أعادت التهنئة التي وجهها وزير التربية اللبناني، إلياس بو صعب، للشابة جنيفر فارس، ابنة بلدة القاع البقاعية التي حازت على تقدير جيد في امتحانات الشهادة الثانوية، الأضواء إلى منطقة البقاع الشمالي التي غابت عن الإعلام بعد انطفاء وهج التفجيرات الانتحارية التي ضربتها قبل أسبوع.
وفقدت جينفر والدها خلال التفجيرات وما تزال تنتظر تعافي والدتها وصهرها الموجودين في المستشفى حالياً للمعالجة بعد إصابتهما خلال التفجيرات.
ويجمع عدد من أبناء البقاع الشمالي على أن "المنطقة ليست بخير" وأن "القلق يجمع أهالي البلدات المسيحية والمختلطة، كرأس بعلبك والفاكهة، إلى جانب القاع". ويؤكد بعض هؤلاء الأهالي، لـ"العربي الجديد"، أن عودة الحياة إلى وتيرتها الطبيعية تدريجياً في بلدة القاع "لا تعني أن مستوى القلق قد قل أو أن النفوس هدأت".
وينتظر الأهالي أخبار 13 جريحاً إلى جانب أفراد عائلة فارس، ومن المتوقع أن يخضع أحد الجرحى لعملية بتر لقدميه خلال اليومين القادمين، بسبب تعذر إنقاذهما. وفي حين يقضي أهالي الجرحى ساعاتهم في المستشفيات، توزعت تعازي عائلات الضحايا بين القاع وبيروت، التي يقيم فيها عدد من أبناء البلدة البقاعية للدراسة والعمل.
ولا تقل الأوضاع سوءاً لدى أهالي البلدة التي عانت من صعوبات تقنية حالت دون الإسراع في الكشف على المنطقة وتطهيرها من مواد متفجرة خلّفها الانتحاريون بعد قتلهم. فعاد التقنين الكهربائي القاسي إلى البلدة بعد انتهاء عملية التمشيط الأمني. وهي العملية التي شارك فيها عدد من أبناء البلدة المسلحين "بالتنسيق مع الجيش"، كما قال رئيس البلدية، بشير مطر، في تصريحات صحافية.
لكن مصادر محلية في البقاع الشمالي تؤكد، لـ"العربي الجديد"، أن ظاهرة انتشار المسلحين من أبناء البلدة تراجعت "ولم يعد هناك سلاح ظاهر في القاع، سوى سلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية الرسمية". وتتحدث المصادر المحلية نفسها عن "عقم العمليات الأمنية إن لم تلحظ الجرود، فهي أصل البلاء ورأس الأفعى، التي عبر منها الانتحاريون نحو البلدات الحدودية في لبنان". وقد تداولت مواقع إعلامية تابعة لـ"حزب الله" خبر قتل "مسؤول العمليات العسكرية لمنطقة جرود القاع في تنظيم داعش، أبو خطاب، مع عدد من مرافقيه بعد استهدف مركز قيادي للتنظيم في منطقة الزويتينه في جرود القاع بصاروخ موجه".
انعدام الأمن الاجتماعي
وقد سرت موجة اعتراض خافتة بين أبناء البلدات البقاعية على الإجراءات العنصرية التي اتخذتها الإدارات الرسمية في المنطقة بحق اللاجئين السوريين، ويخشى هؤلاء من تأثير قرارات منع التجول والتضييق على العمالة السورية الرخيصة التي تُشغل المزارع والمشاتل في منطقة البقاع الشمالي كلها. كما يخشى أهالي المنطقة من "انعدام مفاهيم الأمن الاجتماعي والصحي والاقتصادي من معجم الدولة اللبنانية التي تكتفي بالتعاطي مع خطر التفجيرات من زاوية عسكرية فقط، فلا يتم تأمين مقومات الصمود من مستشفيات لائقة ومخزون من المياه والطعام والدواء في حال حلّ الأسوأ ببلداتنا"، على حد تعبيرهم.