فجر اليوم الثلاثاء استيقظ السويديون، واللاجئون مرة أخرى، على رائحة دخان حريق استهدف نزل لاجئين للمرة العاشرة هذا العام.
ففي منطقة مونكدال (غرب السويد وإلى الشمال من غوتيبورغ) كان يفترض بالمعسكر الذي أحرق عند الرابعة من فجر اليوم الثلاثاء، أن يؤوي طالبي اللجوء الذين يعانون، في ظل اعتراف سلطات الهجرة السويدية بعجزها عن توفير أماكن سكن لهم.
ليس الحريق الأخير هو الوحيد في الفترة الأخيرة، ففي نهاية الأسبوع الماضي، أشعل معسكران آخران لإيواء اللاجئين، ففجر السبت الماضي تم إحراق مركز لجوء في منطقة سكونا جنوب السويد، وهو عبارة عن مدرسة مهجورة كانت تعد لإيواء اللاجئين، ولم تمر 24 ساعة حتى اندلع حريق آخر في أونسالا التي تبعد حوالي 40 كلم إلى الجنوب من غوتيبورغ.
وبحسب ما يصدر عن خبراء الحرائق، فإن تكرار هذه الحوادث يعني أنها بفعل فاعل، وإذا أخذنا ما تقوله الشرطة عن افتعال تلك الحرائق، ربطا بحرق 10 مراكز لجوء خلال العام الحالي، فإن الأمر يبدو مدبرا بطريقة منظمة.
في منطقة سكونا الجنوبية، لم يأت الحريق فجر السبت، سوى بعد أقل من أسبوع على إعلان البلدية أنها ستستخدم المدرسة المهجورة كمركز إيواء لاجئين. مصلحة الهجرة السويدية تقول إن تلك الحرائق ستزيد الحاجة إلى مراكز إيواء، مقدرة عدد الوحدات السكنية التي تحتاج إليها، كمدارس وثكنات وصالات جماعية، بـ235 وحدة.
وتعتبر السويد بلدا مضيافا أكثر من غيره من دول الشمال، وقبل أيام من الحريق الأخير دخل 9300 طالب لجوء، ما يرفع العدد خلال أسبوعين إلى حوالي 19 ألفا، وهو ما يستغله اليمين المتشدد الذي تتصاعد أسهمه في استطلاعات الرأي على حساب حكومة الاشتراكيين بزعامة ستيفان لوفين، وتحديدا "ديمقراطيو السويد" وجماعات يمين متشدد ومنها "النازيون الجدد"، والذين يعتبرون الأكثر نشاطا ومعاداة للمهاجرين في تنسيق بيني في الدول الإسكندنافية الثلاث السويد والنرويج والدنمارك.
اقرأ أيضا:مهاجرو ألمانيا.. أزمة السكن أسوأ من بلدانهم
في الدنمارك جرت قبل فترة وجيزة محاولة حرق معسكر لجوء يقطنه سوريون في منطقة ديورسلاند وبلدية دراوغو، حيث رسم الصليب النازي على الجدار.
وتتجه السلطات السويدية إلى اتخاذ فنادق مغلقة وسجون مهجورة وثكنات عسكرية لإقامة معسكرات خيم لآلاف طالبي اللجوء، وهو ما يعده اليمين ويمين الوسط إشارة إلى الانفلات والتخبط في الأوضاع وعدم قدرة البلاد على استقبال المزيد.
التوقعات الرسمية تؤكد أن السويد ستستقبل أسبوعيا نحو 9 آلاف طالب لجوء، والواقع أن مئة ألف وصلوا منذ بداية العام، ما يعني أن السويد لم يعد لديها حتى أسرّة لينام عليها هؤلاء، حيث تضطر السلطات الآن إلى نصب خيام شتوية للإيواء في موسم بارد جدا، وهو أمر لا يرضي الكثير من اللاجئين الذين كان سقف توقعاتهم عاليا بالنسبة للسويد وطريقة استقبالها.
محمد وفداء عاملان في مجال مساعدة القادمين الجدد، يقولان لـ"العربي الجديد": "الأمر مفهوم، لكن مشكلتنا في التدفق الجماعي، حيث يقول لنا اللاجئون إنهم حضروا بناء على ما كان يتردد عن السويد".
وتضيف فداء: "المشكلة أن اللاجئين بعشرات الآلاف اختاروا جماعيا السويد، وزملاءنا السويديين، رغم أنهم لا يقولونها علناً، يستغربون عدم بقاء البعض منهم في النمسا أو التوجه إلى بلدان أخرى بدل هذه النتيجة التي وصلت إليها الحالة في السويد".
ويستغل الأمر حزب "ديمقراطيو السويد" المتشدد بزعامة جيمي أوكسون، والذي يريد أن يقلد خطوة وزيرة الدمج الدنماركية المتشددة، أنغا ستويبرغ، في نشر إعلانات في صحف لبنان وصحف تركيا، تطلب من اللاجئين والمهاجرين الابتعاد عن السويد، بحسب ما نقل عن أوكسون التلفزيونُ السويدي.
من ناحيتها، تقول مقررة شؤون اللاجئين في البرلمان السويدي عن حزب "ديمقراطيو السويد"، باولا بييلر: "نريد إرسال رسالة سياسية واضحة لمن يفكرون باللجوء إلى السويد، أن يروا هذه الخيم والثلوج ويستشعروا البرد القارس، وأنه لا يمكنهم تلقي مساعدات لأن السويد لم يعد بمقدورها القيام بشيء أكثر من ذلك".