23 فبراير 2019
خارج التغطية الحضارية
عمر بن أعمارة (المغرب)
من حادثة ظهور السيدة العذراء في سماء مدينة القاهرة فوق قبة الكنيسة، بعد هزيمة المجمع العربي أمام دولة إسرائيل الفتية سنة1967، إلى سماء مدينة مكناس، حيث حلقت الملائكة في إحدى ليالي رمضان من هذه السنة، فحادثة الرؤيا والحلم بكنز مدفون في سفوح جبال قرية سرغينة في إقليم بولمان، نكون أمام صورة عالم إسلامي خارج التغطية الحضارية للعصر، عقل معطل أو مستقيل، ومجتمعات إسلامية تسبح في فكر أسطوري خرافي منذ سنوات وقرون.
جموع غفيرة محتشدة حول فرد وسط جبال قاحلة جرداء. قد يوحي المنظر لك بأن الأمر يتعلق بلحظات تصوير فيلم سينمائي تاريخي، أو حتى ديني، مواطنون طيبون، أبرياء، بسطاء حتى السذاجة، هم ضمن جمع غفير قدّر بعشرات المئات، ربما أراد المنقذ المخلص أن يهجر بهم، ويعبر إلى ضفة الرفاهية والعيش الكريم، ولو عبر وهم الحلم والرؤى، بعيدا عن بؤسٍ سكن كل شيء، بعيدا عن كل أشكال التهميش والاستيطان على الحواشي، بعيدا عن وطنٍ لم يسجلهم إلا أشباه مواطنين، ولم يمنحهم إلا بطاقات تذكرهم صباح مساء بأنهم مجرد أرقام لا تصلح إلا لتأثيث ديمقراطية معتلة وشكلية، ولأفعال انتخابية تزكي المهازل تلو المهازل.
ما أبشع الفقر؟ ما أبشع الجهل؟ ما أبشع الإقصاء والحكرة؟ ما أقسى الوطن حين يتنكر لك ولايعتبرك؟ مع انسداد الأفق، لا يبقى للإنسان البسيط الجاهل ضعيف الإرادة إلا استحضار الغيب والاستعانة بالخرافة، والجري وراء سراب المعجزات، الكرامات والكنوز. هكذا يتعطل العقل، وتنشط الشعوذة ويحضر الجن، والتحايل باسم الدين والسماء، ويكثر الكهان والسحرة والمشعوذون.
لا زلنا لم نقطع حبل السرة مع فكر متخلف، غيبي، ماضوي... يتغذّى من كل ما هو معجزات وخرافات وعجائب وخوارق، مستندا على فهم مغلوط للدين، ومستحضرا ركاما هائلا من القصص والحكايات والبطولات الفردية لأبطال خياليين، مستوحاة من التاريخ القديم، مع استفحال الفقر والجهل.
نحن أمام فئات اجتماعية عريضة مسحوقة، تحت وطأة التهميش والإقصاء والسياسات الإرتجالية، ولوبيات الإحتكار والفساد واشتغال آليات الديماغوجية والتنويم المغناطيسي. هكذا يتولد، ينمو ويزدهر فكر مهزوم وإرادة عاجزة على التحدي والخلق والإبداع، وفي ردود أفعال وتعابير سلبية، تحضرالخرافة والخيال اللاعلمي عكازا للاتكاء عليهما.
ربما العقل المعطل والإرادة المهزوزة تفرز الخرافات مادة حية، كما تفرز البنكرياس أنزيمات الهضم، لتيسير هضم الواقع المرير، وللتخفيف عن الألم، ولسحب الأوجاع عن حاضر معقد ومنسد الأفق، وتعويضها بآمال وهمية وغير واقعية وغير قابلة للتطبيق في انتظار المخلص والخلاص. الفكر الخرافي شقي بائس، يهدف إلى إيجاد العزاء والراحة في عالم الغيبيات والخيال والسحر، بعيدا عن الواقع. هكذا نجده يعمل على إضفاء القدسية على خرافاتٍ عديدة، عبر إيجاد شرعية لها داخل نصوص دينية، وإن اقتضى الأمر تحريف هذه النصوص، وتأويلها بالشكل الذي يزكي هذه الأوهام.
مع اشتداد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وانتشار الجهل والفساد وانسداد الأفق لدى العامة، يتم استدعاء وتجنيد كل ما هو غيبي: الخرافة، الرؤى والأحلام، الشيطان، أساطير الأولين، الحسد والعين، فسح المجال للمخيلات الخصبة كي تشتغل، تنشيط ذاكرة الأوهام واستحضار العفاريت والجن، لتسخيرهم وتحويلهم إلى كائنات مطيعة.
عزلة فئات واسعة من الشعب وتهميشها مع جهلها يجعلها أكثر تجاوبا مع الفكر الخرافي، وأكثر استعدادا لتصديق المعجزات والأساطير من دون تمحيص أو بحث أو نقد ورفض. في واقع المجتمعات الإسلامية وراهنها، قد يبدو أنّ هذه الشعوب تخلصت، إلى حد ما، من كل ما هو خرافي وغير واقعي. لكن ما أن تضع هذه المجتمعات تحت مجهر البحث والدراسة، حتى تبدو لك أنها موغلة أكثر في فكر الخرافة وفعل الشعوذة وخوارق الجن.
أخيرا: أين رأيت الخرافة منتشرة، فاعلم أن وراءها استبداد ما؟ وأين وجدت الاستبداد فاعلم أن الخرافة منتشرة؟
جموع غفيرة محتشدة حول فرد وسط جبال قاحلة جرداء. قد يوحي المنظر لك بأن الأمر يتعلق بلحظات تصوير فيلم سينمائي تاريخي، أو حتى ديني، مواطنون طيبون، أبرياء، بسطاء حتى السذاجة، هم ضمن جمع غفير قدّر بعشرات المئات، ربما أراد المنقذ المخلص أن يهجر بهم، ويعبر إلى ضفة الرفاهية والعيش الكريم، ولو عبر وهم الحلم والرؤى، بعيدا عن بؤسٍ سكن كل شيء، بعيدا عن كل أشكال التهميش والاستيطان على الحواشي، بعيدا عن وطنٍ لم يسجلهم إلا أشباه مواطنين، ولم يمنحهم إلا بطاقات تذكرهم صباح مساء بأنهم مجرد أرقام لا تصلح إلا لتأثيث ديمقراطية معتلة وشكلية، ولأفعال انتخابية تزكي المهازل تلو المهازل.
ما أبشع الفقر؟ ما أبشع الجهل؟ ما أبشع الإقصاء والحكرة؟ ما أقسى الوطن حين يتنكر لك ولايعتبرك؟ مع انسداد الأفق، لا يبقى للإنسان البسيط الجاهل ضعيف الإرادة إلا استحضار الغيب والاستعانة بالخرافة، والجري وراء سراب المعجزات، الكرامات والكنوز. هكذا يتعطل العقل، وتنشط الشعوذة ويحضر الجن، والتحايل باسم الدين والسماء، ويكثر الكهان والسحرة والمشعوذون.
لا زلنا لم نقطع حبل السرة مع فكر متخلف، غيبي، ماضوي... يتغذّى من كل ما هو معجزات وخرافات وعجائب وخوارق، مستندا على فهم مغلوط للدين، ومستحضرا ركاما هائلا من القصص والحكايات والبطولات الفردية لأبطال خياليين، مستوحاة من التاريخ القديم، مع استفحال الفقر والجهل.
نحن أمام فئات اجتماعية عريضة مسحوقة، تحت وطأة التهميش والإقصاء والسياسات الإرتجالية، ولوبيات الإحتكار والفساد واشتغال آليات الديماغوجية والتنويم المغناطيسي. هكذا يتولد، ينمو ويزدهر فكر مهزوم وإرادة عاجزة على التحدي والخلق والإبداع، وفي ردود أفعال وتعابير سلبية، تحضرالخرافة والخيال اللاعلمي عكازا للاتكاء عليهما.
ربما العقل المعطل والإرادة المهزوزة تفرز الخرافات مادة حية، كما تفرز البنكرياس أنزيمات الهضم، لتيسير هضم الواقع المرير، وللتخفيف عن الألم، ولسحب الأوجاع عن حاضر معقد ومنسد الأفق، وتعويضها بآمال وهمية وغير واقعية وغير قابلة للتطبيق في انتظار المخلص والخلاص. الفكر الخرافي شقي بائس، يهدف إلى إيجاد العزاء والراحة في عالم الغيبيات والخيال والسحر، بعيدا عن الواقع. هكذا نجده يعمل على إضفاء القدسية على خرافاتٍ عديدة، عبر إيجاد شرعية لها داخل نصوص دينية، وإن اقتضى الأمر تحريف هذه النصوص، وتأويلها بالشكل الذي يزكي هذه الأوهام.
مع اشتداد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وانتشار الجهل والفساد وانسداد الأفق لدى العامة، يتم استدعاء وتجنيد كل ما هو غيبي: الخرافة، الرؤى والأحلام، الشيطان، أساطير الأولين، الحسد والعين، فسح المجال للمخيلات الخصبة كي تشتغل، تنشيط ذاكرة الأوهام واستحضار العفاريت والجن، لتسخيرهم وتحويلهم إلى كائنات مطيعة.
عزلة فئات واسعة من الشعب وتهميشها مع جهلها يجعلها أكثر تجاوبا مع الفكر الخرافي، وأكثر استعدادا لتصديق المعجزات والأساطير من دون تمحيص أو بحث أو نقد ورفض. في واقع المجتمعات الإسلامية وراهنها، قد يبدو أنّ هذه الشعوب تخلصت، إلى حد ما، من كل ما هو خرافي وغير واقعي. لكن ما أن تضع هذه المجتمعات تحت مجهر البحث والدراسة، حتى تبدو لك أنها موغلة أكثر في فكر الخرافة وفعل الشعوذة وخوارق الجن.
أخيرا: أين رأيت الخرافة منتشرة، فاعلم أن وراءها استبداد ما؟ وأين وجدت الاستبداد فاعلم أن الخرافة منتشرة؟
مقالات أخرى
11 أكتوبر 2018
19 سبتمبر 2018
10 سبتمبر 2018