وقال محمد لعرابي لـ"العربي الجديد" إنه أطلق رفقة شباب نداءات لمكافحة من يصفهم بـ"المجرمين" الذين يأتون تلك الأفعال وتسببوا بتحطيم أسر بكاملها تحطيماً بطيئاً، وعطلوا زواج عشرات الشبان والبنات، داعياً إلى التضامن عبر مختلف المدن الجزائرية لمحاربة "السحرة والعرافين" بمختلف الوسائل.
وكشف لعرابي بأن الجرح عميق، وأنه واجه ضغوطات عدة لإنشاء الصفحة "لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بسبب أذى البشر"، بعدما عايش تجربة مريرة راح ضحيتها شقيقه الأكبر (49 سنة)، والذي صار "كالمجنون لا يخرج من البيت منذ أن تعطل زواجه بعد إنجاز إجراءات الزواج بالوثائق الرسمية، إلا أنه يرفض حتى اللحظة إتمام العرس، والقصة ترجع إلى 14 سنة خلت".
وأضاف أن التجربة القاسية دفعته وأصدقاءه للنداء عبر مواقع التواصل الاجتماعي للإفراج عن قائمة بأسماء السحرة وعناوين تواجدهم في ولاية باتنة الجزائرية، و"محاربتهم عن طريق تجنيد الشباب الواعي"، داعياً السلطات المحلية للانضمام إلى هذه المبادرة وإيقاف "المتاجرة بآلام البشر" يقول المتحدث.
من جهته، أشار الشاب يحي بن عايشة من منطقة نقاوس بولاية باتنة لـ"العربي الجديد" إلى استغلال العرافين والسحرة غياب الوعي لدى كثير من الناس، وباتوا لا يفرقون في أذية الكبير والصغير، الفقير والغني، المرأة والرجل، بل يهدمون بيوتا بعدما كانت مجتمعة، ويفرقون بين الأزواج ويعيقون الإنجاب.
من ناحيتها، أوضحت الخبيرة في علم النفس الأسري سعيدة خلاص لـ"العربي الجديد" أن التحول الذي يعرفه المجتمع الجزائري لا يفرق بين مثقف وجاهل، مشيرة إلى دراسة بينت أن "اللجوء إلى العرافين والسحرة لا يتعلق بالوعي فقط، بل بالحاجة الملحة للوصول إلى المبتغى إن كان إيذاء شخص أو الاقتراب من شخص أو تهديم بيت أو الانتقام". ولفتت إلى أن "انتشار العرافين والسحرة دليل على شرخ كبير في المجتمع الجزائري وانعدام الرادع أو الوازع الديني الذي يعيد الإنسان إلى جادة الصواب".
استند محاربو السحرة والعرافين في مدينة باتنة على حكم إتيان العرافين في الشريعة الإسلامية وما جاء في كتاب الله تعالى في سورة البقرة "يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل"، واعتباره شركاً بالله، لافتين إلى أن الحملة تهدف إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه في وسط يبدو منغلقاً، خصوصاً في المناطق النائية والقرى.
وتجمع عشرات الشباب حول أغراض متصلة بالسحر، فيها تمائم من أقفال وأوراق محروقة وصور ممزقة موجودة في إحدى المقابر، وهي أشياء وأغراض تخيف بعضهم، وبدأوا رحلة البحث عن سبيل لإحراقها وإبطال مفعولها.
كم هو البئر عميق يقول غيلاس بن يحي لـ"العربي الجديد"، فبعد ورود معلومات عن رمي أحد العرافين لأغراض فيه للتفريق بين زوجين، "أخرجنا تلك الأغراض وهي عبارة عن صور ممزقة لرجل وامرأة، وأشياء أخرى، أقفال كثيرة ومفاتيح مكسرة وغيرها من الأغراض التي لا يفهمها سوى من يستعملها للأذى، وإحداث أمراض استعصى على الطب علاجها، لتكون رحلة إبطال المفعول طويلة وشاقة كلفت ناساً كثراً جهوداً مضنية وسنين طويلة للبحث عن علاج لكف أذى البشر".