قال رئيس هيئة الطاقة الذرية في الأردن، خالد طوقان، إن استيراد الغاز من إسرائيل يتنافى مع مبدأ استقلالية الطاقة، محذراً من الاعتماد على دولة لا يؤمن جانبها.
ودعا طوقان في حوار خاص مع "العربي الجديد" إلى إقامة مفاعلات نووية مشتركة بين الدول العربية.
ودعا طوقان في حوار خاص مع "العربي الجديد" إلى إقامة مفاعلات نووية مشتركة بين الدول العربية.
- الى أين وصلتم بمشروع المفاعل النووي الأردني؟
تم إنشاء هيئة الطاقة الذرية الأردنية عام 2008 لتتولى تنفيذ ما يتعلق بها في الاستراتيجية الوطنية للطاقة، إذ أطلقت البرنامج النووي وباشرت بتنفيذ خمسة مشاريع كبيرة، وهي مدة زمنية قصيرة في تنفيذ برنامج طموح يعتمد على ما يتوفر من إمكانات مالية، وقوى بشرية. ورغم كل التحديات فقد تحققت إنجازات واضحة وملموسة للبرنامج، باتت موجودة على أرض الواقع. وبلغ إجمالي الإنفاق الرأسمالي للهيئة على جميع مشاريع البرنامج النووي خلال السنوات الماضية ومنذ انطلاق البرنامج حوالي 158 مليون دولار.
- ما مستقبل مشروع الطاقة النووية في الأردن في ظل استيراد الغاز من إسرائيل، وهل يمكن التراجع عن المشروع؟
إن استيراد الغاز من إسرائيل يتنافى مع مبدأ استقلالية الطاقة، ولا يمكن الاعتماد على دولة لا يؤمن جانبها ولا ندري أهدافها الخفية على المديين المتوسط والبعيد.
اقــرأ أيضاً
وعلى الأردن أن يفكر ملياً في تنويع مصادر الطاقة وتعظيم استخدام الطاقة المحلية، ومنها النووية، لأنها أحد المصادر التي توفر الحمل الأساسي للطاقة الكهربائية، وخاصة في بلد يفتقر إلى مصادر الطاقة الأحفورية، كما لا يمكن الاعتماد دائماً على مصدر خارجي قد نفقده في أي لحظة، فما بالك إذا كان هذا المصدر من إسرائيل.
لذا فإنه من الخطأ أن يتم التراجع عن مشروع استخدام المفاعلات النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية، وعلينا ألا نبقى معتمدين على الغير في توفير جل احتياجاتنا من الطاقة.
- ما هي التحديات التي تواجه البرنامج النووي وآخر إنجازاته حتى الآن؟
بعد مضي أكثر من 12 عاماً من العمل على تنفيذ مشاريع البرنامج النووي الأردني ضمن الموارد والإمكانات المحدودة المتاحة، ومن تجربة حقيقية، يواجه تنفيذ المشروع العديد من التحديات، منها قلة توفر الموارد المادية اللازمة لتنفيذ البرنامج، وتعمل الهيئة في تنفيذها للبرنامج آخذة بعين الاعتبار الإمكانات المحدودة للدولة مقارنة بدول أخرى تنفذ مثل هذه البرامج.
ومن التحديات أيضاً محاولة تشويه الحقائق وتضليل الرأي العام حول البرنامج النووي وفوائده، وتصويره على أنه خطر اجتماعي واقتصادي كبير، بالرغم من أنه مطبق ومعمول به في العديد من الدول وذو جدوى تقنياً واقتصادياً. كما أن هناك جهات تتربص وتخطط لكي يكون الأردن ضعيفاً اقتصادياً ومالياً وعلمياً.
- هل تعتقدون بوجود ضغوط إقليمية، خاصة من إسرائيل، لإفشال المشروع النووي الأردني؟
بكل تأكيد هناك ضغوطات خارجية، وخاصة من قبل إسرائيل، تؤثر بقوة في سير المشروع النووي الأردني، وهم يرصدونه ليلاً ونهاراً لأنهم يعلمون أن العلم والتكنولوجيا هما من أهم عوامل القوة والمنعة للأمم والشعوب، وخير دليل على ذلك أن دولاً أجنبية قد انطلقت في برامجها العلمية والاقتصادية والتطبيقية بنفس السنة التي انطلقت بها دول عربية خلال القرن الماضي، فكان الفارق بينهما كبيراً، فخذ مثالاً على ذلك دولة كوريا الجنوبية.
إن وجود إسرائيل هو سبب كل معضلة تنموية وتكنولوجية تواجهها الدول العربية، وهي تعمل جاهدة للحد من تقدم شعوب المنطقة وتسلحهم بالعلم والتكنولوجيا المتطورة.
كما أن إسرائيل لا تريد للأردن امتلاك التكنولوجيا النووية بالرغم من التأكيدات الرسمية ومن أعلى المستويات الأردنية أن المشروع النووي سلمي وشفاف ومنفتح، وسيكون نموذجاً في منطقة الشرق الأوسط وعلى مستوى العالم للاستخدامات السلمية للطاقة النووية. نعم هناك ضغوط تمارس لإفشال المشروع النووي، ومع الأسف هناك من يعمل في نفس الاتجاه من داخل البلاد وخارجها.
- ما أسباب الخلاف مع الشركة الروسية التي كان يفترض بها تنفيذ البرنامج النووي الأردني؟
اختار الأردن عام 2013 التقنية الروسية لبناء أول محطة نووية تحوي مفاعلين بقدرة 1000 ميغاواط كهرباء لكل منهما، ليُشغَّل الأول عام 2024 ومن ثم يليه الثاني بعامين. وتم اختيار التكنولوجيا الروسية بناءً على عطاء تنافسي شاركت فيه الشركات الفرنسية والكندية والكورية، بالإضافة للروسية، حيث بينت نتائج التقييم الفني والمالي أن عرض موسكو هو الأنسب من النواحي الفنية وتمويل المشروع. وشمل العرض المقدم من شركة "روس أتوم" الروسية الجيل المتطور بأعلى معايير الأمان والأمن النووي، وكان العرض على نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إذ كان من المتفق أن يمتلك الجانب الأردني 50.1 % من المشروع، في حين يمتلك الشريك الاستراتيجي 49.9% منه.
اقــرأ أيضاً
وخلال المداولات لتوقيع العقد النهائي، طلب الجانب الروسي تغطية القروض من بنوك تجارية، وهذا الأمر يزيد من كلفة المشروع، مما يؤدي إلى رفع أسعار بيع الكهرباء للسوق المحلي، الأمر الذي لم توافق عليه الحكومة الأردنية، لأنّ هذه الأسعار سوف تكون غير منافسة مع مصادر الطاقة الأخرى في البلاد.
كما أن الشريك الروسي كان قد أبدى استعداده للدخول في المشروع كمستثمر وليس كمقرض حسب العرض المالي الجديد الذي تقدم به، إضافة إلى طلب الشركة من الطرف الأردني كفالة مالية للدين المقدم للمشروع بقيمة 5 مليارات دولار، وإذ إن الحكومة الأردنية لا يمكنها أن تدخل في مشروع يزيد من الدين العام، فقد تم رفض العرض التمويلي لشركة روس أتوم بالكامل.
- كم تقدر احتياطيات الأردن من اليورانيوم؟
أثبتت الدراسات التي قامت بها الهيئة من خلال شركة تعدين اليورانيوم الأردنية وجود حوالي 40 ألف طن من اليورانيوم في مناطق وسط الأردن، وكان ذلك نتيجة الدراسات الاستكشافية والتحاليل المخبرية لعشرات الآلاف من عينات خام اليورانيوم تم جمعها من تلك المنطقة.
- بتقديرك كيف ترى مستقبل الطاقة العربية في ظل التحديات الحالية؟
ستواصل الدول العربية اعتمادها على مصادر الطاقة التقليدية، بالإضافة إلى المتجددة، والتي لن تكون الحل الأمثل لتوفير طاقة كهربائية مستمرة كافية وقادرة على الوفاء بمتطلبات التقدم الصناعي وخاصة الصناعات الثقيلة، وعلى العالم العربي العمل على التعاون للتكامل العلمي والاقتصادي في هذا المجال، ويجب أن يتمكن من استخدام الطاقة النووية بالشكل المطلوب وبالحرية الكافية لتحقيق الاستقلال الاقتصادي والسياسي المنشود.
- وماذا عن الاحتياجات الفعلية للعرب في هذا المجال؟
يتزايد الطلب على الطاقة الكهربائية بشكل ملحوظ في الدول العربية بنسبة تصل إلى 7% سنوياً، الأمر الذي دفع بعضها إلى التفكير في إقامة محطات نووية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه وإضافتها إلى خليط الطاقة الكلي، فالإمارات أنشأت 4 وحدات نووية بطاقة 5600 ميغاواط؛ ويتم العمل حالياً على تشغيل الوحدة الأولى.
ووقعت مصر مع شركة روس أتوم الروسية اتفاقية لبناء 4 وحدات نووية بطاقة 4800 ميغاواط، وأعلنت السعودية عن خططها لبناء 16 وحدة نووية؛ فضلاً عن إعلان عدة دول عربية أخرى عن خطط لإقامة المحطات النووية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه أو التزود بالطاقة النووية، مثل تونس والمغرب وليبيا والسودان وموريتانيا.
وقد يبدو الوقت مناسباً من النواحي الفنية كي تعمل الدول العربية على تحقيق التكامل الذي تطمح إليه فيما بينها لتعود عليها بفوائد اقتصادية، وتطور تكنولوجي واستقلالية في مجال الطاقة النووية، خاصة مع تزايد عدد المهندسين وأصحاب التجربة والخبرة فيها لدعم البحث والتطوير والتصميم والبناء والتشغيل لمفاعلات الطاقة النووية ومفاعلات البحوث النووية وغيرها من المنشآت النووية.
- كيف يمكن إذن إقامة التعاون بشكل فاعل بين الدول العربية؟
لا بد من العمل على إزالة نقاط الضعف، والتغلب على العقبات والتحديات المرتبطة والمتصلة بإنشاء دورة وقود نووي متكاملة بالاعتماد على الذات وإمكانات الدول العربية وقدراتها، والعمل على تعزيز وتطوير الموارد البشرية، والإمكانات التقنية لتتمكن في الوقت المناسب من إدارة هذا الملف بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من توفير الوقود النووي المصنع، وعبر كيان عربي واحد معترف به دولياً ووفق معايير الأمن والأمان وضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وعلى هذا الكيان العربي تولّي العديد من المهام، وفي مقدمتها تصميم وإنشاء وتشغيل منشأة تحويل وتخصيب اليورانيوم بحيث تكون قادرة على تزويد الدول المشاركة بالوقود النووي الجاهز لتغطية احتياجاتها، وتخصيب اليورانيوم بنسبة أقل من 20% من اليورانيوم (U 235) للمفاعلات البحثية، ولمحطات الطاقة النووية التي تحتاج إلى نسبة تخصيب لا تتجاوز 5% لتشغيلها.
كما أن الدول العربية عليها تعزيز الربط الكهربائي بينها لاستيعاب الأحمال المولدة من الطاقة النووية. وإقامة المفاعلات المشتركة على حدود الدول العربية، الأمر الذي سيؤدي إلى تنمية المناطق الحدودية لهذه الدول بما يعزز أمنها وأمانها.
تم إنشاء هيئة الطاقة الذرية الأردنية عام 2008 لتتولى تنفيذ ما يتعلق بها في الاستراتيجية الوطنية للطاقة، إذ أطلقت البرنامج النووي وباشرت بتنفيذ خمسة مشاريع كبيرة، وهي مدة زمنية قصيرة في تنفيذ برنامج طموح يعتمد على ما يتوفر من إمكانات مالية، وقوى بشرية. ورغم كل التحديات فقد تحققت إنجازات واضحة وملموسة للبرنامج، باتت موجودة على أرض الواقع. وبلغ إجمالي الإنفاق الرأسمالي للهيئة على جميع مشاريع البرنامج النووي خلال السنوات الماضية ومنذ انطلاق البرنامج حوالي 158 مليون دولار.
- ما مستقبل مشروع الطاقة النووية في الأردن في ظل استيراد الغاز من إسرائيل، وهل يمكن التراجع عن المشروع؟
إن استيراد الغاز من إسرائيل يتنافى مع مبدأ استقلالية الطاقة، ولا يمكن الاعتماد على دولة لا يؤمن جانبها ولا ندري أهدافها الخفية على المديين المتوسط والبعيد.
وعلى الأردن أن يفكر ملياً في تنويع مصادر الطاقة وتعظيم استخدام الطاقة المحلية، ومنها النووية، لأنها أحد المصادر التي توفر الحمل الأساسي للطاقة الكهربائية، وخاصة في بلد يفتقر إلى مصادر الطاقة الأحفورية، كما لا يمكن الاعتماد دائماً على مصدر خارجي قد نفقده في أي لحظة، فما بالك إذا كان هذا المصدر من إسرائيل.
لذا فإنه من الخطأ أن يتم التراجع عن مشروع استخدام المفاعلات النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية، وعلينا ألا نبقى معتمدين على الغير في توفير جل احتياجاتنا من الطاقة.
- ما هي التحديات التي تواجه البرنامج النووي وآخر إنجازاته حتى الآن؟
بعد مضي أكثر من 12 عاماً من العمل على تنفيذ مشاريع البرنامج النووي الأردني ضمن الموارد والإمكانات المحدودة المتاحة، ومن تجربة حقيقية، يواجه تنفيذ المشروع العديد من التحديات، منها قلة توفر الموارد المادية اللازمة لتنفيذ البرنامج، وتعمل الهيئة في تنفيذها للبرنامج آخذة بعين الاعتبار الإمكانات المحدودة للدولة مقارنة بدول أخرى تنفذ مثل هذه البرامج.
ومن التحديات أيضاً محاولة تشويه الحقائق وتضليل الرأي العام حول البرنامج النووي وفوائده، وتصويره على أنه خطر اجتماعي واقتصادي كبير، بالرغم من أنه مطبق ومعمول به في العديد من الدول وذو جدوى تقنياً واقتصادياً. كما أن هناك جهات تتربص وتخطط لكي يكون الأردن ضعيفاً اقتصادياً ومالياً وعلمياً.
- هل تعتقدون بوجود ضغوط إقليمية، خاصة من إسرائيل، لإفشال المشروع النووي الأردني؟
بكل تأكيد هناك ضغوطات خارجية، وخاصة من قبل إسرائيل، تؤثر بقوة في سير المشروع النووي الأردني، وهم يرصدونه ليلاً ونهاراً لأنهم يعلمون أن العلم والتكنولوجيا هما من أهم عوامل القوة والمنعة للأمم والشعوب، وخير دليل على ذلك أن دولاً أجنبية قد انطلقت في برامجها العلمية والاقتصادية والتطبيقية بنفس السنة التي انطلقت بها دول عربية خلال القرن الماضي، فكان الفارق بينهما كبيراً، فخذ مثالاً على ذلك دولة كوريا الجنوبية.
إن وجود إسرائيل هو سبب كل معضلة تنموية وتكنولوجية تواجهها الدول العربية، وهي تعمل جاهدة للحد من تقدم شعوب المنطقة وتسلحهم بالعلم والتكنولوجيا المتطورة.
كما أن إسرائيل لا تريد للأردن امتلاك التكنولوجيا النووية بالرغم من التأكيدات الرسمية ومن أعلى المستويات الأردنية أن المشروع النووي سلمي وشفاف ومنفتح، وسيكون نموذجاً في منطقة الشرق الأوسط وعلى مستوى العالم للاستخدامات السلمية للطاقة النووية. نعم هناك ضغوط تمارس لإفشال المشروع النووي، ومع الأسف هناك من يعمل في نفس الاتجاه من داخل البلاد وخارجها.
- ما أسباب الخلاف مع الشركة الروسية التي كان يفترض بها تنفيذ البرنامج النووي الأردني؟
اختار الأردن عام 2013 التقنية الروسية لبناء أول محطة نووية تحوي مفاعلين بقدرة 1000 ميغاواط كهرباء لكل منهما، ليُشغَّل الأول عام 2024 ومن ثم يليه الثاني بعامين. وتم اختيار التكنولوجيا الروسية بناءً على عطاء تنافسي شاركت فيه الشركات الفرنسية والكندية والكورية، بالإضافة للروسية، حيث بينت نتائج التقييم الفني والمالي أن عرض موسكو هو الأنسب من النواحي الفنية وتمويل المشروع. وشمل العرض المقدم من شركة "روس أتوم" الروسية الجيل المتطور بأعلى معايير الأمان والأمن النووي، وكان العرض على نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إذ كان من المتفق أن يمتلك الجانب الأردني 50.1 % من المشروع، في حين يمتلك الشريك الاستراتيجي 49.9% منه.
وخلال المداولات لتوقيع العقد النهائي، طلب الجانب الروسي تغطية القروض من بنوك تجارية، وهذا الأمر يزيد من كلفة المشروع، مما يؤدي إلى رفع أسعار بيع الكهرباء للسوق المحلي، الأمر الذي لم توافق عليه الحكومة الأردنية، لأنّ هذه الأسعار سوف تكون غير منافسة مع مصادر الطاقة الأخرى في البلاد.
كما أن الشريك الروسي كان قد أبدى استعداده للدخول في المشروع كمستثمر وليس كمقرض حسب العرض المالي الجديد الذي تقدم به، إضافة إلى طلب الشركة من الطرف الأردني كفالة مالية للدين المقدم للمشروع بقيمة 5 مليارات دولار، وإذ إن الحكومة الأردنية لا يمكنها أن تدخل في مشروع يزيد من الدين العام، فقد تم رفض العرض التمويلي لشركة روس أتوم بالكامل.
- كم تقدر احتياطيات الأردن من اليورانيوم؟
أثبتت الدراسات التي قامت بها الهيئة من خلال شركة تعدين اليورانيوم الأردنية وجود حوالي 40 ألف طن من اليورانيوم في مناطق وسط الأردن، وكان ذلك نتيجة الدراسات الاستكشافية والتحاليل المخبرية لعشرات الآلاف من عينات خام اليورانيوم تم جمعها من تلك المنطقة.
- بتقديرك كيف ترى مستقبل الطاقة العربية في ظل التحديات الحالية؟
ستواصل الدول العربية اعتمادها على مصادر الطاقة التقليدية، بالإضافة إلى المتجددة، والتي لن تكون الحل الأمثل لتوفير طاقة كهربائية مستمرة كافية وقادرة على الوفاء بمتطلبات التقدم الصناعي وخاصة الصناعات الثقيلة، وعلى العالم العربي العمل على التعاون للتكامل العلمي والاقتصادي في هذا المجال، ويجب أن يتمكن من استخدام الطاقة النووية بالشكل المطلوب وبالحرية الكافية لتحقيق الاستقلال الاقتصادي والسياسي المنشود.
- وماذا عن الاحتياجات الفعلية للعرب في هذا المجال؟
يتزايد الطلب على الطاقة الكهربائية بشكل ملحوظ في الدول العربية بنسبة تصل إلى 7% سنوياً، الأمر الذي دفع بعضها إلى التفكير في إقامة محطات نووية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه وإضافتها إلى خليط الطاقة الكلي، فالإمارات أنشأت 4 وحدات نووية بطاقة 5600 ميغاواط؛ ويتم العمل حالياً على تشغيل الوحدة الأولى.
ووقعت مصر مع شركة روس أتوم الروسية اتفاقية لبناء 4 وحدات نووية بطاقة 4800 ميغاواط، وأعلنت السعودية عن خططها لبناء 16 وحدة نووية؛ فضلاً عن إعلان عدة دول عربية أخرى عن خطط لإقامة المحطات النووية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه أو التزود بالطاقة النووية، مثل تونس والمغرب وليبيا والسودان وموريتانيا.
وقد يبدو الوقت مناسباً من النواحي الفنية كي تعمل الدول العربية على تحقيق التكامل الذي تطمح إليه فيما بينها لتعود عليها بفوائد اقتصادية، وتطور تكنولوجي واستقلالية في مجال الطاقة النووية، خاصة مع تزايد عدد المهندسين وأصحاب التجربة والخبرة فيها لدعم البحث والتطوير والتصميم والبناء والتشغيل لمفاعلات الطاقة النووية ومفاعلات البحوث النووية وغيرها من المنشآت النووية.
- كيف يمكن إذن إقامة التعاون بشكل فاعل بين الدول العربية؟
لا بد من العمل على إزالة نقاط الضعف، والتغلب على العقبات والتحديات المرتبطة والمتصلة بإنشاء دورة وقود نووي متكاملة بالاعتماد على الذات وإمكانات الدول العربية وقدراتها، والعمل على تعزيز وتطوير الموارد البشرية، والإمكانات التقنية لتتمكن في الوقت المناسب من إدارة هذا الملف بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من توفير الوقود النووي المصنع، وعبر كيان عربي واحد معترف به دولياً ووفق معايير الأمن والأمان وضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وعلى هذا الكيان العربي تولّي العديد من المهام، وفي مقدمتها تصميم وإنشاء وتشغيل منشأة تحويل وتخصيب اليورانيوم بحيث تكون قادرة على تزويد الدول المشاركة بالوقود النووي الجاهز لتغطية احتياجاتها، وتخصيب اليورانيوم بنسبة أقل من 20% من اليورانيوم (U 235) للمفاعلات البحثية، ولمحطات الطاقة النووية التي تحتاج إلى نسبة تخصيب لا تتجاوز 5% لتشغيلها.
كما أن الدول العربية عليها تعزيز الربط الكهربائي بينها لاستيعاب الأحمال المولدة من الطاقة النووية. وإقامة المفاعلات المشتركة على حدود الدول العربية، الأمر الذي سيؤدي إلى تنمية المناطق الحدودية لهذه الدول بما يعزز أمنها وأمانها.