الخطوة الدرامية القطرية بشّرت بها تصريحات إعلامية للمخرج القطري ناصر الدوسري، الذي أعلن نيته إنتاج مسلسل يحمل اسم "مسودة إنسان" صرّح بأنّه "سيكون أول مسلسل رعب قطري، حيث سيتناول علاقة الإنسان بالجن والسحر والشعوذة، وتنطلق أحداثه داخل مزرعة تسكنها الأرواح الشريرة.." وذلك وفق المصادر الإعلامية.
المشروع في حال جهوزيته، سيسجل عودة قوية للدراما القطرية إلى ساحة المنافسة الخليجية من باب النوع هذه المرة لا الكم. فهو يأتي في ظل تراجع لحضور المسلسل القطري على خارطة الدراما الخليجية لصالح الكويت والسعودية والبحرين والإمارات.
وبإنتاج مسلسل "مسودة إنسان"، يكون القطريون قد عادوا ليصنعوا حضورهم على الخارطة، وعلى نحو متميز من حيث النوع، مع العلم أنّ الدراما القطرية تشهد هذا العام إنتاج مسلسل ضخم من نوعه هو "جزيرة الأحلام" إلّا أنّ هذا الأخير يأتي بصيغة الدراما العربية متعددة الجنسيات، وبالتالي هو يدخل منافسة مع مسلسلات تنتمي إلى النمط الدرامي ذاته، ولا يسجل حضوره المتفرد أو النوعي كما ينتظر أن يفعلها مسلسل "مسودة إنسان".
ويبقى السؤال إلى أي مدى من الممكن أن ينجح المسلسل القطري في تكريس نفسه كمسلسل رعب خليجي يؤسس لتجربة ملهمة في الدراما الخليجية لا يئدها في أرضها؟ القضية هنا تتعلق بالمستوى الفني والتقني المتطور الذي سينفذ عبره المسلسل، كون "دراما الرعب" تعتمد بالدرجة الأولى على الخدع الفنية والخيال، وهو الأمر الذي ربما تجيب عنه تصريحات المخرج الدوسري التي قال فيها إن "العمل سيستخدم تقنيات جديدة مثل "الهولوجرام" التي يتم استخدامها في أفلام الرعب السينمائية من أجل إبراز بعض الشخصيات الخيالية، خاصة أنّ من ضمنها شخصية الشبح والثعبان".
من دون شك، قد تنجح التقنية في صنع مسلسل رعب، ولا سيما إذا تم الاعتماد على خبرات أجنبية مختصة بهذه النوعية من الأعمال الفنية، إلّا أنّها لن تنجح في إخراج العمل من دائرة "التغريب" التي ستلصق به، وذلك لسيادة هذا النمط الدرامي بوصفه صناعة غربية، الأمر الذي سيتطلب بالضرورة حكاية شديدة الخصوصية المحلية الخليجية، يتم تطوير خيوطها بما يخدم فكرة "الرعب".
وهنا سيبدو اعتماد "مسودة إنسان" لثلاثية "الجن" و"السحر" و"الشعوذة" مغرياً لتقديم مثل تلك الحكاية المحلية. فذاكرة التراث الشفاهي العربي للمعتقدات الشعبية تحفل بعشرات الحكايات التي تروى عن هذه الثلاثية، وكثير منها لا زال يعيش في حكايات تتناقلها الأجيال، مما يجعل حكاية درامية لمسلسل من هذا القبيل تداعب الذاكرة الشعبية والشفاهية فيما لو قدمت في قالب درامي محكم، وفي الوقت ذاته تُخرج العمل من دائرة التغريب الذي قد توحي به تكنولوجيا التنفيذ، ليقدم نفسه بوصفه دراما خليجية هي الأولى من نوعها على صعيد التلفزيون.
والتجربة، أي اعتماد الموروث الشعبي في دراما الرعب، الذي سبق واختبرت من قبل الفيلم الإماراتي "جن" (أول فيلم رعب من إنتاج الإمارات العربية المتحدة) حين وظف واحدة من الشخصيات المتخيلة الشهيرة في التراث الإماراتي، هي "أم دويس" في حكايته، فقدّم تجسيداً لأسطورة هذه الجنية التي تستدرج ضحاياها من الرجال بعطورها الفواحة وتقتلهم ببشاعة. وتدور أحداثه حول زوجين يعودان للسكن في حيّهما القديم، ليكتشفا أنّ منزلهما مسكون بأرواح شريرة.
مشروع "مسودة إنسان"، لن يكون الأول عربياً من نوعه، فقد سبقه إنتاج مصري عام 2011 هو "أبواب الخوف"، تأليف محمود دسوقي ومحمد سليمان، وإخراج أحمد خالد، وفيه تابعنا يوميات صحفي شاب يسعى في كل حلقة إلى إجراء تحقيق صحفي لفك أسرار حادثة أو واقعة غريبة مرّ عليها سنوات طويلة. الأمر الذي يقحمه في مواقف مثيرة ومرعبة، ويضعه في الوقت ذاته، في مواجهة مع الشرطة ومع آخرين يهددون حياته.
اليوم تعكف الجهة المنتجة لـ "أبواب الخوف" على التحضير لإنجاز الجزء الثاني منه، وبالتالي هو سيدرج في العرض إلى جانب المسلسل القطري "مسودة إنسان"، وبالتالي ستكون التجربة القطرية هذه أمام فرصة للمنافسة ضمن النمط ذاته عربياً، ولعل نجاحها، على صعيد التنفيذ والمنافسة، من شأنه أن يرفع أسهم الدراما القطرية عربياً، فالأساس في التفرد هو التميز الذي تعززه المنافسة.
دخول مسلسلات الرعب إلى قائمة الإنتاج التلفزيوني العربي، سيبدو حديث العهد إذا ما قيس بعمر الدراما التلفزيونية العربية التي تناهز النصف قرن بسنوات، وقد ساهم في تأخير ظهورها تلفزيونياً طبيعة العرض التلفزيوني العائلي وضوابطه، خلافاً للسينما العربية التي تبنّت إنتاج أفلام رعب في وقت مبكر، ولا سيما في السينما المصرية، التي قدمت عدداً من أفلام الرعب، لعل أشهرها عربياً وأقدمها فيلم "سفير جهنم" (إنتاج 1945) للفنان يوسف وهبي، وفيلم "التعويذة" (إنتاج 1987) للفنانين يسرا والفنان عزت العلايلي، وفيلم "الإنس والجن" (إنتاج 1985) للفنانين عادل إمام ويسرا وعزت العلايلي.
أما خليجياً، فقد شكّل فيلم "القرية المنسية" (2007)، أول تجربة سعودية لأفلام الرعب، وتدور أحداثه حول فريق سياحي يزور إحدى المناطق الأثرية في السعودية ويضطر لدخول قرية هجرها أهلها منذ 30 عاماً، لتواجههم هناك أحداث مرعبة، والفيلم السعودي هذا، سيقدم من خلال شخصية "النمنم" معادلاً درامياً عربياً لشخصية "دراكولا" الشهيرة في أفلام الرعب والتي تقوم بامتصاص دماء ضحاياها.
وبينما صنف منتجو الفيلم البحريني "زائر" للمخرج بسام الذواتي فيلمهم، بأنّه أول فيلم رعب بحريني الألفية الثالثة، وظّف الكويتيون أحداث الغزو العراقي للكويت في أحداث فيلم الرعب "090" (2014) حيث يقضي مجموعة من الأصدقاء عطلتهم في أحد الشاليهات المهجورة، ليتضح لاحقاً أنه مسكون بالعفاريت والجن نظراً لكثرة الإعدامات التي تمت فيه أيام الغزو العراقي، مع العلم أنّ "090" ليس التجربة الكويتية الوحيدة في إنتاج أفلام الرعب.
إقرأ أيضاً: المخرجات الخليجيات.. أين هنّ من الدراما؟
المشروع في حال جهوزيته، سيسجل عودة قوية للدراما القطرية إلى ساحة المنافسة الخليجية من باب النوع هذه المرة لا الكم. فهو يأتي في ظل تراجع لحضور المسلسل القطري على خارطة الدراما الخليجية لصالح الكويت والسعودية والبحرين والإمارات.
وبإنتاج مسلسل "مسودة إنسان"، يكون القطريون قد عادوا ليصنعوا حضورهم على الخارطة، وعلى نحو متميز من حيث النوع، مع العلم أنّ الدراما القطرية تشهد هذا العام إنتاج مسلسل ضخم من نوعه هو "جزيرة الأحلام" إلّا أنّ هذا الأخير يأتي بصيغة الدراما العربية متعددة الجنسيات، وبالتالي هو يدخل منافسة مع مسلسلات تنتمي إلى النمط الدرامي ذاته، ولا يسجل حضوره المتفرد أو النوعي كما ينتظر أن يفعلها مسلسل "مسودة إنسان".
ويبقى السؤال إلى أي مدى من الممكن أن ينجح المسلسل القطري في تكريس نفسه كمسلسل رعب خليجي يؤسس لتجربة ملهمة في الدراما الخليجية لا يئدها في أرضها؟ القضية هنا تتعلق بالمستوى الفني والتقني المتطور الذي سينفذ عبره المسلسل، كون "دراما الرعب" تعتمد بالدرجة الأولى على الخدع الفنية والخيال، وهو الأمر الذي ربما تجيب عنه تصريحات المخرج الدوسري التي قال فيها إن "العمل سيستخدم تقنيات جديدة مثل "الهولوجرام" التي يتم استخدامها في أفلام الرعب السينمائية من أجل إبراز بعض الشخصيات الخيالية، خاصة أنّ من ضمنها شخصية الشبح والثعبان".
من دون شك، قد تنجح التقنية في صنع مسلسل رعب، ولا سيما إذا تم الاعتماد على خبرات أجنبية مختصة بهذه النوعية من الأعمال الفنية، إلّا أنّها لن تنجح في إخراج العمل من دائرة "التغريب" التي ستلصق به، وذلك لسيادة هذا النمط الدرامي بوصفه صناعة غربية، الأمر الذي سيتطلب بالضرورة حكاية شديدة الخصوصية المحلية الخليجية، يتم تطوير خيوطها بما يخدم فكرة "الرعب".
وهنا سيبدو اعتماد "مسودة إنسان" لثلاثية "الجن" و"السحر" و"الشعوذة" مغرياً لتقديم مثل تلك الحكاية المحلية. فذاكرة التراث الشفاهي العربي للمعتقدات الشعبية تحفل بعشرات الحكايات التي تروى عن هذه الثلاثية، وكثير منها لا زال يعيش في حكايات تتناقلها الأجيال، مما يجعل حكاية درامية لمسلسل من هذا القبيل تداعب الذاكرة الشعبية والشفاهية فيما لو قدمت في قالب درامي محكم، وفي الوقت ذاته تُخرج العمل من دائرة التغريب الذي قد توحي به تكنولوجيا التنفيذ، ليقدم نفسه بوصفه دراما خليجية هي الأولى من نوعها على صعيد التلفزيون.
والتجربة، أي اعتماد الموروث الشعبي في دراما الرعب، الذي سبق واختبرت من قبل الفيلم الإماراتي "جن" (أول فيلم رعب من إنتاج الإمارات العربية المتحدة) حين وظف واحدة من الشخصيات المتخيلة الشهيرة في التراث الإماراتي، هي "أم دويس" في حكايته، فقدّم تجسيداً لأسطورة هذه الجنية التي تستدرج ضحاياها من الرجال بعطورها الفواحة وتقتلهم ببشاعة. وتدور أحداثه حول زوجين يعودان للسكن في حيّهما القديم، ليكتشفا أنّ منزلهما مسكون بأرواح شريرة.
مشروع "مسودة إنسان"، لن يكون الأول عربياً من نوعه، فقد سبقه إنتاج مصري عام 2011 هو "أبواب الخوف"، تأليف محمود دسوقي ومحمد سليمان، وإخراج أحمد خالد، وفيه تابعنا يوميات صحفي شاب يسعى في كل حلقة إلى إجراء تحقيق صحفي لفك أسرار حادثة أو واقعة غريبة مرّ عليها سنوات طويلة. الأمر الذي يقحمه في مواقف مثيرة ومرعبة، ويضعه في الوقت ذاته، في مواجهة مع الشرطة ومع آخرين يهددون حياته.
اليوم تعكف الجهة المنتجة لـ "أبواب الخوف" على التحضير لإنجاز الجزء الثاني منه، وبالتالي هو سيدرج في العرض إلى جانب المسلسل القطري "مسودة إنسان"، وبالتالي ستكون التجربة القطرية هذه أمام فرصة للمنافسة ضمن النمط ذاته عربياً، ولعل نجاحها، على صعيد التنفيذ والمنافسة، من شأنه أن يرفع أسهم الدراما القطرية عربياً، فالأساس في التفرد هو التميز الذي تعززه المنافسة.
دخول مسلسلات الرعب إلى قائمة الإنتاج التلفزيوني العربي، سيبدو حديث العهد إذا ما قيس بعمر الدراما التلفزيونية العربية التي تناهز النصف قرن بسنوات، وقد ساهم في تأخير ظهورها تلفزيونياً طبيعة العرض التلفزيوني العائلي وضوابطه، خلافاً للسينما العربية التي تبنّت إنتاج أفلام رعب في وقت مبكر، ولا سيما في السينما المصرية، التي قدمت عدداً من أفلام الرعب، لعل أشهرها عربياً وأقدمها فيلم "سفير جهنم" (إنتاج 1945) للفنان يوسف وهبي، وفيلم "التعويذة" (إنتاج 1987) للفنانين يسرا والفنان عزت العلايلي، وفيلم "الإنس والجن" (إنتاج 1985) للفنانين عادل إمام ويسرا وعزت العلايلي.
أما خليجياً، فقد شكّل فيلم "القرية المنسية" (2007)، أول تجربة سعودية لأفلام الرعب، وتدور أحداثه حول فريق سياحي يزور إحدى المناطق الأثرية في السعودية ويضطر لدخول قرية هجرها أهلها منذ 30 عاماً، لتواجههم هناك أحداث مرعبة، والفيلم السعودي هذا، سيقدم من خلال شخصية "النمنم" معادلاً درامياً عربياً لشخصية "دراكولا" الشهيرة في أفلام الرعب والتي تقوم بامتصاص دماء ضحاياها.
وبينما صنف منتجو الفيلم البحريني "زائر" للمخرج بسام الذواتي فيلمهم، بأنّه أول فيلم رعب بحريني الألفية الثالثة، وظّف الكويتيون أحداث الغزو العراقي للكويت في أحداث فيلم الرعب "090" (2014) حيث يقضي مجموعة من الأصدقاء عطلتهم في أحد الشاليهات المهجورة، ليتضح لاحقاً أنه مسكون بالعفاريت والجن نظراً لكثرة الإعدامات التي تمت فيه أيام الغزو العراقي، مع العلم أنّ "090" ليس التجربة الكويتية الوحيدة في إنتاج أفلام الرعب.
إقرأ أيضاً: المخرجات الخليجيات.. أين هنّ من الدراما؟