تُحيي الجمعيّات الأهلية في لبنان اليوم العالمي للمتبرعين بالدم في 14 يونيو/حزيران الجاري، من خلال سلسة نشاطات في مختلف المحافظات. لكن الشاب إيلي يُحيي المناسبة بشكل دوري، من خلال تبرعه بالدم كل ثلاثة أشهر، ليُنقذ حياة الجرحى أو المرضى.
يحفظ إيلي إجراءات بنوك الدم في مختلف المستشفيات اللبنانية، بحكم خبرته في هذا المجال. يجيب بتلقائية على أسئلة الممرض حول تاريخه الصحي والمرضي، قبل أن يستسلم للإبرة المتصلة بالجهاز، الذي سيسحب الدم من ذراعه اليمنى. خلال العملية التي تستغرق نحو ربع ساعة، يحرك إيلي أصابعه لإعادة انسياب الدم الذي طلبه أقرباء أحد مرضى القلب في مستشفى رزق في منطقة الأشرفية، في شرق العاصمة بيروت.
يواجه إيلي صعوبة، وهو يحاول التقاط صورة "سيلفي" للعملية، لإرسالها إلى حساب جمعية "دونيه سان كونتيه" (عطاء بلا مقابل) على موقع فيسبوك، بهدف تشجيع اللبنانيين على التبرع بالدم " كل ثلاثة أشهر، من دون انتظار أن يكون هناك حالة بحاجة للدم". هذا الشعار يرفعه إيلي على صعيد شخصي، ويحاول نقله إلى زملائه في العمل وعائلته.
يغادر المستشفى بعدما طمأن أهل المريض إلى إنجاز عملية التبرع. خلال النهار، تلاحقه الأسئلة عن سبب تضميد يده، فيجيب بثقة: "كنت أتبرّع"، ففئة الدم النادرة التي تجري في عروق إيلي مطلوبة بكثرة. يقول إن "فئة الأو سلبي تقبلها الأجسام بصرف النظر عن فئة دم المُتلقي". في المقابل، يشعر بالخوف عند الحديث عن إمكانية احتياجه لنقل دم "لأن فئتي لا تقبل أي فئة أخرى وعدد من يحملونها قليل جداً". لكن الخوف يتبدد سريعاً مع تعداد أسماء أصدقاء جمعيات التبرع بالدم الذين يحملون الفئة نفسها.
لا يقتصر طلب وحدات الدم من مختلف الفئات على المستشفيات الحكومية والخاصة بل يتعداه إلى الجمعيات الأهلية كالصليب الأحمر اللبناني، وجمعية "دونيه سان كونتيه"، اللتين تنظمان سلسلة نشاطات في اليوم العالمي للمتبرعين بالدم.
تحت شعار "ذا بروميس ران"، يرعى الصليب الأحمر مبادرة المغامر الدولي علي وهبي، الذي سيركض لمسافة ألف كيلومتر بين مختلف مراكز الصليب الأحمر في لبنان للتوعية حول أهمية التبرع بالدم.
ويشير مدير قسم العلاقات العامة والإعلام في الجمعية إياد المنذر، إلى "انطلاق النشاط من اليوم الأول في يونيو/حزيران، واستمراره حتى الرابع عشر منه، ليجول وهبي على مراكز الصليب الأحمر و12 بنك دم تابعاً للجمعية في مختلف المناطق اللبنانية".
ورفعت البلديات لافتات الترحيب بوهبة الذي واكبته القوى الأمنية من البترون شمالاً وحتى الناقورة جنوباً. ويؤكد المنذر جهوزية مراكز الصليب الأحمر، التي تراعي الشروط العالمية، لاستقبال المتبرعين على مدار العام، وهي تعمل على تحديث لوائح المتبرعين من خلال استمارات خاصة توزع في كافة المناسبات التي يشارك فيها الصليب الأحمر.
كذلك، تُنظّم جمعية "دونيه سان كونتيه" نشاطاً تحت عنوان "قطرة واحدة في وقت واحد"، لتأمين احتياجات اللبنانيين من وحدات الدم ليوم واحد على الأقل. ويشير مؤسس الجمعية ومديرها الحالي يورغي تيروز، إلى "تجاوز حاجة لبنان السنوية من وحدات الدم 120 ألف وحدة، أي بمعدل 300 وحدة يومياً، وهو ما نحاول تأمينه من خلال نشاطنا". أيضاً، ستسيّر الجمعية بنكاً جوالاً للدم مثبتاً داخل شاحنة مغلقة، على أن تعمل على مدار السنة بالتعاون مع المصارف والمؤسسات التجارية الكبرى التي سيشارك موظفوها بحملات التبرع.
وفي وقت يتبادل المتبرعون الحديث عن الفوائد الكثيرة للتبرع بالدم، وتحقيق معاني التضامن الإنساني مع الجريح أو المريض، يشير طبيب الصحة العامة عبد الهادي الرفاعي، إلى "إمكانية خفض نسبة الإصابة بالقلب مستقبلاً من خلال التبرع بالدم. وهي الفائدة الطبية الوحيدة المثبتة عملياً للمتبرع الذي تتجدد خلاياه بشكل كامل كل 120 يوماً".
اقرأ أيضاً: