وتحولت الحدود البالغ طولها 375 كيلومتراً، من رئة اقتصادية يصدر الأردن من خلالها ويستورد سلعاً وبضائع متنوعة، إلى بؤرة مشتعلة تقض مضجع المملكة بملفاتها المعقدة.
ويعد ملف المتسللين أكثر الملفات صعوبة وتعقيداً، إذ يتشابك فيه طول الحدود وصعوبة طبوغرافيتها، مع اتهامات دمشق المتكررة بأن المقاتلين يتسربون إلى أراضيها من خلال الحدود الأردنية وهو ما تنفيه عمّان بشدة.
وعلى النقيض من الاتهامات السورية، يتخوّف الأردن من زيادة محاولات أشخاص قادمين من سورية التسلل إلى أراضيه.
اقرأ أيضاً: الأردن يكافح التجارة غير المشروعة بالحيوانات المهدّدة بالانقراض
وأعلن الأردن، منذ بداية العام الحالي، عن إحباطه 36 محاولة تسلل عبر الحدود، 24 محاولة منها كانت على الحدود بينه وبين سورية. بينما أعلنت المملكة العام الماضي عن إحباطها 21 محاولة تسلل عبر الحدود، منها 18 محاولة عند الحدود السورية.
وتظهر المؤشرات أنّ هناك زيادة في محاولات تسلل الأشخاص إلى الأردن، قادمين إليه من سورية العام الماضي، مقارنة بعام 2014. وقدرت القوات المسلحة الأردنية زيادة نسبة التسلل بين الفترتين بنحو 50%.
وأعلن الأردن العام المنصرم أنّ قوات حرس حدوده قتلت 13 شخصاً، أثناء محاولتهم التسلل من سورية إلى المملكة. فيما سجل على الحدود في عام 2014 قتل الحرس الحدودي أربعة أشخاص، حاولوا التسلل.
إلى ذلك، أصبحت الحدود الأردنية نقطة تجمع للاجئين، حيث يقيم عشرة آلاف لاجئ، قدموا من شمال سورية، تزودهم الأردن بالمواد الغذائية والمياه، دون أن يسمح لهم بالدخول إلى أراضي المملكة.
وفي السياق، قال رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور يوم السبت الماضي، خلال استقباله وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان، إن "حدود المملكة ما زالت مفتوحة أمام اللاجئين مع الأخذ بعين الاعتبار البعد الأمني الذي يتقدم على جميع الاعتبارات".
اقرأ أيضاً: الأردن: توقعات متفائلة تجاه الموارد المائية
ويعد ملف اللاجئين ثاني ملف شائك، إذ استقبل الأردن منذ بدء الأزمة السورية في مارس/آذار عام 2011 نحو 1.4 مليون لاجئ سوري، منهم 646 ألف سوري مسجل كلاجئ لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ويشكو الأردن أعباء تلبية احتياجات اللاجئين السوريين، من الخدمات، والتي تستهلك 26% حسب المعطيات الرسمية، من موازنة المملكة السنوية المثقلة بالديون.
في الوقت ذاته، لا تغطي المساعدات الدولية سوى 35% من تلك الاحتياجات بحسب الأرقام الرسمية.
وزاد الضغط على خدمات التعليم والمياه، نتيجة أزمة اللجوء السوري، إذ ارتفع الطلب على المياه في مناطق شمال المملكة بأكثر من 40%، بينما بات الأردن يحتاج بناء 500 مدرسة جديدة لتخفيف الضغط عن مدارسه.
وتقدر خطة أعدتها الحكومة أنّ الأردن يحتاج خلال السنوات الثلاث المقبلة إلى 8 مليارات دولار أميركي لتجاوز آثار اللجوء السوري.
وبحسب الخطة التي ستعرض على مؤتمر المانحين، في لندن، بداية الشهر المقبل، يحتاج الأردن خلال السنوات الثلاث المقبلة إلى 2.5 مليار دولار لتلبية احتياجات اللاجئين، و2.3 مليار دولار لتمكين المجتمعات المستضيفة لهم.
وقدرت الخطة أن الأردن يحتاج خلال هذه الفترة إلى 3.2 مليارات دولار لتلبية احتياجاته الأمنية والعسكرية وتعويض خسائر اقتصاده الوطني جراء تبعات الأزمة السورية.
ويكتمل المشهد على حدود المملكة الشمالية، بملف إغلاق ممرات برية، كانت تعد رئة اقتصادية للأردن، عبر تصدير واستيراد بضائع ومنتجات زراعية متنوعة من دول أوروبية وإليها.
وأغلق الأردن آخر معابره الحدودية مع سورية في مايو/ أيار الماضي، بعد سيطرة المعارضة السورية المسلحة عليها.
وكان 62% من تجارة الأردن مع أوروبا يمر عبر موانئ سورية وأراضيها.
وعزا البنك الدولي في أحدث تقاريره تراجع النمو الاقتصادي في الأردن خلال النصف الأول من العام الماضي إلى "إغلاق الممرات التجارية مع كل من سورية والعراق".
وتوقع البنك، في تقريره الصادر أواخر العام المنصرم، أن يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للعام الماضي عند 2.5%، مقابل نسبة نمو حقيقي العام الذي قبله وبلغت 3.1%.
وأرجع التقرير ذاته تباطؤ النمو في المملكة إلى تداعيات الأوضاع الأمنية في سورية والعراق.