ووثّقت وسائل الإعلام الإسرائيلية طوال الأيام الأخيرة، عمليات الاختراق التي قامت بها هذه الحوامات (طائرات صغيرة مخصصة للاستطلاع والتصوير) للحدود، ونجاحها في الوصول إلى بعض المستوطنات داخل الأراضي المحتلة عام 1948 والعودة إلى قطاع غزة من جديد.
وبالتوازي مع ذلك، شهدت الفترة الأخيرة تنفيذ وحدات النخبة التابعة للمقاومة الفلسطينية عدداً من المناورات داخل المواقع العسكرية التابعة لها، في إطار التدريبات والاستعدادات المتواصلة لأي طارئ، مع اتباع إجراءات السلامة والوقاية من فيروس كورونا.
وخلال الأعوام الأخيرة، نجحت بعض الفصائل في امتلاك طائرات مسيرة بدون طيار وبنماذج ونسخ عدة؛ هجومية وانتحارية واستطلاعية، وهو ما دفع الاحتلال الإسرائيلي لاغتيال المهندس التونسي، محمد الزواري، القيادي في كتائب "القسام"، أحد المشرفين على عملية تطوير هذه الطائرات. وتشكّل الحوامات التي باتت فصائل غزة تمتلكها عنصر قوة إضافياً إلى جانب المنظومة الصاروخية التي بحوزتها. ويأتي ذلك في أعقاب التطور العسكري الكبير الذي حصل في السنوات الأخيرة على صعيد قدرات الفصائل، ومنها القدرة على استهداف مختلف المدن المحتلة عام 1948.
وتمتلك تلك الحوامات والطائرات المسيرة بدون طيار القدرة على جمع معلومات استخباراتية من خلال تصوير بعض المواقع والأهداف التابعة للجيش الإسرائيلي بدقة عالية، إلى جانب رصد التحركات على الحدود من دون الحاجة لعنصر بشري.
وإلى جانب التصوير ورصد التحركات، فإنّ الطائرات والحوامات يمكن استخدامها بشكلٍ مزدوج، بحيث تنفّذ عمليات داخل الأراضي المحتلة، خصوصاً أنها قادرة على التحليق بشكل منخفض من دون أن يلتقطها الرادار بسرعة.
وتبدو المقاومة حالياً معنية بجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن الجيش الإسرائيلي والمواقع في غلاف غزة، استعداداً للمواجهة المقبلة، في الوقت الذي لا تتوقف فيه طائرات الاحتلال من جهتها عن التحليق في أجواء القطاع. وخلال جولات التصعيد الماضية التي شهدتها غزة، عرضت بعض الأذرع العسكرية، ومنها "سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة "الجهاد الإسلامي"، عمليات استهداف لدبابات إسرائيلية كانت قرب الحدود الفاصلة مع القطاع، ونفذتها عبر حوامات وطائرات مسيرة.
وتعكس هذه التطورات رغبة الفصائل في غزة بالاعتماد على الحوامات والطائرات المسيرة في تنفيذ عمليات داخل العمق الإسرائيلي، واستهداف الآليات والجنود على حدٍ سواء، وهو ما تسعى إسرائيل لمنع حدوثه وإحباطه كلياً. وبالنسبة للمختص في الشأن الإسرائيلي، حاتم أبو زايدة، فإنّ تواصل عمليات الاختراق المتكررة من قبل حوامات المقاومة للحدود مع الاحتلال، يعكس مواصلة تطوير قدراتها استعداداً لأي عدوان إسرائيلي محتمل. ويوضح أبو زايدة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "هناك قناعة راسخة لدى القادة العسكريين الإسرائيليين بأنّ مسألة الصدام والمواجهة العسكرية هي أمر مفروغ منه، وما حصل أخيراً هو تبدل في الأولويات لصالح جائحة كورونا فقط".
وتشير كل التوقعات إلى إمكانية حدوث مواجهة عسكرية وصدام واسع بين المقاومة وإسرائيل بعد انقضاء أزمة جائحة كورونا، وفق أبو زايدة، الذي يوضح أنّ ذلك يدفع الجانبين لاستغلال الفترة الحالية لجمع المعلومات والتدريبات، استعداداً للحرب المقبلة المحتملة.
ويرى المتحدّث نفسه أنّ "عمليات اختراق الحدود من قبل الحوامات تتعلّق بأبعاد ميدانية، وتهدف المقاومة من خلالها لتطوير قدراتها وأسلحتها وتجريب فعاليتها من جانب، ومن جانب آخر إيصال رسائل للاحتلال بشأن إمكانات ما تمتلكه". ويشير أبو زايدة إلى "وجود تخوّف حقيقي لدى الاحتلال من هذا التطور الحاصل، لأنه مقتنع بحتمية المواجهة المقبلة مع فصائل المقاومة في غزة، والتي تطورت أسلحتها العسكرية بشكل غير مسبوق، مقارنةً مع سنوات ماضية".
إلى جانب ما تقوم به المقاومة من تطوير لقدراتها وتجاربها الصاروخية المتكررة وإرسالها الحوامات، فإنّ الطائرات الإسرائيلية لا تتوقف هي الأخرى عن التحليق في أجواء القطاع، وهو ما يعني قيامها بجمع معلومات ورصد أهداف جديدة. وفي فبراير/ شباط الماضي، أعلنت سلطات الاحتلال إسقاط طائرة من دون طيار بعد إطلاقها من قطاع غزة، إذ حلقت على ارتفاع 1700 قدم، ووصلت إلى مسافة تبعد 13 كيلومتراً عن شاطئ قطاع غزة. وقد اعتبر الاحتلال ذلك أمراً غير مسبوق، نظراً إلى العلو الذي وصلت إليه هذه الطائرة.