بعد الانتصار الذي حققته جماعة أنصار الله (الحوثيين)، في اليمن، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بإخماد انتفاضة حلفائهم الموالين للرئيس الراحل علي عبدالله صالح في صنعاء، ثم الخسائر التي مُنيت بها بتراجعها في بعض جبهات المواجهات، في الأطراف (أبرزها بيحان والخوخة)، اتجهت الجماعة، لحملة تجنيد رسمية وغير مسبوقة، لتعويض الخسائر والاستعداد لمرحلة تصعيدية مقبلة مع القوات الموالية للشرعية بدعم من التحالف بقيادة السعودية والإمارات.
في هذا السياق، أكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أن "الحوثيين بدأوا منذ أيام، حملة رسمية للتجنيد في مختلف المحافظات الخاضعة لسيطرتهم، بما فيها العاصمة صنعاء. ومن المقرر أن تشمل كافة المناطق التي تسيطر عليها الجماعة، في وسط وشمال وجنوبي غرب البلاد، لضمّ المجندين إلى صفوف الجيش الخاضع لصفوفها. ويشارك في الحملة، المسؤولون المحليون، بما في ذلك محافظو المحافظات الموالون للجماعة، وتستدعي الأخيرة الوجهاء والشخصيات المؤثرة في المناطق، للمشاركة في حملاتها ومطالبتهم بتجميع المجندين".
وكان الحوثيون قد بدأوا حملة التجنيد، من خلال إعلان رسمي صادر عن وزارة الدفاع الخاضعة لسيطرة الجماعة، والتي أعلنت فتح باب التجنيد الطوعي، أمام المواطنين للأعمار ما بين 18 و40 عاماً. وفي سياق المحاولات لإغراء المنضمين، وعد الحوثيون بتسليم مرتبات الملتحقين في صفوف الجيش، وسط أنباء عن عملية استدعاء للجنود من أفراد الجيش والأمن المتواجدين في منازلهم منذ بدء الحرب، وطالبهم الحوثيون بالعودة إلى معسكراتهم للالتحاق بجبهات القتال مع القوات الموالية للشرعية والتحالف بقيادة السعودية والإمارات.
وفي ظل الحملة، تحدثت مصادر تابعة للشرعية، عن "ضغوط يمارسها الحوثيون على بعض وجهاء القبائل والشخصيات المحلية في بعض المناطق، بمطالبتهم، بحشد أعداد من المجندين، بشكل إجباري". وهو ما نفاه الحوثيون الذين حرصوا في الحملة الأخيرة على تسميتها بـ"التجنيد الطوعي"، على الرغم من الدعوات الصادرة من بعض قيادات الجماعة للجوء لـ"التجنيد الإجباري". وقال أحد وجهاء القبائل لـ"العربي الجديد"، ممن حضر مقربون له اجتماعاً دعا إليه الحوثيون، إن "الحضور جاء، خوفاً مما يترتب على عدم الاستجابة لدعوتهم بالحضور، وهو اتهامهم الضمني بالتخاذل".
وجاء انهماك الحوثيين أخيراً، بحملات تجنيد رسمية، في مناطق سيطرتهم، التي مثلت خزاناً بشرياً للقبائل، الموصوفة بأنها "مسلّحة"، عقب التطورات الأخيرة، التي خسروا فيها مناطق كبيحان في محافظة شبوة، وإلى جانبها مديرية على الأقل في محافظة البيضاء، فضلاً عن مديرية الخوخة في محافظة الحديدة. كما تواصلت المواجهات على أكثر من جبهة في المناطق القريبة من الحدود السعودية وفي محافظة الجوف.
ومن زاوية أخرى، أتت حملات التجنيد الحوثية، في ظل الأنباء الواردة عن استعدادات قوات الجيش اليمني الموالية للشرعية، لموجة جديدة من التصعيد العسكري نحو العاصمة صنعاء، بالإضافة إلى أنباء إنشاء معسكر على الأقل، لاستقطاب الموالين للرئيس الراحل، وتجنيدهم، بقيادة نجل شقيقه، طارق صالح، الذي ظهر أخيراً من محافظة شبوة الجنوبية، مع الانقسام الكبير، في أوساط الشرعية، إزاء منح دور لموالين لصالح ونجل شقيقه، الذي كان أبرز أذرع صالح العسكرية، خلال تحالفه مع الحوثيين.