ثوماس ايفانز (25 عاماً)، بريطاني، اعتنق الإسلام قبل أشهر من موته على جبهة القتال في صفوف حركة "الشباب" في كينيا. طلحة إسماعيل (17 عاماً)، شاب بريطاني مسلم، هرب من بيت أهله في مدينة دوسبري للالتحاق بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، مات في عملية انتحارية في العراق. ثلاث شقيقات بريطانيات توجهن مع أطفالهن لأداء العمرة، فظهرت صورهن وأطفالهن التسعة في الصحف بعد اختفائهن جميعاً في تركيا، مع ترجيح عبورهم الحدود للالتحاق بـ"الدولة الإسلامية".
اقرأ أيضاً: رحلة جهاديات أوروبيات بلا عودة إلى "داعش"
أعادت هذه الأخبار الصادمة التي شغلت الرأي العام ودوائر الأمن والسياسة في بريطانيا خلال الأيام الثلاثة الماضية، طرح الأسئلة عن حقيقة الأسباب التي تدفع بالمزيد من مسلمي بريطانيا للتخلي عن حياة الرفاهية والعيش الكريم والتوجه الى ساحات حرب واقتتال، والانضمام لتنظيمات متطرفة، وما هي الأساليب والأدوات التي يمكن لها مواجهة آلة الدعاية والتجنيد التي توظفها التنظيمات المتطرفة لاستقطاب الشباب والتأثير على عقول وقلوب المراهقين من الذكور والنساء؟
وفي محاولة للبحث عن حقيقة الأسباب التي تدفع بشباب مثل ثوماس إيفانز أو طلحة إسماعيل للالتحاق بالتنظيمات المتطرفة، رفضت صحيفة "ذا غارديان" التفسيرات السطحية التي طالما تقدم بها بعضهم لتفسير الظاهرة.
وقالت، إنه لم يعد من المقبول تبرير هذه الظاهرة الخطيرة على أساس غضب الشباب المسلم في بريطانيا من السياسات الخارجية لحكومته، لأن "داعش" لا تقاتل جيوشاً غربية ولا تهاجم مصالح أوروبية أو بريطانية وحسب، وإنما تقاتل وتقتل من كل الطوائف والمذاهب.
كما رفضت الصحيفة إلقاء اللوم على الفقر أو التهميش وغيرهما من الظروف المعيشية التي يعيش فيها مسلمو بريطانيا، لأن بعض من التحقوا بـ"داعش" يتحدرون من أسر ميسورة ومندمجة في المجتمع البريطاني بشكل تام. كما رفضت ادعاءات بعض بأن الإسلام كفكر يشجع على الإرهاب والتطرف، مدللة على ذلك بشجب واستنكار ملايين المسلمين شعوباً وحكومات ومفكرين لفكر "داعش" وغيرها من التنظيمات المتطرفة.
ولم تلحظ الصحيفة، أنّ ما يدّعيه آخرون من تنامي العنصرية ضد المسلمين في المجتمع البريطاني مبرراً كافياً لجنوح الشباب للالتحاق بالتنظيمات الإرهابية التي تقتل المدنيين في العراق وسورية. وخلصت الى أن ما انتهى إليه تقرير جهاز الاستخبارات البريطانية "أم أي 5" الى صعوبة تحديد الأسباب التي تدفع ببعض الشباب المسلم الى التطرف والالتحاق بالحركات الجهادية.
وتكاد تُجمع مختلف المؤسسات الرسمية والمجتمعية والإعلامية في بريطانيا أن السبيل لكسب "حرب الاستنزاف" مع التنظيمات الإرهابية التي تستهدف الشباب المسلم البريطاني لا يكون إلا بدعاية مضادة تتوجه الى الشباب. ورأت صحيفة "دايلي تليغراف" أن "داعش" توظف العمليات الانتحارية المصورة لا لتحقيق مكاسب ميدانية في ساحات الصراع وحسب، بل كأداة في حرب الدعاية والتجنيد على شبكة الإنترنت، وبالتالي لابد من مواجهة هذه الأداة بأدوات وأساليب مماثلة تدحض الدعاية الإرهابية المتطرفة، وتكشف الأكاذيب والأضاليل التي تروجها التنظيمات الإرهابية بهدف السيطرة على عقول وقلوب الشباب بهدف تجنيدهم وحثهم على التوجه الى ساحات القتال والانضمام إلى "الدولة الإسلامية" لـ"الجهاد في سبيل الله". وبينما رأت صحيفة "ذا غارديان" أن محاربة التطرف تبدأ من الاهتمام بأحلام الشباب أو الكوابيس التي تدفع بهم نحو التطرف، وجدت زميلتها "دايلي تليغراف" أن محاربة التطرف تبدأ من دور الأسرة والمدرسة وبالمزيد من التواصل مع الشباب لإخراجهم من عزلتهم وعدم تركهم في فراغ تشغله التنظيمات الإرهابية التي بات لها الإمكانيات المتقدمة والمهارات العالية للوصول الى الشباب وترويج أفكارها الدعائية الخطيرة.