هل اشتعلت جبهة القلمون السورية مجدداً؟ سؤال يشغل بال اللبنانيين بقدر ما يهم السوريين، وخصوصاً أنّ المعلومات الآتية من تلك المنطقة المحاذية للحدود اللبنانية، تتحدث عن سقوط العشرات من عناصر حزب الله والنظام السوري بين قتيل وجريح في الأيام السبعة الأخيرة.
وقد تقاطعت معلومات بعض المصادر المقربة من حزب الله، وأخرى معارضة له، مع أنباء حملها نازحون جدُد من القلمون إلى بلدة عرسال اللبنانية، وتفيد بأنّ عدد قتلى الحزب يُعد الأكبر منذ معارك القصير في مايو/أيّار ويونيو/حزيران من العام الماضي.
ولم يتمكن "العربي الجديد" من التأكّد من حزب الله من هذه المعلومات، إذ ردّ مسؤول العلاقات العامة في الحزب، ابراهيم الموسوي، بالقول "لا أملك أيّ معلومة عن أيّ شهيد أو جريح".
وربطت مصادر تدور في فلك حزب الله، بين المعلومات التي تفيد بسقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوفه في الأيام الماضية، من جهة، وبين الإجراءات الأمنيّة التي اتُّخذَت في الضاحية الجنوبية لبيروت أخيراً، من جهة ثانية، وتؤكد أنّ تلك الإجراءات المشددة جداً، هدفت إلى التغطية على وصول سيارات الإسعاف محملة بالقتلى والجرحى إلى ثلاثة مستشفيات موجودة في الضاحية، وهي مستشفى "الرسول الأعظم" و"بهمن" و"الساحل".
وقامت وسائل إعلام لبنانية محسوبة على حزب الله، بتعميم رواية أنّ هذه الاجراءات الأمنية جاءت على خلفية معلومات عن عمل أمني يتم التحضير له ضد الضاحية وحزب الله. وكانت مواقع إلكترونية لبنانية محسوبة على حزب الله، قد نعت ستة من مقاتلي الحزب دفعة واحدة، قبل ستة أيام. وغالباً ما ينعي حزب الله قتلاه في سورية على دفعات ومن دون ضجة إعلامية.
وانتقل موضوع القتلى والجرحى المفترضين لحزب الله، إلى مدينة صيدا جنوبي لبنان، إذ انتشرت معلومات عن سقوط نحو 12 قتيلاً من المدينة في القلمون، في إطار ما يُعرَف بـ"سرايا المقاومة" التي تضمّ عناصر لبنانيين وفلسطينيين من غير المنضوين في صفوف الحزب. وعلى هذا الأساس، تحركت هيئة العلماء المسلمين، والتقت بمفتي صيدا، سليم سوسان، لتبلغه رفضها دفن هؤلاء في مدافن المدينة "لأسباب أخلاقية وسياسية"، كما قال عضو الهيئة أحمد عمورة لـ"العربي الجديد".
ونقل عمورة عن سوسان تأكيده عدم وجود أيّ معلومة رسمية عن هذا العدد من القتلى أو لجهة النية بدفنهم في صيدا. وأفادت مصادر صيداوية بانتشار أسماء نحو 15 شاباً من المدينة (لبنانيون سنة وشيعة وفلسطينيون)، يُقال إنهم قتلوا في سورية. وعند التواصل مع أهالي هؤلاء، أفادوا بوجود أبنائهم في سورية مع قوات حزب الله، وقالوا إنهم تواصلوا مع الحزب الذي أبلغهم أنهم "بخير"، لكن الأهالي لم يتمكنوا من محادثة أبنائهم. كما أفاد رجال دين سنة مقربين من حزب الله في عاصمة الجنوب اللبناني إلى وجود تنسيق معهم لتهدئة الأمور، "وتنفيس الإشكال" ودفن هؤلاء بهدوء. وأشار هؤلاء إلى أن النائب السابق أسامة سعد، المتحالف مع حزب الله، تدخّل لدى "الجماعة الإسلامية" (الفرع اللبناني للإخوان المسلمين) للمساهمة بالتهدئة.
وفي إطار استهداف حزب الله اللبناني في سورية، كشف قائد "تجمع القوى الثورية لتحرير سورية"، المنضوي في "الجيش الحر"، العميد الركن المنشق، أحمد رحال، لـ"العربي الجديد"، أن كتائب من "الجيش الحر" رصدت صباح اليوم الخميس، قافلة لحزب الله، مؤلفة من 15 سيارة في منطقة قريبة من جرود عسال الورد (قرب رنكوس) المحاذية للحدود اللبنانية، "ونصبت لها كميناً محكماً تمكنت خلاله من تدمير القافلة وقتل وجرح عدد من عناصر حزب الله"، من دون أن يحدد عدد القتلى والجرحى.
وأوضح العميد رحال أن قافلة حزب الله قد جاءت إلى المنطقة "لسدّ الفراغ الذي خلّفه توجّه عدد كبير من المليشيات العراقية من المنطقة باتجاه العراق، ما ساهم في تقدم المعارضة في بعض المناطق التي كانت تقاتل فيها تلك المليشيات، ومنها منطقة القلمون".
وفي الساعات الأخيرة، وصلت إلى بلدة عرسال شرقي لبنان، نحو 50 عائلة لبنانيّة و90 عائلة سورية هرباً من الاشتباكات الدائرة في بلدة الطفيل اللبنانيّة ومحيطها في إطار عودة معارك القلمون. والطفيل هي بلدة لبنانيّة تقع داخل الأراضي السورية، بسبب عدم شق الدولة اللبنانيّة طريق تصلها في لبنان.
وبحسب الهاربين من الاشتباكات، فإن المعارك امتدت في مختلف مناطق القلمون، وخصوصاً بلدات الطفيل ورأس المعرة ورنكوس ووصلت الاشتباكات إلى طريق دمشق ــ حمص الدولي.
وبحسب متابعين لسير هذه الاشتباكات، فإن فصائل المعارضة السورية، استهدفت قوات حزب الله والجيش السوري في الأيام الماضية، مرّات عدة، بعمليات من نوع حرب العصابات، ككمائن، أو هجوم مباغت. لكن التطور الذي حصل في الأيام الأخيرة، هو سيطرة هذه المجموعات على بعض النقاط العسكرية والتمركز فيها، بعد الهجوم عليها.