19 نوفمبر 2024
حسابات أردنية في سورية
يراقب مطبخ القرار في عمّان عن كثب تطورات الأوضاع، وتحولات موازين القوى في سورية، بعد معركة حلب، على إثر الانتصارات العسكرية للنظام السوري وحلفائه الإيرانيين والروس وحزب الله، والانتقال بزخم الجهود العسكرية إلى ريف دمشق، للسيطرة عليه من المعارضة السورية المسلحة.
المرحلة المقبلة، وفق أغلب التوقعات والتقديرات، هي الغوطة الشرقية، ثم في حال نجح النظام في تحقيق انتصار عسكري، والسيطرة عليها، ستكون درعا والمناطق الجنوبية المحاذية للأردن هي المنطقة التالية التي تتمتع فيها الجبهة الجنوبية (الجيش الحر) بحضور كبير، بالإضافة إلى جيش خالد بن الوليد (في الريف الغربي لدرعا)، الموالي لتنظيم داعش.
انتقل مصدر قلق الأردن، في الفترة الأخيرة، إلى المناطق الشمالية- الشرقية من حدوده، أي بادية الشام (ريفي حمص ودير الزور)، وفيها مخيما الركبان والحدلات اللذان يضمان أكثر من مائة ألف لاجئ سوري، مع تزايد نفوذ تنظيم داعش في تلك المنطقة، بعد الضغوط التي يتعرّض لها من التحالف الدولي في مدينة الموصل.
كيف يفكر "مطبخ القرار" في التعامل مع هذه التطورات الميدانية التي تتزاوج مع تطورات سياسية، مرتبطة بتغير الإدارة الأميركية وبالتحول التركي الكامل، وبانقلاب الأجندات الدولية والإقليمية في سورية لصالح النظام وحلفائه؟
من الواضح أنّ الرهان الرئيس لدى الأردن هو العلاقة الوثيقة مع روسيا. وعلى الأغلب، كانت زيارة الملك عبدالله الثاني موسكو أخيراً، ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ضمن هذا السياق لتوطيد العلاقات بين الدولتين، والتأكّد من وجود "الوسيط" الروسي في ضبط الإيقاع في المناطق الجنوبية في سورية.
فيما يخص بادية الشام، يسعى الأردن إلى تعزيز جيش العشائر وتقويته، لمواجهة "داعش"، بعد أن فشلت فكرة قوات سورية الجديدة، المدعومة أميركياً، في معاركها الأولى ضد "داعش"، لكن الاعتماد على جيش العشائر ليس كافياً، في ظل التجارب السابقة، ومحدودية قدرة هذه الجماعات على مواجهة تنظيم داعش. لذلك، ستكون هذه المنطقة تحت المنظور الأمني والاستراتيجي العسكري الأردني بصورة كبيرة في الفترة المقبلة.
تبقى المعضلة الحقيقية هي درعا، في حال بدأ الهجوم العسكري النظامي السوري عليها، فهنالك وجهتا نظر أردنيتان؛ ترى الأولى أن الروس يمكن أن يقوموا بدور فاعل للحيلولة دون انهيار الهدنة التي صنعوها مع الأردن في تلك المنطقة، منذ أكثر من عام، ما يعني أنها تخضع لترتيبات سياسية خاصة، والسؤال المهم هنا، ما هي هذه الترتيبات؟ وهل ستكون على حساب الجيش الحر والمعارضة المسلحة، أم هي استمرار حالة التسكين إلى حين ولادة الحل السياسي؟
وتتمثل وجهة النظر الثانية في وجود الأجندة الإيرانية التي ترى هذه المنطقة، من درعا إلى الحدود اللبنانية، استراتيجية، من الضروري السيطرة عليها، فيما سيكون دور الروس ثانوياً. وهنا، نجد رهاناً من بعض النخب السياسية الأردنية على "العامل الإسرائيلي"، فإسرائيل لن تسمح بوصول حزب الله والنظام وإيران إلى حدودها الشمالية الشرقية المتاخمة للجولان. لكن، تقف في وجه هذا الرهان استراتيجية النظام، بتقطيع درعا، والعمل بدايةً على السيطرة على المناطق البعيدة عن الحدود الإسرائيلية، وصولاً إلى تحجيم المعارضة وإضعافها واستعادة أغلب مناطق درعا، المدينة والريف المحيط بها.
على كل الأحوال، تبدو الحسابات الأردنية قد تغيّرت بالارتباط بتحوّلات الأجندات الدولية والإقليمية وموازين القوى في الداخل، وإذا كان الأردن يفضل حلاً سياسياً، فإنّه سيتنازل عما كان سابقاً يعد "خطوطاً حمراء"، وبصورة محدّدة اجتياح جيش الأسد درعا.
ثمّة سيناريوهات متعددة، منها أن يجد الأردن على حدوده القريبة عناصر تابعين للحرس الثوري الإيراني وحزب الله، وهذا سيناريو لا يرغب فيه، بالضرورة، مطبخ القرار في عمّان، ويفضل تأجيل التطورات العسكرية هناك إلى حين الوصول إلى حل سياسي للمسألة السورية.
في خلفية المشهد قناعة راسخة لدى النخبة في الأردن بانتهاء حقبة الرهانات الدولية على القضاء على النظام السوري، وبولادة قناعة بديلة بضرورة التعامل معه. وفي الوقت نفسه، احتمال توقف المشروعات الأميركية المرتبطة بتدريب فصائل المعارضة المعتدلة، بعدما تراجعت القناعة بذلك، وهي النتيجة التي ستتعزّز مع الإدارة الأميركية الجديدة.
المرحلة المقبلة، وفق أغلب التوقعات والتقديرات، هي الغوطة الشرقية، ثم في حال نجح النظام في تحقيق انتصار عسكري، والسيطرة عليها، ستكون درعا والمناطق الجنوبية المحاذية للأردن هي المنطقة التالية التي تتمتع فيها الجبهة الجنوبية (الجيش الحر) بحضور كبير، بالإضافة إلى جيش خالد بن الوليد (في الريف الغربي لدرعا)، الموالي لتنظيم داعش.
انتقل مصدر قلق الأردن، في الفترة الأخيرة، إلى المناطق الشمالية- الشرقية من حدوده، أي بادية الشام (ريفي حمص ودير الزور)، وفيها مخيما الركبان والحدلات اللذان يضمان أكثر من مائة ألف لاجئ سوري، مع تزايد نفوذ تنظيم داعش في تلك المنطقة، بعد الضغوط التي يتعرّض لها من التحالف الدولي في مدينة الموصل.
كيف يفكر "مطبخ القرار" في التعامل مع هذه التطورات الميدانية التي تتزاوج مع تطورات سياسية، مرتبطة بتغير الإدارة الأميركية وبالتحول التركي الكامل، وبانقلاب الأجندات الدولية والإقليمية في سورية لصالح النظام وحلفائه؟
من الواضح أنّ الرهان الرئيس لدى الأردن هو العلاقة الوثيقة مع روسيا. وعلى الأغلب، كانت زيارة الملك عبدالله الثاني موسكو أخيراً، ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ضمن هذا السياق لتوطيد العلاقات بين الدولتين، والتأكّد من وجود "الوسيط" الروسي في ضبط الإيقاع في المناطق الجنوبية في سورية.
فيما يخص بادية الشام، يسعى الأردن إلى تعزيز جيش العشائر وتقويته، لمواجهة "داعش"، بعد أن فشلت فكرة قوات سورية الجديدة، المدعومة أميركياً، في معاركها الأولى ضد "داعش"، لكن الاعتماد على جيش العشائر ليس كافياً، في ظل التجارب السابقة، ومحدودية قدرة هذه الجماعات على مواجهة تنظيم داعش. لذلك، ستكون هذه المنطقة تحت المنظور الأمني والاستراتيجي العسكري الأردني بصورة كبيرة في الفترة المقبلة.
تبقى المعضلة الحقيقية هي درعا، في حال بدأ الهجوم العسكري النظامي السوري عليها، فهنالك وجهتا نظر أردنيتان؛ ترى الأولى أن الروس يمكن أن يقوموا بدور فاعل للحيلولة دون انهيار الهدنة التي صنعوها مع الأردن في تلك المنطقة، منذ أكثر من عام، ما يعني أنها تخضع لترتيبات سياسية خاصة، والسؤال المهم هنا، ما هي هذه الترتيبات؟ وهل ستكون على حساب الجيش الحر والمعارضة المسلحة، أم هي استمرار حالة التسكين إلى حين ولادة الحل السياسي؟
وتتمثل وجهة النظر الثانية في وجود الأجندة الإيرانية التي ترى هذه المنطقة، من درعا إلى الحدود اللبنانية، استراتيجية، من الضروري السيطرة عليها، فيما سيكون دور الروس ثانوياً. وهنا، نجد رهاناً من بعض النخب السياسية الأردنية على "العامل الإسرائيلي"، فإسرائيل لن تسمح بوصول حزب الله والنظام وإيران إلى حدودها الشمالية الشرقية المتاخمة للجولان. لكن، تقف في وجه هذا الرهان استراتيجية النظام، بتقطيع درعا، والعمل بدايةً على السيطرة على المناطق البعيدة عن الحدود الإسرائيلية، وصولاً إلى تحجيم المعارضة وإضعافها واستعادة أغلب مناطق درعا، المدينة والريف المحيط بها.
على كل الأحوال، تبدو الحسابات الأردنية قد تغيّرت بالارتباط بتحوّلات الأجندات الدولية والإقليمية وموازين القوى في الداخل، وإذا كان الأردن يفضل حلاً سياسياً، فإنّه سيتنازل عما كان سابقاً يعد "خطوطاً حمراء"، وبصورة محدّدة اجتياح جيش الأسد درعا.
ثمّة سيناريوهات متعددة، منها أن يجد الأردن على حدوده القريبة عناصر تابعين للحرس الثوري الإيراني وحزب الله، وهذا سيناريو لا يرغب فيه، بالضرورة، مطبخ القرار في عمّان، ويفضل تأجيل التطورات العسكرية هناك إلى حين الوصول إلى حل سياسي للمسألة السورية.
في خلفية المشهد قناعة راسخة لدى النخبة في الأردن بانتهاء حقبة الرهانات الدولية على القضاء على النظام السوري، وبولادة قناعة بديلة بضرورة التعامل معه. وفي الوقت نفسه، احتمال توقف المشروعات الأميركية المرتبطة بتدريب فصائل المعارضة المعتدلة، بعدما تراجعت القناعة بذلك، وهي النتيجة التي ستتعزّز مع الإدارة الأميركية الجديدة.