وتمت هزيمة مشروع التعديل بفارق عشرة أصوات، حيث صوت 311 نائباً ضدّه و301 معه، مجنباً بذلك الحكومة هزيمة برلمانية غير مرغوب بها حالياً.
وتراجع النواب المتمردون من حزب المحافظين عن دعمهم للتعديل، وهو ما كان سيؤدي إلى هزيمة الحكومة في التصويت، بعد أن حصلوا على تطمينات من قبلها بالعمل معهم على متابعة تبعات بريكست على حقوق الإنسان في بريطانيا.
إلا أن كين كلارك، والمعروف بمواقفه مع الاتحاد الأوروبي، كان النائب الوحيد من الحزب الحاكم ممن صوتوا لصالح التعديل الذي اقترحته الأحزاب المعارضة، بالحفاظ على ميثاق حقوق الإنسان الخاص بالاتحاد الأوروبي.
وكانت منظمات مدنية قد حذرت، خلال الأسبوع الماضي، من أن الحقوق الفردية في الخصوصية والعدالة وحرية التعبير، إضافة إلى العدل في بيئة العمل، والمحاكمة العادلة وحق الحصول على دفاع أمام المحاكم، وحماية البيانات الشخصية، جميعها في خطر محتمل إذا تم نزع الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان من القوانين البريطانية بعد بريكست في مارس/ آذار 2019.
ويهدف قانون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، الذي تم تمريره قبل شهرين في البرلمان في الجولة الأولى من التصويت عليه، إلى استبدال القوانين الأوروبية بأخرى بريطانية لحظة الخروج من الاتحاد الأوربي في عام 2019. وكانت الحكومة البريطانية قد اقترحت أن يتم ذلك بمنح الوزراء السلطات التنفيذية الكافية لإجراء التعديلات المطلوبة من دون العودة للبرلمان للتصديق عليها، وهو ما يعرف باسم صلاحيات هنري الثامن.
ومنذ ذلك الحين تم تحويل القانون إلى اللجان البرلمانية المكونة من الأحزاب المختلفة لطرح التعديلات الملائمة، وليتم التصويت عليها وإدراجها في نص القانون.
إلا أن عدم وجود رؤية واضحة للبريكست، حتى الآن، إضافة إلى أن الحكومة الحالية هي حكومة أقلية لا تتمتع بنسبة 51 في المائة المطلوبة لتمرير قوانينها في مجلس العموم، ووجود تصدعات داخل الحزب الحاكم ذاته، تعقد من قدرة الحكومة الهشة حالياً على تمرير التعديلات التي تريدها، أو دفع التعديلات التي تطرحها المعارضة.
فبعد أن نجحت حكومة تيريزا ماي في تفادي عدة صدمات، خلال الشهر الماضي، أدت إلى استقالة وزيرين وتمرد عدد آخر، وفشل مستمر في محادثات بريكست، فإنها بالتأكيد لا تريد الوصول إلى نقطة تفشل فيها في تمرير تشريعاتها في البرلمان البريطاني.
وكان دومينيك غريف، زعيم التمرد المحافظ في البرلمان ضد سحب ميثاق الاتحاد الأوروبي من القوانين البريطانية، قد حذر من أن مثل هذه الخطوة تضر بصورة الحزب أمام الناخبين، فلا أحد يرغب ببريكست يقضي على الحريات المدنية البريطانية. وقاد غريف تمرداً من نحو خمسة عشر نائباً، مدعومين من الأحزاب المعارضة، نظراً لخوفهم من فترة بعد مارس/ آذار 2019، حيث "توجد فجوات في نواحي قانونية تهم الشعب وغير محمية على الإطلاق".
إلا أن غريف سحب تهديده بالتصويت ضد الحكومة بعد أن عرضت الأخيرة تنازلات اعتبرها مرضية. فقد قال وزير العدل دومينيك راب، في محاولة منه لرأب الصدع أن الحكومة ستضع خلال أسبوعين وصفاً لكيفية تحويل البنود الأساسية من الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان بعد بريكست، إلى قوانين بريطانية في "وثيقة مفصلة".
إلا أن كين كلارك اتهم الحكومة بالفشل في تبرير رغبتها في التخلص من الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان بعد الانفصال. وقال ساخراً منها: أعتقد أنه بسبب وجود كلمة "أوروبي" و"حقوق" فيها، موجهاً اللوم في ذلك إلى الجناح اليميني المتطرف في الحزب.
هذا ولم تتعرض الحكومة لأية هزيمة برلمانية، حتى الآن، في الجلسات الثلاث الأولى لمناقشة التعديلات على قانون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، ولا يزال أمامها خمس جولات من النقاشات الحادة حول نحو 300 تعديل تم اقتراحها على مشروع القانون.