أشعر أحياناً بوحدة قاتلة وملل رهيب. أتفقّد صفحة الفايسبوك، أضغط خاصيّة الـ"Online"، لفترة قصيرة. تظهر عندها النقاط الخضراء إلى جانب الأسماء كأوراق ضمّة نعناع في مقهى.
يُخيّل إليّ أنني دخلتُ المقهى، وجلست على الطاولة وحيداً. "لو سمحت! أريد بوست حُب زيادة من دون أخطاء لغوية، أو بوست شعر موزون مع كثير من الموسيقى". أقول لموزّع اللايكات على الجالسين.
"لطفاً، لا أريد أن يجلس قربي أيّ ناطق حزبي". أقول لمسؤول قائمة الأصدقاء المهذّب.
هذان ضوءان قريبان جدّاً من بعضهما. إنّهما عاشقان. سأرسل لهما ابتسامةً دون كلام. وسأخبره برسالة أنّ أحداً ما يغازلها. ثم سينطفئ ضوء أحدهما الأخضر فجأةً، كانفجارغضب بعد مشاحنة. هكذا أحاول أن أسرّي عن نفسي قليلاً.
سأرى ضوء الرجل المتزوّج أخضر، وزوجته غائبة. وسأجد صديقة العائلة "تضيء" على الطاولة إلى جانبه، يمدح كلّ منهما أطفال الآخر، ويشكو - من طرف خفيّ - من شريك حياته. يواسيان بعضهما بسيل من اللايكات والكومنتات والقبلات التي يقولان إنّها بريئة وأخوية.
سأراقب مثقفاً كبيراً يجلس وحده، يكتب شعراً باذخاً لا يفهمه أحد، فهو نخبويّ جدّاً، ولا يزعجه غياب "الرعاع" عن طاولته.
السيّدة الأربعينية "كاملة المشمش"، محاطة بثلّة من الرجال يتنازعون الأمكنة قرب ضوئها، وهي تعيش صبابة الغواية والدلال، تدخّن بشراهة، وتختفي خلف سحب الدخان طاولتُها، ولا أعرف الجالسين معها.
ضوء الفتاة الجميلة الرقيقة متقطع، يأتي ويذهب كصاحبة الأعشى "كما يمشي الوجي الوحل". لكن تردّداً لا دلالاً، توشك أن تقع في الحب، وتخاف.. أتطرق بابه، أم تنتظره كي يفعل؟ وما زال موزّع اللايكات حائراً في معرفة "حالتها".
على طاولة بعيدة، ثمة أسماء أضواؤها الاحتفالية تتراقص، فهي تبدّل مواقعها بغير انتظام. شباب وصبايا يرقصون. يبدو احتفالاً بنجاح أو تخرّج، وثمة صورة قالب حلوى بشمعة وعليها "تاغات" بعدد الأضواء. إنّهم يتبادلون التّهاني. أطلب من موزّع اللايكات إبلاغهم تحياتي بـ"لايك".
ثمة صديقة تجلس بعيداً جدّاً، بالكاد رأيتها، ضوءها خافت باهت. إنّها وحيدة في بلاد بعيدة، أحييها بيدي وأبتسم، فتبتسم. أضواء كثيرة تضيء وتنطفئ، لأصدقاء يمرّون سريعاً بين الطاولات، ولا يجلسون، يثبتون حضوراً في المقهى فقط.
ما زلت جالساً وحدي، أحتسي بعض "البوستات"، وأدفع الحساب من وقتي، وينطفئ الأخضر عندي مرّة أخرى دون جلبة.
يُخيّل إليّ أنني دخلتُ المقهى، وجلست على الطاولة وحيداً. "لو سمحت! أريد بوست حُب زيادة من دون أخطاء لغوية، أو بوست شعر موزون مع كثير من الموسيقى". أقول لموزّع اللايكات على الجالسين.
"لطفاً، لا أريد أن يجلس قربي أيّ ناطق حزبي". أقول لمسؤول قائمة الأصدقاء المهذّب.
هذان ضوءان قريبان جدّاً من بعضهما. إنّهما عاشقان. سأرسل لهما ابتسامةً دون كلام. وسأخبره برسالة أنّ أحداً ما يغازلها. ثم سينطفئ ضوء أحدهما الأخضر فجأةً، كانفجارغضب بعد مشاحنة. هكذا أحاول أن أسرّي عن نفسي قليلاً.
سأرى ضوء الرجل المتزوّج أخضر، وزوجته غائبة. وسأجد صديقة العائلة "تضيء" على الطاولة إلى جانبه، يمدح كلّ منهما أطفال الآخر، ويشكو - من طرف خفيّ - من شريك حياته. يواسيان بعضهما بسيل من اللايكات والكومنتات والقبلات التي يقولان إنّها بريئة وأخوية.
سأراقب مثقفاً كبيراً يجلس وحده، يكتب شعراً باذخاً لا يفهمه أحد، فهو نخبويّ جدّاً، ولا يزعجه غياب "الرعاع" عن طاولته.
السيّدة الأربعينية "كاملة المشمش"، محاطة بثلّة من الرجال يتنازعون الأمكنة قرب ضوئها، وهي تعيش صبابة الغواية والدلال، تدخّن بشراهة، وتختفي خلف سحب الدخان طاولتُها، ولا أعرف الجالسين معها.
ضوء الفتاة الجميلة الرقيقة متقطع، يأتي ويذهب كصاحبة الأعشى "كما يمشي الوجي الوحل". لكن تردّداً لا دلالاً، توشك أن تقع في الحب، وتخاف.. أتطرق بابه، أم تنتظره كي يفعل؟ وما زال موزّع اللايكات حائراً في معرفة "حالتها".
على طاولة بعيدة، ثمة أسماء أضواؤها الاحتفالية تتراقص، فهي تبدّل مواقعها بغير انتظام. شباب وصبايا يرقصون. يبدو احتفالاً بنجاح أو تخرّج، وثمة صورة قالب حلوى بشمعة وعليها "تاغات" بعدد الأضواء. إنّهم يتبادلون التّهاني. أطلب من موزّع اللايكات إبلاغهم تحياتي بـ"لايك".
ثمة صديقة تجلس بعيداً جدّاً، بالكاد رأيتها، ضوءها خافت باهت. إنّها وحيدة في بلاد بعيدة، أحييها بيدي وأبتسم، فتبتسم. أضواء كثيرة تضيء وتنطفئ، لأصدقاء يمرّون سريعاً بين الطاولات، ولا يجلسون، يثبتون حضوراً في المقهى فقط.
ما زلت جالساً وحدي، أحتسي بعض "البوستات"، وأدفع الحساب من وقتي، وينطفئ الأخضر عندي مرّة أخرى دون جلبة.