وتضم مجموعة "الغاضبون"، عدداً من أعضاء الكتلة النيابية للحزب، في مجلس نواب الشعب وأعضاء من المكتب التنفيذي، وممثلين عن التنسيقيات الجهوية والمحلية في الجهات الداخلية.
ودعا المجتمعون إلى انعقاد المجلس الوطني للحزب في دورة استثنائية، في 14 من الشهر الجاري، لبحث أوضاع الحزب والتوافق حول موعد مؤتمره الوطني ولجنة إعداده، من دون الرجوع إلى الهيئة العليا للحزب.
وكان 64 نائباً و60 عضواً من المكتب التنفيذي، فضلاً عن 24 مُنسقاً جهويّاً، أعلنوا، أول أمس الأحد، في بيان لهم عن "مقاطعتهم للهيئة التأسيسية وعدم الاعتراف بقراراتها".
وكان النائب خميس قسيلة، أكّد أن هناك إجماعاً لحل الهيئة التأسيسية لحزب "نداء تونس"، معللاً ذلك بـ"أنّها أصبحت عاجزة عن القيام بمهامها"، بينما قالت القيادية في الحزب، أمنة الرقيق، في تصريح صحافي، إنّ "حزب النداء في طريقه إلى الهاوية بسبب الهيئة التأسيسيّة".
التحركات الأخيرة، وصفها المدير التنفيذي للحزب، بوجمعة الرميلي، بـ"الانقلابية والخطيرة جداً"، فيما تحدث القيادي بالحزب، لزهر العكرمي، عن وجود حملة تُشنّ ضد حزب "النداء" وهيئته التأسيسية، بهدف "توريث حافظ قائد السبسي (نجل الباجي قائد السبسي)".
وأعرب العكرمي عن رفضه، لما وصفه، بـ"عودة النظام البائد وعودة التوريث"، موضحاً وجود "أطراف لم تحصل على مواقع في السلطة، تجتمع اليوم، حول حافظ السبسي، الذي لم يعد له مكان في الحزب بعد ما قام به من تجييش وتآمر على الحزب"، بحسب قوله.
وأكّد العكرمي أيضاً، أنّ "هناك أطرافاً تسعى لحل الحزب، وأن هناك أجندة تعمل على كسر نداء تونس".
في المقابل، استنكر حافظ السبسي تصريحات العكرمي، نافياً وجود أي نية "للتوريث"، مؤكّداً أن وضعيته قانونية صلب الهيئة التأسيسية للحزب.
وأشار حافظ السبسي، في الوقت نفسه، إلى أن الاجتماع الطارئ، الذي عقد مساء أمس، بين أعضاء الكتلة النيابية والمكتب التنفيذي والتنسيقيات الجهوية والمحلية، كان يهدف إلى البحث عن حلول للخروج من الأزمة الراهنة.
من جهته، اعتبر القيادي في الحزب، خميس قسلية، أن "نداء تونس ليست مشكلته حافظ السبسي وإنما أقلية قليلة"، واصفاً إياها بـ"الترويكا"، التي تتكون من العكرمي (الوزير المكلف بالعلاقات مع مجلس النواب)، و محسن مرزوق (المستشار لدى الرئيس) ورضا بلحاج (مدير الديوان الرئاسي).
وانطلقت شرارة هذه الأزمة بين الهيئة التأسيسية وبقية أعضاء الحزب، الأحد، بعد تأجيل انتخاب المكتب السياسي المبرمج في اليوم نفسه، والذي كان يهدف إلى تجاوز الأزمة الحقيقية، التي تدور منذ أشهر بين قوى متصارعة داخل الحزب حول إدارته.
وأقرت الهيئة التأسيسية لـ"نداء تونس"، في بيان، حصول سوء تفاهم بخصوص تأجيل انتخابات المكتب السياسي، داعية إلى تنظيم اجتماع موسع، يجمع المكتب التنفيذي والكتلة البرلمانية والمنسقين الجهويين والمجلس الوطني، بهدف وضع خارطة طريق جديدة تقود مباشرة للمؤتمر المقبل للحزب، محذّرة من "الدور الخطير، الذي تلعبه أطراف من خارج الحزب تخدم أجندات لا تخفى على أحد".
غير أنّ ما لحق، مساء أمس الاثنين، من ردود فعل أصبح ينذر بانشقاقات حقيقية داخل الحزب، بعدما خرجت قيادات مختلفة من الحزب إلى الفضاء العام، لتبادل التهم بـ"الانقلاب ومحاولة ضرب الحزب وتقسيمه وإضعافه"، وبعدما انقطع الحوار تماماً بين الهيئة التأسيسية وبقية مكونات الحزب، في ظل تضارب بين بعض القيادات داخل الهيئة التأسيسية ذاتها.
وأصبحت الهيئة التأسيسية للحزب بعد استقالة رئيسها المؤسس، الباجي قائد السبسي، تتكون من 11 عضواً مؤسساً، وهم؛ لزهر القروي الشابي، والطيب البكوش، ورضا بلحاج، ولزهر العكرمي، وسليم شاكر، وبوجمعة الرميلي، ومحسن مرزوق، وأنيس غديرة، وسلمى اللومي الرقيق، وسماح دمق، ووفاء مخلوف.
وإضافة إلى هذه الأسماء، تم تقديم طلب بإضافة أسماء أخرى إلى الهيئة لتوسيعها، وهم؛ محمد الناصر، الذي وقع تعيينه رئيساً بالنيابة (ويشغل رئاسة مجلس نواب الشعب)، وحافظ قايد السبسي، الذي يتولى إدارة الهياكل داخل الحزب، ونبيل القروي، صاحب قناة "نسمة الفضائية"، وفاضل بن عمران (رئيس الكتلة النيابية الحالي).
غير أن البعض عارض هذا الطلب، فيما أُشير إلى عدم قانونيته أصلاً، ما اعتبره "الغاضبون"، سعياً لانفراد بالحزب من طرف بعض الأعضاء، الذين يسيطرون على مفاصل القصر الرئاسي والحكومة، وإقصاءً لبقية مكونات الحزب، التي كانت وراء نجاحه في الانتخابات.
ويعكس هذا الخلاف صراعاً حقيقياً على خلافة السبسي الأب من ناحية، ومحاولة السيطرة على الحزب بين تيارات دستورية ويسارية ونقابية من جهة أخرى، وذلك قبل المؤتمر المزمع عقده في سبتمبر/أيلول المقبل.
ويُنتظر أن يشهد اليوم الثلاثاء، تطورات جديدة على ضوء انعقاد الهيئة التأسيسية، مع تعالي أصوات تنادي بتدخل مؤسس الحزب ومحاولة التقريب بين الأطراف المتنازعة.
اقرأ أيضاً: أزمة "نداء تونس" تتفاعل: انتخابات المكتب السياسي مؤجلة