تأكيداً لانفراد "العربي الجديد" بخبر استدعاء سفير تونس لدى الأمم المتحدة قيس قبطني، للعودة إلى تونس، قال مصدر في رئاسة الجمهورية التونسية لـ"العربي الجديد" إنه تمت بالفعل دعوة قبطني للعودة إلى تونس ولكن في إطار الحركة الدبلوماسية التي تجريها وزارة الخارجية بإشراف الرئاسة، التي يكلفها الدستور حصرياً بملف السياسة الخارجية. ونفى المصدر أن تكون الدعوة بمثابة إقالة، ولكن تغيير سفير بعد أشهر قليلة من تعيينه في المنصب يفتح باب التأويل بهذا الخصوص.
وكان "العربي الجديد" كشف أمس الثلاثاء نقلاً عن مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى في الأمم المتحدة، لمراسلتنا في نيويورك، أن وزارة الخارجية التونسية استدعت سفيرها للأمم المتحدة ومجلس الأمن في نيويورك، قيس قبطني، للعودة إلى البلاد على وجه السرعة، دون تحديد أي سبب للإقالة من منصبه كسفير لتونس لدى الأمم المتحدة في نيويورك.
وجاء استدعاء قبطني عن طريق برقية بعثت بها وزارة الخارجية تطلب منه فيها العودة إلى البلاد، دون تحديد أسباب الاستدعاء التي يبدو أنها لم تفاجئ البعثة التونسية وسفيرها فحسب، بل كذلك عدداً من الدبلوماسيين في مجلس الأمن، وفقاً لمصادر رفيعة المستوى.
وأوضح مصدر حزبي لـ "العربي الجديد" أن قبطني قد يكون مرشحاً لتولي مهمة سفارة تونس بسلطنة عمان، وأن هناك حركة شاملة قد تشمل عواصم عديدة أخرى.
ذكرت مصادر خاصة أن السفير قد يكون مرشحاً لتولي السفارة بسلطنة عمان، وأن هناك حركة شاملة قد تشمل عواصم عديدة أخرى
وقال المصدر إن هذا يرتبط بعدة معطيات من بينها موافقة السفير نفسه والدولة التي ستستقبله وتوازنات الوزارة والرئاسة بخصوص التعيينات، بين الشخصيات الدبلوماسية والسياسية.
ولا يعرف ما إذا كان هذا القرار ناتجاًً عن تقييم أداء السفير بالأمم المتحدة أو على علاقة بتحفظ تونس على التصويت بشأن القرار الأميركي وتمديد العقوبات على إيران، خصوصاً وقد سبقته بيومين مكالمة هاتفية بين الرئيس قيس سعيد ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، وكان الحساب الرسمي لبومبيو على تويتر أكد أن "المحادثة مع الرئيس التونسي كانت مثمرة وتمحورت حول أهم المسائل المعروضة في الأمم المتحدة"، ولكن هذا يبقى مستبعداً لأن السفير ينقل مواقف بلاده وقراراتها، وليس مواقفه الشخصية.
وفي الأيام الأخيرة تمّ تداول قائمة للسفراء بعدد من العواصم العربية والأوروبية والأفريقية، تشمل تعيين وزير الدفاع السابق عماد الحزقي في باريس، وهشام الفوراتي وزير الداخلية الأسبق في بيروت، وعدداً من الشخصيات الأخرى، من بينها سامي بوقشة في نيويورك وغيرهم، ولكن الخارجية التونسية أوضحت أنها ستنشر القائمة كاملة في الأيام القادمة.
وشهد تشكيل الحكومة الجديدة لهشام المشيشي تولي عثمان الجارندي منصب وزارة الخارجية، وكان يشغل قبلها ملف الدبلوماسية كمستشار للرئيس قيس سعيد.
وسبق للجارندي أن تولى الحقيبة ذاتها في حكومة علي العريّض، ما يعني أنه ملم بالملف ويعرف الشخصيات الدبلوماسية جيداً؛ إلا أن النقابات تتمسك بتعيين الكفاءات الموجودة في الوزارة وهو ما يحتاج لبحث توافقات معها بهذا الخصوص.
وشهد الملف الدبلوماسي التونسي ارتباكاً في السنوات الأخيرة، وبقيت بعض العواصم المهمة دون سفير تونسي، وكذلك الشأن بشأن التعيينات والإقالات، مثلما حدث مع الوزير نور الدين الري الذي أُقِيل من منصبه بعد أشهر قليلة من تعيينه.
وللتذكير، فإن تعيين قبطني سفيراً لتونس في الأمم المتحدة في نيويورك في شهر مارس/آذار الماضي، جاء بعد ضجة دبلوماسية إثر إقالة سلفه، المنصف البعتي، في شهر فبراير/شباط أيضاً، بشكل مفاجئ من منصبه.
وجاءت إقالة السفير البعتي لأسباب تتعلق بضغوط أميركية، بسبب موقفه من مشروع قرار حول فلسطين كان البعتي وفريقه يعمل على صياغته مع إندونيسيا ودولة أخرى غير دائمة العضوية في مجلس الأمن، بحسب تصريحات دبلوماسية رفيعة المستوى آنذاك لـ "العربي الجديد" في نيويورك.