يتجه البرلمان المنعقد في طبرق إلى عرقلة جديدة لمسار المفاوضات المرتقب انطلاقها مجددًا بين طرفي النزاع في ليبيا.
وبينما أعلن مجلس الدولة في طرابلس قبوله مخرجات لقاء "لاهاي" بين نواب وأعضاء منه، والتي وضعت أرضية مشتركة للمفاوضات المقبلة، دخل البرلمان في انقسام بين لجنة الحوار التي ترفض لقاء لاهاي، وبين رئاسته المتجهة للقبول به.
وكان ممثلان عن الطرفين التقيا، في مايو/أيار الماضي، في لاهاي، لمناقشة النقاط الخلافية في الاتفاق السياسي، حيث اتُفق على ضرورة إعادة النظر في الهياكل السياسية المنبثقة عن الاتفاق السياسي، بما فيها إعادة تشكيل حكومة الوفاق، بالإضافة إلى إعادة تشكيل هيئة صياغة الدستور، وضرورة انضواء المؤسسة العسكرية تحت قيادة مدنية.
وبحسب مراقبين، فإن الخلافات الصاعدة داخل البرلمان تأتي لعرقلة المسار التفاوضي، تماشيًا مع مهلة أطلقها قائد جناحه العسكري، اللواء المتقاعد خليفة حفتر، والمقدرة بـ"ستة أشهر للقادة السياسيين"، قبل أن تتدخل قواته لحسم الموقف عسكريًّا.
وأعلن رئيس لجنة الحوار في البرلمان، عبد السلام نصية، رفضه للدعوة التي وجهتها هولندا للبرلمان، والتي ناقشها رئيس البرلمان، عقيلة صالح، مع عدد من رؤساء الكتل النيابية، أول من أمس، بشأن الذهاب إلى لاهاي واللقاء مع ممثلي مجلس الدولة.
وقال نصية، في تصريح صحافي، إن "هناك محاولات لعقد اجتماع في هولندا بين مجلسي الدولة والنواب، وذلك للالتفاف على عمل لجنة الحوار السياسي"، مطالبًا بأن يكون مكان التفاوض الجديد داخل ليبيا، قائلًا: "أي اجتماعات للتوصل إلى حلول يجب أن تكون برعاية الأمم المتحدة أو بإشرافها، وداخل البلاد، لا بمبادرات من دولة هنا ودولة هناك".
وإضافة إلى جهود العرقلة، طالب النائب عمر قرميل "بضرورة إعادة النظر في عضوية مجلس الدولة، وضم كامل أعضاء المؤتمر الوطني السابق له، قبل القبول به كطرف مفاوض"، معتبرًا أن لقاء لاهاي "محاولات للالتفاف على لجنة الحوار".
لكن النائب زياد دغيم، المقرب من رئاسة البرلمان، رفض تصريحات نصية، معتبرًا أنها إهانة للبرلمان ورئيسه، الذي اجتمع مع رؤساء الكتل النيابية لمناقشة دعوة هولندا لاستضافة الجلسات التفاوضية الجديدة.
وقال دغيم إن "نصية تغيّب عن هذا الاجتماع، حيث قرر رئيس البرلمان ورؤساء الكتل قبول الدعوة والذهاب إلى لاهاي"، مؤكدًا أنه "تم تشكيل وفد رسمي من رؤساء الكتل البرلمانية، وأعضاء من لجنة الحوار الذي سيتجه إلى لاهاي، أكبر وأوسع من لجنة الحوار، ومشاركة نصية لن تغيّر إرادة الأكثرية". وعن لجنة الحوار قال: "أي لجنة وأين هي؟ لقد دفنها نصية. فليرجع إلى اتهامات كوبلر له بالتعطيل".
واتهم دغيم رئيس لجنة الحوار نصية، المنحدر من مدينة الزنتان، قائلًا: "أخشي أن يكون قد استثمر منصبه ودخل في صفقة مع السراج مقابل تعطيل الحوار، ليستمر الأخير. فبعد تكليفه ماتت اللجنة، وعاشت المناصب للزنتان من فريق وأصدقاء نصية. وتنصيب الجويلي للمنطقة العسكرية الغربية مثال على ذلك".
ويتجه البرلمان، أحد الطرفين الأساسيين في النزاع في البلاد، إلى تعطيل مسارات التسوية السياسية، لما يزد عن العامين، حيث ماطل لأكثر من سنة في المصادقة على الاتفاق السياسي، ورفض منح ثقته لحكومة الوفاق مرتين، فيما يدعم بشكل علني حروب حفتر في أكثر من منطقة في البلاد.