وتحوّلت قاعة الكنيست إلى ساحة حرب وتراشق اتهامات بين النواب الذين يطالبون بمنع توزيع صحف مجانية، تحت شعار "الحفاظ على الصحف الأخرى ومنعاً لتوظيف المال الخارجي في خدمة مشروع معين"، وأولئك الذين استماتوا في الدفاع عن صحيفة "يسرائيل هيوم" وعلى رأسهم نتنياهو، الذي لم يتوقع أن تأتيه الضربة في التصويت على القراءة التمهيدية من داخل ائتلافه.
وذهب أحد أعضاء حزبه للتصريح أن "مشروع القانون هذا قد يهدد الائتلاف، فيما لو تم اعتماده لاحقاً". وكان 43 عضواً في الكنيست قد صوّتوا، أواخر الأسبوع، لصالح اقتراح القانون الذي يمنع توزيع صحف مجانية، وعارضه 23، وامتنع 9 من الحاضرين عن التصويت، فيما تغيب آخرون.
وكانت أربعة أحزاب من داخل الائتلاف الحاكم هي: "البيت اليهودي" برئاسة وزير الاقتصاد نفتالي بينيت، و"الحركة" برئاسة وزيرة العدل تسيبي ليفني، و"هناك مستقبل" برئاسة وزير المالية يائير لبيد، و"إسرائيل بيتنا" برئاسة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، قد وقعوا على اتفاقية قبل التصويت بالقراءة التمهيدية على مشروع القانون، تقضي بتأييده.
وفي الوقت الذي يرفع كل من الفريقين المؤيد والمعارض شعارات حول حرية الصحافة والنشر والمصلحة العامة للصحف، إلا أن كلا منهما يرى الأمور من منظوره، فيما يحضر المال والسياسة بقوة من خلف هذا الموقف أو ذاك.
قبل ظهور صحيفة "يسرائيل هيوم"، التي تبدو صحيفة علاقات عامة وترويج لصالح نتنياهو، كانت المنافسة على أشدها بين كبريات الصحف الإسرائيلية، وعلى رأسها "يديعوت أحرونوت" و"معاريف"، فيما كانت صحيفة "هآرتس"، ولا تزال، تُعتبر صحيفة النخبة.
وعلى ضوء التوزيع الكبير لصحيفة "يسرائيل هيوم" لكونها مجانية، ويقف خلفها ملياردير يهودي يعيش في الخارج، ويضخّ لها أموالاً طائلة، فقد تصدرت الكثير من استطلاعات الرأي، التي أشارت إلى تقدمها على "يديعوت أحرونوت"، فيما عقّد ذلك وضع صحيفة "معاريف" أكثر، التي كانت تعاني أصلاً من مشاكل اقتصادية، حتى توقفت عن الصدور بنسختها الورقية اليومية، واكتفت بالصدور مرة في نهاية الأسبوع.
واتهم النائب إيتان كابيل من حزب "العمل"، الذي اقترح مشروع قانون "منع توزيع الصحف المجانية"، أو ما يعرف بـ "قانون يسرائيل هيوم"، أدلسون، بـ "السعي إلى القضاء على الصحافة المكتوبة في إسرائيل، بسبب التوزيع المجاني وخفض أسعار الإعلانات، وهو الأمر الذي لا تستطيع الصحف الأخرى احتماله"، على حد تعبيره.
واعتبر كابيل أن "تمويل الصحيفة يأتي من أموال المقامرات التي يتم ضخها من الخارج، بمئات ملايين الشواقل (العملة المحلية)، ما يثير الشكوك حول مصداقيتها ويقضي على المنافسة العادلة، وقد يتسبب بإغلاق باقي الصحف، ويفضي إلى سيطرة اتجاه واحد ورأي واحد".
ومن بين من عارضوا إيتان كابل ومشروع القانون، الوزير الليكودي يوفال شطاينس، الذي اعتبر أن "اقتراح كابل نابع من عدم رضاه عن الخط الذي تقوده الصحيفة". وقال ساخراً إن "القانون إن تم إقراره مستقبلاً بشكل نهائي، فسيُقدّم دروساً لكوريا الشمالية، حول كيفية إغلاق صحيفة".
وشهد البرلمان الإسرائيلي نقاشات حادة بين مختلف الأحزاب، حول شرعية مشروع القانون من عدمها. وعلى ضوء نجاح الاقتراح في القراءة التمهيدية، سيتم تحويله إلى إحدى لجان الكنيست للبت فيه، إذا ما كان سيعرض للتصويت عليه بالقراءة الأولى ومن ثم الثانية والثالثة أم لا، علماً أن احتمالات إعاقة طرحه للتصويت ستكون كبيرة، وخصوصاً إذا ما تم تحويله إلى لجنة في الكنيست يعارض رئيسها المشروع، مثل لجنة الكنيست، التي يترأسها عضو الكنيست يريف ليفين المعارض للاقتراح، وسيعمل على إعاقته، علماً أنه تم إجهاض اقتراح مشابه قبل بضع سنوات.
واعتبرت صحيفة "يسرائيل هيوم"، أن نجاح اقتراح القانون بالقراءة التمهيدية هو "خزي وعار"، لكل من صوت لصالحه، وذكرت أن هذا التصويت جاء "لخدمة مصالحهم" في صحيفة "يديعوت أحرونوت" ومع مالكيها. وأضافت الصحيفة أن "الكنيست هو الخاسر وليس نحن".
واعتبرت أن خطاب إيتان كابل خلال طرح مشروع القانون كان "انتقامياً" ضدها، "وهو لا يرمي إلى إنقاذ الصحافة وإنما هي مسالة شخصية"، بسبب خلافات أيديولوجية. وشددت في مقالات عدة نشرتها بأن اقتراح القانون "يشكل انتهاكا لحرية التعبير".
وانتقدت الصحيفة العديد من أعضاء الكنيست، من بينهم ليبرمان، معتبرة أن تصويته لصالح القانون، يأتي على ضوء علاقته الوثيقة بمالك "يديعوت أحرونوت" موني موزيس، والمديح الكبير والمتكرر الذي يلقاه في الصحيفة.