تتجمع عائلة أبو خليل زهد في منزلها، وسط حي الزيتون جنوب مدينة غزة، في جلسة سمر مسائية حول كانون النار، الذي اعتادوا الشواء عليه في ليالي عيد الأضحى، في محاولة لخلق أجواء جميلة، وسط ما تعانيه مدينتهم من تضييق وحصار.
منزل زهد لم يكن الوحيد المضاء بنار السمر، فشوارع وأزقة ومنازل غزة كانت عامرة بالمشهد ذاته - حتى وإن بنسبة أقل من الأعوام الماضية - نتيجة غلاء أسعار الأضاحي، والحالة الاقتصادية السيئة لمواطني القطاع.
تلك الحالة الصعبة لم تمنع أهالي غزة من مواصلة الاحتفال في "عيد اللحمة" كما يطلقون عليه، في طقوس تختلف إلى حد كبير عن أجواء عيد الفطر، حيث تضج بعض المناطق بأرجوحات الأطفال وبمشهد دم الأضاحي نهاراً، وباحتفالات شوائها ليلاً.
ويقول أبو خليل إنه يشعل النار بعد صلاة العشاء برفقة أبنائه، مستخدمين حطب الزيتون المجهز مسبقاً، ويقوموا بشواء لحم الأضحى بعد غسله وتنظيفه وتقطيعه، ووضع البهارات اللازمة عليه. التسلية والمرح هو هدف عائلة الخمسيني أبو خليل الذي يقول: "الشواء ليس من أجل الأكل فقط، بل من أجل اللحظات الجميلة التي تكسر روتين الحياة اليومية التي أصبحت مملة، فالشواء يصنع جواً إيجابياً بعيداً عن ضغوط الحياة التي تسبب الكدر والضيق".
اقرأ أيضاً: فرحة مؤجّلة في غزة
ويتابع: "نكرر هذه الجلسة طيلة ليالي الأضحى حتى لا يشعر أبنائي وبناتي بأي نقص، فدخلي المتواضع من وراء عملي في بيع الخضار لا يمكنني من شراء اللحم بكثرة في الأيام العادية، وهذه الأجواء الجميلة مكلفة".
رائحة الشواء غمرت شوارع وأزقة قطاع غزة، ومحلات طحن وشواء اللحم التي اكتظت بعشرات الزبائن، وشكلت حالة من حالات التحدي في وجه الصعوبات، نتيجة الإغلاق المتواصل لكافة المعابر المؤدية للقطاع. وفي أحد شوارع حيّ تل الهوا غرب مدينة غزة، جلس مجموعة من الشباب أمام منزلهم القريب من شاطئ البحر، حول كانون حطب أُشعل لشواء الكفتة وقطع اللحم، وقد بدا الانسجام واضحاً على ملامحهم، في الليلة الثانية لعيد الأضحى.
اقرأ أيضاً: حملة "خير وبركة" لإسعاد محتاجي الضفة في الأضحى
الشاب صهيب خلف لم تظهر السعادة واضحة على ملامحه، وقال: "الكثير من الناس، يقومون بشواء اللحم الذي يصل إليهم يومياً، خوفاً من فساده، بسبب الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي، والحرارة المرتفعة". ويتابع "من حق الجميع أن يفرح في العيد، ويجب توفير الأجواء المناسبة لإتمام فرحة المواطنين في مختلف المناسبات"، موضحاً أن الفلسطينيين يحاولون خلق الأجواء الإيجابية رغم الضغوط التي تحيط بهم.
الشاب سعدي الصفطاوي، قطع حديث صديقه صهيب مازحاً، وقال بلهجته العامية: "ما تقلب علينا المواجع وخلينا في النش - الشواء – لأنه لحظة الفرح ما بتتعوض"، مضيفاً: "نحن كباقي شعوب العالم، نحب ونفرح ونعشق الحياة، ونتطلع للسلام والاستقرار".
اقرأ أيضاً: خروف العيد.. أضاحي غزة "لمن استطاع إليها سبيلاً"