ودعت لائحة وقّعها ناشطون بارزون في الحراك الشعبي في الجزائر والخارج وقادة تنظيمات مدنية وحقوقية وشخصيات سياسية "الجزائريات والجزائريين لاحترام تعليمات التزام البيوت الصادرة عن الطواقم الطبية وشبه الطبية، وعدم الردّ على استفزازات النظام الذي يريد، من خلال تصرفاته، دفع المواطنين إلى الانتفاض في الشارع، بهدف تبييض صفحته وتبرئة نفسه من الكارثة الصحية الحالية".
ووصف البيان السلطة "بالنظام العسكري"، وحث الجزائريين الملتزمين بخيارات الحراك الشعبي على "التحلّي باليقظة لمواجهة ألاعيب النظام العسكري الذي يوجّه ضرباته في الظهر، مستغلّاً فترة الهدنة لتسجيل أهداف سياسية في حالة تسلّل، والحفاظ، بكل الوسائل الآمنة التي لا تهدّد الصحة العمومية، على شعلة الحراك والاستعداد لعودة المسيرات الشعبية بمجرد انتهاء جائحة كوفيد-19".
وجاء هذا البيان المشترك استباقاً لتداول ناشطين دعوات وإعلان عدد من المتظاهرين الرغبة في خرق قرار تعليق التظاهر والعودة إلى الشارع، رداً على حملة الاعتقالات البوليسية التي طاولت عدداً من الناشطين بهدف توقيف المظاهرات بسبب كورونا، واستدعائهم للتحقيقات، خاصة بعد فضيحة محاكمة الناشط كريم طابو، إذ كانت مجموعة من الناشطين قد تظاهرت فعلاً الليلة الماضية في منطقة بني ورتلان بولاية تيزي وزو، رفضاً للحملة التي تشنها السلطة ضد الناشطين، واحتجاجاً على الحكم القضائي الصادر من قبل محكمة في العاصمة الجزائرية ضد الناشط البارز كريم طابو دون إبلاغه وهيئة دفاعه بموعد المحاكمة، والتي تضمنت خروقات قانونية أدانتها أطراف عدة.
ويأتي على رأس اللائحة الأولى للموقعين على البيان الناشطان الحقوقيان البارزان عبد الغني بادي ونور الدين أحمين، ومسؤول "الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان" الدكتور قدور شويشة، ومدير "معهد قرطبة" بجنيف الدكتور عباس عروة مجير، والقيادي السابق في "جبهة القوى الاشتراكية" سمير بوعكوير، والناشط البارز في الحراك جنوبي الجزائر محاد قاسمي، ورئيسة "جمعية عائلات المختطفين قسراً" فريدة أوغليسي ومنسق "لجنة عائلات المعتقلين السياسيين" قاسي تانسوت وعدد كبير من الصحافيين والناشطين.
واعتبر بيان الشخصيات السياسية والمدنية أن الحراك الشعبي و"إدراكاً منه للخطورة التي يشكّلها الانتشار المهول لكوفيد-19 على الأمن الصحي للجزائريين، اتّخذ الحراك موقفًا مسؤولًا وقرّر التعليق المؤقت للمسيرات الأسبوعية ابتداءً من تاريخ 20 مارس 2020".
وأضاف أن "الهدف المتوخّى من هذه الهدنة الصحية أن تتاح لقوى الأمة كافة فرصة تضافر جهودها لوقف انتشار فيروس كورونا، لكن النظام العسكري استغل هذه الفرصة لمزيد من التسلط، لافتاً إلى أنه "رداً على عرض الهدنة الصحية من طرف الحراك الشعبي ينحرف النظام نحو مزيدٍ من التسلّط".
"الانتقام" من الوجوه البارزة للحراك
إلى ذلك، أوضح بيان القوى أنه و"بدلًا من الانخراط في هذا المسار واتخاذ موقف سياسي حصيف، ردّ النظام العسكري على هذه الهدنة الصحية، انطلاقًا من هوسه بأمنه الخاصّ حصريًا، بتصعيد حملته العدائية ضد الحراك ورموزه، لا سيما بالإيعاز إلى ذراعه القضائية المنصاعة لأوامر الهاتف، بدءًا بالحكم على كريم طابو، خارج نطاق القضاء، وتكثيف حملة الاعتقالات التي طاولت مناضلي الحراك كإبراهيم الدواجي وسليمان حميطوش وسمير بلعربي والسعي لإلغاء حكم البراءة الصادر لصالح عدد من الناشطين بينهم الأستاذ الجامعي فضيل بومالة والتماطل في إصدار الحكم في حق المجاهد لخضر بورقعة، وأمر بإيداع الصحافي خالد درارني الحبس المؤقت".
وأشار البيان إلى أن "كلّ هذه الحالات تشير إلى إرادة النظام الواضحة لاستغلال انسحاب الجزائريين من الشارع للانتقام من وجوه بارزة في الحراك".
ودانت عريضة الشخصيات الموقعة ما وصفتها بـ"التصرّفات الرعناء للنظام ونطالبه بتحمّل مسؤولياته تجاه المواطنين، بشأن إدارة الأزمة الراهنة" واتهمت السلطة بالسعي عبر هذه الحملة لتمرير جبري لمسودة الدستور الجديد التي تسلمها الرئيس تبون من لجنة دستورية قام بتشكيلها قبل شهرين.
وغابت مظاهرات الحراك للجمعة الثانية على التوالي، بعد قرار طوعي من مكوّنات الحراك تعليق المظاهرات، فيما كان الرئيس الجزائري قد أعلن في 23 مارس/ آذار الجاري منع كل المظاهرات والتجمّعات والمسيرات مهما كان نوعها، وألزم سكان 11 محافظة، بينها العاصمة وولاية تيزي وزو في منطقة القبائل، بالحجر الصحي المؤقت، ومنح القوى الأمنية صلاحية فضّ أي تجمعات بالقوة.