يمكن تصنيف الزيارة التي يقوم قائد الجيش الليبي المنبثق عن مجلس النواب في طبرق، الفريق أول خليفة حفتر، إلى الأردن، على اعتبارها "سياحة عسكرية"، فالرجل الذي وصل الأردن عصر الأحد الماضي، في زيارة تستمر حتى يوم غد الخميس، وُضِع له برنامج مزدحم باللقاءات والزيارات الميدانية على مواقع عسكرية، يتخللها حضور تمارين عسكرية، بشكل يتيح لحفتر الذي يقصد الأردن لبحث ملف إعادة هيكلة الجيش المتهالك، الاطلاع على قدرات الجيش الأردني القتالية والتدريبية والإنتاجية.
وتضمّن البرنامج الذي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، إضافة إلى اللقاء الذي جمع حفتر بالملك عبد الله الثاني، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأردنية الفريق أول مشعل الزبن، زيارة إلى مركز الملك عبد الله الثاني لتدريب العمليات الخاصة، وجولة على واجهة المنطقة العسكرية الشمالية، وزيارة إلى مركز الملك عبد الله الثاني للتصميم والتطوير، وقيادة العمليات الخاصة المشتركة حيث يحضر تمريناً عسكرياً.
تصريحات المسؤولين الذين التقوا حفتر تشير إلى طبيعة الزيارة العسكرية البحتة، فالملك حسب بيان برتوكولي صدر عن الديوان الملكي، أكد لحفتر "حرص الأردن الدائم على الوقوف إلى جانب ليبيا في مسعاها لاستعادة أمنها واستقرارها، والتصدي للتنظيمات الإرهابية التي تستهدف وحدة شعبها وسلامة أراضيها". ولفت البيان إلى أن المباحثات ركزت على الجانب العسكري، فيما بحث رئيس هيئة الأركان الأردني مع حفتر "القضايا المتعلقة بإعادة بناء الجيش الليبي وتقديم الاستشارات اللازمة في هذا المجال".
اقرأ أيضاً: الملك الأردني يؤكد لحفتر وقوف بلاده إلى جانب ليبيا
ويشير برنامج الزيارة الذي أعدّه الجانب الأردني، إلى الرغبة في استعراض حجم الإمكانات العالية التي تتمتع بها القوات المسلحة الأردنية، خصوصاً في مجالات التدريب والتخطيط والتطوير، وهو ما يحتاج إليه جيش حفتر، الذي تشير مصادر مقربة من الوفد المرافق له إلى أن الأخير لا يرغب في الاعتماد على الأردن بشكل كامل في إعادة هيكلة جيشه وتدريب قواته.
وتقول المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها، إن "حفتر يرغب في منح الجيش المصري حصة وازنة من إعادة التأهيل والتدريب، خصوصاً أنه يعتقد أن الدور الذي لعبته مصر في مساعدة ليبيا كان الأكبر بين دول مثل الأردن والسعودية والإمارات".
وأشارت المصادر إلى وجود تفاهمات مصرية ليبية أولية حول عملية إعادة التأهيل والتدريب، مؤكدة أن ذلك لن يقلل من الدور الأردني الذي سيكون دوراً رئيسياً.
يذكر أن رئيس وزراء حكومة طبرق عبد الله الثني، كشف خلال زيارته إلى الأردن مطلع مارس/آذار الماضي، عن تقدّم حكومته بطلب للجيش الأردني للقيام بإعادة هيكلة الجيش الليبي. وكانت تصريحات الثني المتحمسة تشير إلى اضطلاع الجيش الأردني بكامل عملية الهيكلة والتدريب سواء للقوات العسكرية أو للقوات الأمنية، وهو الذي علّل حينها اختيار الجيش الأردني "لكفاءته وتأثره بالعقيدة العسكرية البريطانية السائدة في ليبيا".
حفتر، الذي يقيم في جناح في أحد أفخم فنادق العاصمة عمّان، لا يثير وجوده الكثير من الجلبة، إذ تحيطه خلال حركته مرافقة قليلة العدد، وتغيب عن الفندق الحراسات المشددة، خلافاً لما حدث خلال زيارة الثني حين تحوّل الفندق الذي أقام فيه إلى ما يشبه الثكنة العسكرية.
وبدا حفتر حريصاً جداً خلال التواصل الإعلامي، إذ أجرى عدداً قليلاً من المقابلات مع عدد من الفضائيات العربية والعالمية، وذلك بعد تأكد مرافقه الإعلامي الذي هو بالأساس مراسل لإحدى القنوات الفضائية العربية العاملة في ليبيا، من عدم وجود موقف معارض لدى تلك القنوات من حكومة طبرق، ومن حفتر.
اقرأ أيضاً: الأردن وجهة "حفتر" لبحث هيكلة جيشه