورو إلى أدنى مستوياته منذ يونيو/ حزيران لعام 2017، مسجلاً 1.121 دولار اليوم الخميس، بانخفاض نسبته 0.87%، بعد قرار المركزي الذي فاجأ تعديل توقعاته لأسعار الفائدة كثيرا من المستثمرين، لكن رد فعل اليورو كان محدودا نسبيا، فيما كان المستثمرون يأملون قراراً يخرج اليورو عن نطاقات تداوله الضيقة أمام الدولار حاليا.
والتالي، ارتفع مؤشر الدولار 0.48% إلى 97.338 نقطة، مسجلاً أعلى مستوى منذ 17 ديسمبر/ كانون الأول 2018.
واستهل سعر صرف اليورو 2019 بهدوء بالغ، في الوقت الذي تخلت البنوك المركزية عن تشديد السياسة النقدية مع تباطؤ الزخم الاقتصادي. وأدى ذلك إلى ترك المستثمرين يواجهون صعوبات لاتخاذ قرار بشأن الاتجاه الذي يسلكونه.
وانخفض اليورو قليلا مقابل الفرنك السويسري إلى 1.1354 فرنك، فيما ارتفع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة من 6 عملات، 0.3% إلى 97.118 مع قيام المستثمرين ببيع اليورو.
وما زال الدولار الكندي ونظيره الأسترالي قرب أدنى مستوى في شهرين، بعد أن راهن المستثمرون على أن البنكين المركزيين في البلدين سيقومان بتيسير السياسة النقدية مع تباطؤ اقتصادهما.
وتراجع الدولار الأسترالي إلى أدنى مستوى في شهرين عند 0.70205 دولار أميركي، بعد بيانات لمبيعات التجزئة أضعف من التوقعات، ثم تعافى ليصعد 0.2% إلى 0.7049 دولار أميركي.
ونزل الدولار الكندي إلى أدنى مستوياته منذ 4 يناير/ كانون الثاني، بعد أن قال بنك كندا المركزي، يوم الأربعاء، إن هناك "ضبابية متزايدة" تكتنف توقيت زيادات أسعار الفائدة في المستقبل. لكنه تعافى إلى 1.3426 للدولار الأميركي اليوم.
وهبط الجنيه الأسترليني 0.6% إلى 1.3092 دولار، أدنى مستوياته منذ 25 فبراير/ شباط الماضي، في وقتٍ قللت مصادر في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا من فرص تحقيق انفراجة في المحادثات بشأن اتفاق الانسحاب من الاتحاد.
...وهبوط الأسهم الأوروبية والأميركية
وانعكس القرار الأوروبي على بورصات الأسهم. ففي الولايات المتحدة، فتحت الأسهم الأميركية منخفضة اليوم الخميس، بقيادة القطاع المالي في الوقت الذي يستوعب فيه المستثمرون تحرك البنك المركزي الأوروبي لتأخير أول زيادة لأسعار الفائدة منذ الأزمة المالية العالمية إلى عام 2020 على الأقل، وتدشين جولة جديدة من القروض الرخيصة لدعم اقتصاد منطقة اليورو.
وهبط المؤشر داو جونز الصناعي 0.11% إلى 25645.45 نقطة، المؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.18% إلى 2766.53 نقطة، وناسداك المجمع 0.29% إلى 7483.79 نقطة.
وهبطت الأسهم الأوروبية اليوم الخميس، من أعلى مستوياتها في 5 أشهر بعد أن أرجأ البنك المركزي الأوروبي التوقيت المحتمل لرفع أسعار الفائدة وأعلن عن جولة جديدة من القروض الرخيصة للبنوك في موعد أقرب من المتوقع رغم أنها بشروط أكثر صرامة من الجولات السابقة.
وانخفض مؤشر أسهم بنوك منطقة اليورو 3.3% في أسوأ أداء له منذ 6 ديسمبر/ كانون الأول مع فشل الإعلان عن جولة جديدة من الإقراض المنخفض الفائدة للبنوك في تهدئة قلق المستثمرين بشأن تأجيل زيادات الفائدة.
وفسًر المستثمرون أيضا الإعلان المفاجيء على أنه إشارة إلى أن البنك المركزي أكثر قلقا مما كانوا يعتقدون بشأن النمو. وهبط مؤشر أسهم البنوك الإيطالية، التي استخدمت الحصة الأكبر من جولة القروض السابقة، 2.6%، مسجلا أكبر هبوط ليوم واحد في 5 أسابيع.
ويرجع جزء من المبيعات إلى خيبة أمل في أن المركزي الأوروبي يعرض شروطا أقل سخاء مما فعل في السابق للقرض المصرفية الرخيصة جدا. ودفعت خسائر أسهم البنوك المؤشر داكس 600 الأوروبي ليغلق منخفضا 0.4%، بينما هبط المؤشر داكس الألماني 0.6%.
ومن بين القطاعات الأخرى الخاسرة في جلسة اليوم، هبط قطاع السيارات، المعتمد على التصدير، 2.3% موسعا اتجاها نزويلا أثارته مخاوف بشأن فرص القطاع وسط نمو متباطئ في الصين.
وجاءت أسهم شركات الموارد الأساسية بين أكبر الخاسرين مع تراجع مؤشر القطاع 2.5% بفعل هبوط أسعار النحاس. ولم تكن المكاسب في قطاعات دفاعية مثل المرافق والاتصالات وقطاع الأغذية والمشروبات، الذي سجل مستوى قياسيا مرتفعا، كافية لتعويض الضعف في بقية السوق.
(رويترز، العربي الجديد)