حذرت دراسة إسرائيلية من التداعيات الإستراتيجية الخطيرة على مصالح إسرائيل والناجمة عن مواصلة التورط السعودي في الحرب اليمنية.
وقالت الدراسة التي نشرت في العدد الأخير من مجلة "عدكون استراتيجي"، التي يصدرها "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، إنه على الرغم من أن تل أبيب ليست لاعباً مركزياً في الحرب الدائرة في اليمن، إلا أن مصالحها ستتأثر بالتحولات هناك، على اعتبار أن الحرب تدور بين السعودية، التي تعد شريكا "غير رسمي" لإسرائيل في التحالف ضد التمدد الإيراني، وجماعة "أنصار الله" (الحوثيين) المدعومين من طهران.
وأوضحت الدراسة، التي أعدها الباحث آرييه سيتمان، أن الحوثيين باتوا يمثلون تهديدا على الاحتلال على اعتبار أن لديهم ترسانة صاروخية يمكن أن تطاول مناطق داخل إسرائيل، مشيرة إلى أنها كشفت خلال الزيارة، التي قام بها وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين لتل أبيب في 28 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عن التحول الخطير الذي طرأ على القدرات الحوثية.
وحسب الدراسة، فإن ما يفاقم الأمور خطورة أن إيران تعكف حاليا على تطوير منظومة صواريخ تجمع بين المدى الطويل ودقة الإصابة العالية، بحيث يكون بإمكانها ضرب أي هدف في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أنه حسب التقديرات الاستخبارية، فإن طهران نصبت بعض هذه الصواريخ في اليمن بهدف المس بإسرائيل، وأنها تنوي نصب منظومات مماثلة في العراق وسورية ولبنان.
ولفتت الدراسة إلى أنه على الرغم من أن إسرائيل ليست لاعباً رئيسياً في منطقة باب المندب، ولديها قدرة محدودة على التأثير على مسار الحرب الدائرة في اليمن، إلا أنها، في المقابل، مطالبة بمراقبة الأوضاع هناك، والحيلولة دون تمكن الحوثيين من الحصول على صواريخ متقدمة يمكن استخدامها في مهاجمة العمق الإسرائيلي، أو أهداف إسرائيلية في المنطقة.
وشددت الدراسة على أن مصلحة تل أبيب تقتضي إنهاء السعودية تورطها في اليمن بأسرع وقت ممكن، حتى يتسنى توظيف مواردها، كشريك غير رسمي لإسرائيل في مواجهة طهران.
ويشير معد الدراسة إلى أنه على الرغم من أن الرياض، من خلال انخراطها في مواجهة حلفاء إيران في اليمن، تقلص فرص تعاظم التهديد الذي بات يمثله الحوثيون، والذي يمكن أن يطاول إسرائيل في النهاية؛ إلا أن دور الرياض في الحرب لا يسهم في جباية ثمن كبير من إيران نفسها ردا على "سلوكها التآمري" ضد دول المنطقة، على اعتبار أن طهران تستثمر القليل من إمكانياتها فقط في اليمن.
وأشارت الدراسة إلى أن ما يزيد الأمور تعقيداً بالنسبة لإسرائيل هو أن الحرب في اليمن تضعف السعودية، مما يقلص من قدرتها على استثمار المزيد من الموارد والطاقة في مواجهة إيران خارج اليمن.
في الوقت ذاته، حذر معد الدراسة من أن تواصل التورط السعودي في اليمن سيقلص من قدرتها على التفرغ لمواجهة مجموعات الجهادية السلفية العاملة في منطقة شبه الجزيرة العربية، بحيث يمكن لهذه المجموعات توسيع نشاطها بشكل يمكن أن ينتهي باستهداف حلفاء إسرائيل، وتحديداً الولايات المتحدة، وحتى إسرائيل نفسها.
وترى الدراسة أن الحل الواقعي لليمن يتمثل في التوصل إلى اتفاق يلتزم الحوثيون بموجبه بعدم مهاجمة السعودية والإمارات وأية أهداف خارج اليمن، وتحديداً السفن الدولية التي تتحرك في البحر الأحمر وقبالة الموانئ اليمنية، مقابل سحب السعودية قواتها وإنهائها الحملات الجوية التي تشنها داخل اليمن.
وأوضحت الدراسة أن السعودية ستكون مطالبة، من أجل إنجاز هذا الاتفاق، بمواصلة تقديم الدعم لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، مشيرة إلى أن إنجاز هذا الاتفاق سيكون التحدي الرئيس الذي سيقف أمامه نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان.
واستدركت الدراسة أن موافقة السعودية على إنهاء الحرب، استناداً إلى هذا الاتفاق، تعني تنازل الرياض عن أهدافها بعيدة الأمد، والمتمثلة في تدشين قنوات تضمن تأثيرا عميقا وطويل الأمد داخل الساحة اليمينة، مشيرة إلى أن قبول السعودية بصيغة هذا الاتفاق يعني أيضاً التسليم بتوفير بيئة تسمح للحوثيين بتطوير قدراتهم، ليشكلوا تهديدات أكثر جدية في المستقبل على الأمن القومي السعودي.
وشبّه معد الدراسة التردد السعودي إزاء مسألة إنهاء الحرب في اليمن بالتردد والحيرة الإسرائيلية إزاء التعاطي مع تهديد حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع غزة.
يذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كان أول مسؤول يشير بشكل رسمي إلى وصول الصواريخ الإيرانية ذات دقة الإصابة العالية إلى اليمن، محذراً من إمكانية مسها بإسرائيل.