لجأت حكومة نواز شريف في باكستان، إلى دعم الأحزاب السياسية والشارع الباكستاني، في مواجهة الاحتجاجات المتصاعدة التي يقودها زعيما المعارضة، عمران خان ورجل الدين طاهر القادري، منذ أكثر من أسبوع، بعد فشلها في إقناع الأخيرين بإنهاء الاعتصامات والتخلي عن مطلب رحيل شريف. غير أن استمرار الأزمة يزيد المخاوف من تغيير هذه الأحزاب المؤيدة لشريف، مواقفها وخياراتها.
وتلقت حكومة شريف دعماً من أحد عشر حزباً من أصل 12 حزباً في البرلمان الفدرالي لمواجهة الاعتصامات، التي ينظّمها الآلاف من مناصري القادري وخان في العاصمة إسلام آباد، والمدن الرئيسية الباكستانية، والتي تهدف إلى إطاحة حكومة شريف، بحجّة أنّها زوّرت الانتخابات التي أُجريت العام الماضي. وقد أصدر البرلمان الفدرالي ومجلس الشيوخ قرارات تأييد حكومة شريف، وأكدا أنّها حكومة منتخبة، لا يحق لأي حزب المطالبة بإسقاطها.
وفي الشارع الباكستاني، نظمت حركات دينية كجمعية "علماء الإسلام" وجيش الصحابة، أمس الجمعة، مسيرات حاشدة في العاصمة إسلام آباد، وفي مدينة كراتشي وبشاور ولاهور، لتأييد حكومة شريف والتنديد بما سمته محاولة انقلاب على حكومة شرعية.
وقال زعيم مجلس "علماء الإسلام"، العلامة طاهر أشرفي، إن "ما يحدث حاليّاً إنما هو تخطيط لإطاحة حكومة منتخبة عبر طرق غير دستورية"، موضحاً أن الشعب الباكستاني برمته يرفض احتجاجات قادري وخان.
بدوره، بيّن العلامة أمجد، القيادي في جمعية "علماء الإسلام"، والذي قاد مسيرة كبرى في مدينة لاهور، أن القادري وخان فشلا في الحصول على دعم الشعب الباكستاني، لذلك اختارا طريقة غير دستورية.
علاوة على الدعم الداخلي، تحظى الحكومة الباكستانية بدعم الولايات المتحدة، إذ أعلنت الخارجية الأميركية أكثر من مرة أن نواز شريف رئيس وزراء منتخب، وأن الولايات المتحدة لن تقبل أي تغيير غير دستوري في باك
ستان. كما أصدرت السفارة الأميركية لدى إسلام آباد بياناً، أوضحت فيه أن واشنطن لن تتدخل في شؤون باكستان الداخلية، لكنها لن تقبل أية خطوة غير دستورية لتغيير حكومة نواز شريف.
وكان القيادي المعارض وزعيم حركة "الإنصاف" عمران خان، قد اتهم الولايات المتحدة بالتدخل في شؤون باكستان، بعد إجراء السفير الأميركي ريتشارد أولسن لقاءات مع السياسيين في باكستان كان من بينهم، زعيم حزب "الرابطة الإسلامية" ـ جناح قائد أعظم، شودري شجاعت حسين، وحاكم إقليم خيبر، بختو نخوا سردار مهتاب عباسي، ودفعت اتهامات خان السفارة الأميركية إلى إصدار بيان أكدت فيه أن اجتماعات السفير تأتي في إطار التعاون المشترك بين الدولتين، وهي لا توحي بالتدخل الأميركي في الشؤون الباكستانية.
ورغم تعثر المفاوضات في الجولة الأولى منها، بين الحكومة والمعارضة، غير أنّها عادت واستؤنفت صباح اليوم، إذ عقدت المرحلة الثانية بين وفدي خان والحكومة في فندق سرينا القريب من موقع اعتصام المعارضة. وفيما لم يتحدث الوفدان عن أي نتائج، لكن قياديّاً في حزب خان قال لـ"العربي الجديد": إن استقالة رئيس الوزراء تبقى المطلب الرئيسي لفض الاعتصامات، وإن المعارضة تنتظر جواب الحكومة. بينما ذكر أحد أعضاء وفد القادري، ويدعى رحيق عباسي، بعد اجتماعه بوفد الحكومة، أن الجانب الحكومي لا يعول كثيراً على الحوار.
ورغم ذلك، أكّد وزير الداخلية شودري نثار، أكثر من مرّة، أنّ الحكومة لا تنوي اللجوء إلى القوة للتصدي إلى المحتجين، وأنّها تتبع أساليب مختلفة لإنهاء الأزمة من خلال طرق سلمية. وحذر في الوقت نفسه المتظاهرين من محاولة الدخول إلى المقار الحكومية المهمة.
وفي السياق، يُتوقع أن يلتقي رئيس الوزراء الباكستاني، اليوم، سلفه آصف علي زرداري في مدينة لاهور، ليناقش معه الوضع السياسي الراهن. وذكر وزير الداخلية السابق والقيادي في حزب "الشعب" الباكستاني رحمن ملك، أن شريف دعا زرداري خلال اتصال هاتفي، إلى منزله في مدينة لاهور لمناقشة الأوضاع السياسية السائدة في البلاد. وشدّد على أنّ زرداري أبدى استعداده للتعاون مع الحكومة لإجاد حل سلمي للأزمة.
ويخشى شريف من أن تدفع الاحتجاجات بالأحزاب السياسية المؤيدة لحكومته، إلى تغيير مواقفها، لا سيما وأن الاعتصامات قد امتدت إلى مدن أخَر غير العاصمة.