خطوات احترازية لـ"داعش" في دير الزور لتفادي "مشاريع صحوات"

19 سبتمبر 2014
يخشى داعش انقلاب العشائر ضده (الأناضول)
+ الخط -

باشر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) اتخاذ خطوات وتدابير سريعة على الأرض، استعداداً للمواجهة المرتقبة مع التحالف الدولي. وكانت أولى تحركات التنظيم في محافظة دير الزور، حيث فرض على بعض العشائر تسليم سلاحها، كما حدث في قرية "العشارة"، في الريف الشرقي، إذ سلمت القرية بكاملها سلاحها الخفيف، تحت تهديد عناصر التنظيم بتفجير أي منزل يعثر فيه على قطعة سلاح، بعد تفتيشه.

وأوضحت مصادر عشائرية، في محافظة دير الزور، لـ"العربي الجديد"، أن "التنظيم استدعى مجموعة من وجهاء العشائر في دير الزور إلى محافظة الأنبار العراقية، حيث اجتمعوا مع مسؤول ملف العشائر، وأنذرهم بضرورة سحب ما تبقى من سلاح معهم، كما طلب منهم تسليم ما تبقى من مقاتلي عشيرة الشعيطات، ووجه إنذاراً إلى قرية الشعفة بتسليم كل سلاحها، وتسليم مسلحين من العشائر قاموا بإنزال علم داعش في القرية".

وقال أحد وجهاء عشائر دير الزور، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "التنظيم ينظر إلى العشائر في دير الزور بعد إعلان الحلف الدولي، على أنها "مشروع صحوات"، فأثناء الاجتماع تم التركيز على سحب السلاح كلياً، وتسليم كافة المطلوبين للتنظيم، كما أنه عين وجهاء كوسطاء لإتمام هذه العملية، ثم عقد اجتماعاً آخر لاستبدال القادة الأنصار(عناصر التنظيم من السوريين) بآخرين مهاجرين، خصوصاً على جبهات المدينة وفي الريف الشرقي".

وكان "داعش" قد خاض معارك شرسة على مدار 6 شهور للسيطرة على دير الزور، لتنتهي بإخضاع الريف الشرقي والغربي منها، ومبايعة المدينة، من دون قتال، أما اليوم، فيبدو متخوفاً من أهالي وعشائر المحافظة القريبة من الحدود العراقية.

ولم يكتفِ التنظيم بسحب السلاح من العشائر، بل شن حملة اعتقالات لقيادات من "الأنصار" في التنظيم، سبق أن اعتمد عليهم في المرحلة السابقة.

وقد جرى اعتقال والي دير الزور، كمال الرجا، الملقب بأبي المنتصر، مع قيادي آخر وهو أبو الدرداء الشحيل، وتذرع التنظيم بأنه اعتقل كمال بتهمة السرقة، وهذا تناقض كبير، إذ إن "داعش" أتى بالرجا بعد عزل عامر الرفدان، المعروف بسمعته السيئة، فاختاروا كمال، الذي يحظى بقبول اجتماعي جيد، ليتجنبوا الانتقادات التي وجهت للتنظيم باختيار قادة فاسدين بمجرد "توبتهم". ويتحدر الرجا من قرية البريهة في دير الزور، وهو مجاز من كلية الهندسة الزراعية في جامعة الفرات.

ويسعى التنظيم من خلال تلك الخطوات الاحترازية إلى عدم تشتيت جهوده، وإغلاق جبهات محتملة، إذ يدرك أن الطبيعة العشائرية للمنطقة، والتي استغلها في بداية دخوله، ستنقلب ضده، خصوصاً أنه ارتكب مجازر بحق معظم العشائر، ما سيجعل مسألة الثأر حاضرة عند أول فرصة.

ولعل حادثة قرية غريبة في الريف الشرقي من دير الزور، دليل على احتقان الأهالي ضد تنظيم "الدولة"، فبعد أن قصفت طائرات النظام السوري القرية في ريف دير الزور، مستهدفة احد مقار التنظيم، هاجم أهالي القرية المقر وسيطروا عليه، ليأتي التنظيم بتعزيزات في المساء ويتمكن من استعادته، وسط عمليات إعدام بحق بعض الأهالي.

وفي السياق، يؤكد قائد المنطقة الشرقية، المقدم محمد العبود، لـ"العربي الجديد"، أن "هذه الخطوات من قبل تنظيم الدولة تأتي بسبب تقلص أعداد داعش في دير الزور، إذ إن أغلبهم عاد إلى العراق نتيجة الوضع هناك، كما أن التنظيم لا يثق ببيعة أبناء العشائر، فهو يعلم أن الأغلبية بايعوه لنقص السلاح، وأنهم يتحينون الفرصة للانقضاض عليه".

وتنذر التطورات الأخيرة، بأن الصراع مع "داعش" سترسم حدوده في المنطقة الشرقية من سورية، وربما سيكون أبناء العشائر في تلك المنطقة الوقود لهذا الصراع، إذ يشير العبود إلى "توجه كبير ضمن التحالف الدولي لزج أبناء العشائر في الصراع مع التنظيم. وأن المنطقة الشرقية أهملت منذ زمن بعيد وعن قصد، والمراد لها اليوم أن تكون بؤرة لصراع دامٍ تجتمع فيه كل التنظيمات والفصائل المسماة متطرفة حسب تصنيف الغرب".

المساهمون