يمارس الفلسطينيون في الضفة الغربية كل أشكال المقاومة الشعبية للاحتلال الاسرائيلي، فمنهم من يخوض مقاومة شعبية ميدانية وجها لوجه مع جنود الاحتلال، فيما يخوض آخرون مواجهة اقتصادية بمقاطعة ومنع منتجات اسرائيلية من الدخول إلى الأسواق الفلسطينية.
ويقول منسق الحملة الشعبية لمقاطعة منتجات المستوطنات الاسرائيلية، خالد منصور لـ"العربي الجديد" إن الحملة تنظر إلى المقاطعة على أنها سلاح في وجه المحتل، وشكل من أشكال المقاومة الشعبية التي تهدف إلى إلحاق الضرر في اقتصاد المحتل، الذي يبيع منتوجاته في الأسواق الفلسطينية بقيمة تزيد عن ٤ مليارات و٤٠٠ مليون دولار سنوياً، وعوائد تلك المنتجات تذهب إلى خزينة الاحتلال، وبالتالي تتحول إلى رصاص يقتل الفلسطينيين.
ويوضح بأن المحتل الإسرائيلي لن يرحل إلا إذا بدأ يخسر، وهو يكسب من خلال تحويل فلسطين إلى سوق لمنتجاته، وعائداته الضريبية المضافة.
تعزيز الاقتصاد الوطني
وتهدف المقاطعة بحسب منصور، إلى تعزيز الاقتصاد الوطني الفلسطيني، والذي حاول الاحتلال الاسرائيلي ضربه منذ العالم 1967 حيث ضرب الزراعة من خلال مصادرة الأراضي والمياه، وضرب التجارة من خلال السيطرة على المعابر، لتجد الصناعات الفلسطينية ضعيفة وغير قادرة على المنافسة.
ويلفت الى أنه ما دامت هنالك منافسة من منتجات الاحتلال الاسرائيلي، سيكون من الصعب على المنتجات الفلسطينية مواجهتها، الأمر الذي يفرض على الجميع توفير حماية للمنتج الفلسطيني كما تفعل كل دول العالم مع منتجاتها.
وقال إن الحملة الوطنية لمقاطعة منتجات الاحتلال لديها عائق وهو اتفاقية وبروتوكول باريس الاقتصادي الذي يفرض على الفلسطينيين التزامات اتجاه الاحتلال والسماح لبضائعه بالدخول إلى السوق الفلسطينية بنسبة 80 في المئة مقابل 20 في المئة لدخول المنتجات الفلسطينية إلى المناطق المحتلة، وأشار إلى أن هذا البروتوكول خطير لأنه يسمح بالغزو الحر للبضائع الاسرائيلية للسوق الفلسطينية، كما يشكل عائقاً أمام حركة المقاطعة لأن السلطة الفلسطينية لا تريد أن تفرض قيوداً على البضائع الاسرائيلية، فقط هي أخذت قرار مقاطعة منتجات المستوطنات.
تنظيم المقاومة الاقتصادية
وعلى صعيد المقاطعة، أوضح منصور أن أكثر من جهة قائمة عليها، في ظل التطور الذي جرى بعد قرار السلطة مقاطعة منتجات المستوطنات وتجريم كل من يتعامل معها، وقال: "لدينا حركة مقاومة اقتصادية لكن غير منظمة، بدأت عام ٢٠٠٨ أثناء الحرب على غزة وكانت تهدف إلى الحاق الضرر في الاقتصاد الاسرائيلي وتعزيز الاقتصاد الوطني الفلسطيني إلى جانب إيجاد فرص للعاطلين من العمل".
وتسعى الحركة من خلال أنشطتها، الى تحويل المقاطعة إلى جزء من الثقافة الوطنية الفلسطينية، وتغيير سلوك المواطن الفلسطيني ليصبح رافضا لمنتجات المحتل، وشملت المقاطعة منذ انطلاقها أنشطة ميدانية في الأسواق يتحدث المتطوعون فيها مع التجار والمتسوقين لإيصال رسالة المقاطعة لهم، إلى جانب حملات المقاطعة الرمضانية تحت عنوان "الافطار الحلال ليس من صنع الاحتلال".
الاقتصاد: للمقاطعة الدائمة
من جهته، يقول مسؤول العلاقات العامة في وزارة الاقتصاد الفلسطيني محمد أبو شنب لـ"العربي الجديد" إن ثمة قانونا فلسطينياً يحظر التعامل والتداول مع خدمات ومنتجات مستوطنات الاحتلال الاسرائيلي، ويجرم كل من يقوم بذلك، وبناء على ذلك تم إطلاق الحملة الوطنية لمكافحة منتجات المستوطنات أواخر العام 2010.
ويشير إلى أن ما تم إتلافه منذ ذلك التاريخ، تقارب قيمته 50 مليون شيكل، أغلبها منتوجات غذائية يجري تهريبها من المستوطنات. وأعاد السبب الذي يسهل عملية التهريب والإفلات من الرقابة الاقتصادية إلى غياب السيطرة للسلطة الفلسطينية على المعابر مع الاحتلال الاسرائيلي.
وعلى صعيد ضبط السوق الداخلية، لفت أبو شنب إلى أنه وبالشراكة مع مؤسسات المجتمع الخاص والمدني، تم إطلاق سلسلة من الحملات التوعوية والإرشادية للمقاطعة، أبرزها حملة "من بيت لبيت" وكانت هنالك نتائج إيجابية وملموسة.
ونوه إلى أن عملية مقاطعة منتجات الاحتلال، بحاجة إلى جهود مضاعفة ومشتركة بين الجميع، وعرج على مشكلة تواجهها وزارة الاقتصاد في التعامل مع منتجات المستوطنات، في ظل قيام بعض التجار بتزوير تلك المنتجات واللعب في تاريخها والترويج لها في الأسواق الفلسطينية.
وحتى تختفي منتوجات المستوطنات التي لا حصر لها في الأسواق الفلسطينية، طالب أبو شنب، بالمزيد من الحملات من قبل المجتمع المدني، وألّا تكون تلك الحملات موسمية فقط، بل ضمن مخطط مبين وواضح لجميع الجهات.