وقامت الوحدات الأمنية والعسكرية في تونس، اليوم الجمعة، بتعقب عنصرين مسلحين، إلى جانب القبض على عناصر تنتمي إلى تنظيم "داعش" الإرهابي، في أماكن متفرقة من التراب التونسي.
وانطلقت فجر اليوم حملة تمشيط واسعة بمحيط منطقة برج العكارمة من معتمدية المظيلة، بعد بلاغ تقدم به سكان المنطقة إلى الجهات الأمنية، مفاده رصد عنصرين مسلحين مشتبه بهما في أحد أحياء المنطقة في وقت متأخر من ليلة أمس. وعلى الرغم من قيام عدد من السكان بملاحقتهما؛ فإنهما لاذا بالفرار.
بالتوازي، تمكّنت فرقة الأبحاث والتفتيش بمنطقة الحرس الوطني في بنعروس، وسط تونس، من إلقاء القبض على شخص يحمل جنسيّة أجنبيّة، وذلك بعد ثبوت تعمّده استفسار صاحب "كشك" حول تحرّكات وتنقلات الوحدات الأمنيّة والعسكريّة في تونس العاصمة، وكيفيّة تعامل الوحدات الأمنيّة مع "الإرهابيّين" بعد إلقاء القبض عليهم.
وأفادت وزارة الداخليّة، في بيان لها اليوم، أنّه بمراجعة النيابة العموميّة، أذنت الأخيرة للفرقة المذكورة بالاحتفاظ به من أجل "الاشتباه في الانتماء إلى تنظيم إرهابي"
في السياق، ألقت الوحدات الحدوديّة البرّية للحرس الوطني بحسي عمر، ولاية مدنين، جنوب تونس، القبض على فتاة تتبنّى الفكر "التكفيري" مُفتش عنها لفائدة المحكمة الابتدائيّة بتونس، ومحكوم عليها بسنة سجن.
وتمكّنت في اليوم نفسه مصلحة التوقي من الإرهاب في إقليم الحرس الوطني بسليانة من إلقاء القبض على عنصر "تكفيري" مُفتش عنه لفائدة المحكمة الابتدائيّة بتونس، ومحكوم عليه بـ5 أشهر سجناً، بحسب بيان للداخلية.
أما في منوبة، وسط تونس، فقد تمكّنت فرقة الأبحاث والتفتيش في منطقة الحرس الوطني، مساء أمس، من القبض على شاب بشبهة الانضمام لتنظيم "إرهابي" في حي خالد بن الوليد بالعاصمة التونسية.
في السياق ذاته، تبادلت التشكيلة العسكرية العاملة في المنطقة الحدودية العازلة بجهة المرتبة من قطاع رمادة، جنوب تونس، أمس، إطلاق النار مع مسلحين على متن 6 سيارات مجهزة بأسلحة رشاشة، وذلك عند تقدمها لتوقيف شاحنات تهريب دخلت التراب التونسي عبر الحدود التونسية الليبية، وتوجهت نحو الساتر الترابي. وتم توجيه مروحية مسلحة لمعاضدة الوحدات البرية ولاستطلاع المنطقة والتأكد من مغادرة سيارات التهريب للتراب الوطني.
وأوضح بيان لوزارة الدفاع الوطني أن الوحدات العسكرية تمكنت من توقيف خمس شاحنات على مستوى الساتر الترابي قادمة من داخل التراب التونسي، وإيقاف سبعة أفراد كانوا على متنها.
وقال رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل، العميد المتقاعد من الجيش الوطني، مختار بن نصر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "العمليات الاستباقية والاستخباراتية الناجحة التي قامت بها الفرق الأمنية مؤخرًا، والتي تم على ضوئها القضاء على عنصرين إرهابيين في جل بيرينو بالقصرين، وإلقاء القبض على عنصر ثالث، مكنت من الحصول على مزيد من المعلومات حول تحرك المجموعات المسلحة وتقصي أماكن وجودها".
وأوضح بن نصر أنّ "الإرهابيين يمرون بمرحلة ضعف بعد الضربات التي تلقوها، مشيرًا إلى أنّ التحركات التي يقومون بها هي فقط لتغيير الأماكن التي يتحصنون فيها، عبر الفرار خوفًا من الملاحقات".
وأضاف العميد المتقاعد من الجيش الوطني أن "المواطنين قاموا أيضًا بدور كبير في رصد وإبلاغ الوحدات الأمنية بأي تحركات مشبوهة، وهو ما حصل مع العنصرين الملاحقين حاليًّا في المظيلة، وأيضًا العنصر الذي قبض عليه في منطقة بن عروس".
من جانبه، قال الخبير الأمني، مازن الشريف، إن النجاحات الأمنية "جعلت العناصر الإرهابية في مرحلة ضعف، معتبرًا أن ضرب الخلايا الإرهابية وتفكيكها خلّف حالة إحباط في صفوف عناصرها".
وبيّن الشريف لـ"العربي الجديد" أن "ما تحقق عزز ثقة المواطن ودفعه إلى المراقبة والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة يعاينها على أرض الواقع".
ورأى أن "الخلايا الإرهابية تمر بمرحلة ضعف، ليس في تونس وحسب، وإنما في مناطق أخرى، لأنها شبكات مترابطة، وإلحاق هزائم بها في العراق وليبيا ساهم في تفكيكها، وما بقي هي عناصر مشتتة تنتشر في أفريقيا وغرب أفريقيا ومالي".
وأضاف أن "العناصر التي تبقت تسعى إلى استغلال عنصر المفاجأة؛ كما حصل في اعتداء الدهس في إسبانيا، أو من خلال القيام بعمليات نوعية، وبالتالي "يتعين دائمًا اليقظة"، مبينًا أن الأمن التونسي بصدد تعزيز الجانب الاستخباراتي والقيام بعمل استباقي".
من جهته، بيّن الخبير الأمني، باسل ترجمان، لـ"العربي الجديد"، أن "تونس نجحت مؤخرًا في إحباط مخطط إرهابي كان يقضي بإقامة إمارة في الجنوب التونسي، وتحديدًا في رمادة".
وأوضح ترجمان أنّ "هذه النجاحات تؤكد انتقال الأمن التونسي من مرحلة التصدي للإرهابيين، إلى العمليات الاستباقية وتفكيك الخلايا الإرهابية قبل تنفيذ هجمات".
وأشار إلى أن "المؤشر الإيجابي هو أن المواطن يعاضد الجهود الأمنية، وأن هناك وعيًا من المواطن لمحاربة الإرهاب، مبينًا أن العناصر الإرهابية فقدت الحاضنة التي يمكن أن تستند إليها، ولم يبق لها إلا الجماعات المقاتلة في الغرب الليبي".