دعم خليجي لقطر: الدوحة والقاهرة إلى مزيد من التأزّم

20 فبراير 2015
دعم مجلس التعاون الخليجي الموقف القطري (الأناضول)
+ الخط -

رجّحت مصادر خليجية أن تشهد العلاقات بين الدوحة والقاهرة مزيداً من التأزّم في الأيام القليلة المقبلة، بعد الاتهامات المصرية لدولة قطر بدعم الإرهاب، على خلفية موقفها المتحفظ تجاه غارات الطيران المصري على مدينة درنة في ليبيا، والتي أسفرت عن سقوط ضحايا مدنيين. وفي الوقت الذي ردت فيه الدوحة بحزم على الاتهام المصري، والذي جاء على لسان مندوب مصر الدائم في جامعة الدول العربية، طارق عادل، ووصفت الاتهام بالموتور، واستدعت سفيرها لدى القاهرة للتشاور، سارع مجلس التعاون الخليجي إلى التضامن مع الدوحة، موجهاً انتقاداً لاذعاً إلى النظام المصري، معتبراً الاتهامات "بأنها باطلة ومجافية للحقيقة".

ولفت الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف بن راشد الزياني، في بيان أصدره، أمس الخميس، إلى "أن اتهامات القاهرة تتجاهل الجهود المخلصة التي تبذلها دولة قطر، مع شقيقاتها دول مجلس التعاون والدول العربية، لمكافحة الإرهاب والتطرف، على جميع المستويات، ودعم العمل العربي المشترك". ورأت المصادر الخليجية التي تحدثت إليها "العربي الجديد" أن مسارعة مجلس التعاون الخليجي إلى إصدار بيان تضامني مع الدوحة، يرفض الاتهامات المصرية، تعد مؤشراً إلى بدء امتعاض السياسات الخليجية تجاه مصر، لا سيما وقد وصف بيان مجلس التعاون "التصريحات المصرية" بأنها "لا تساعد على ترسيخ التضامن العربي، في الوقت الذي تتعرض فيه أوطاننا العربية لتحديات كبيرة، تهدد أمنها واستقرارها وسيادتها".

وسبق للقاهرة أن تلمست بدايات تغيير في "المواقف الخليجية"، بعد وفاة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، وعبرت عن ذلك وسائل إعلام محسوبة على النظام المصري، وقد وجدت القاهرة نفسها مضطرة للتوضيح والتبرير، بعد ظهور تسريبات إعلامية تحمل إساءات إلى دول مجلس التعاون الخليجي، على لسان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ومساعديه، إبان كان وزيراً للدفاع، إذ اضطر السيسي لإجراء سلسة اتصالات هاتفية مع العاهلين السعودي والبحريني وأمير الكويت، في اليوم التالي لإذاعة التسريبات التي رأت فيها أوساط سياسية وإعلامية خليجية دليلاً على "العقلية التي تدير الحكم في القاهرة اليوم"، وسياسة الابتزاز التي تمارس ضد مجلس التعاون الخليجي من النظام هناك.

إقرأ أيضاً: "شمّاعة" قطر و"شرشحة" أذرع الإعلام

ووفق مراقبين خليجيين فإن "بيان مجلس التعاون" المتضامن مع قطر سيشكّل سنداً للدوحة في اتخاذ مواقف حازمة تجاه القاهرة، بعدما نفد صبرها، وتحول الاتهام والتحريض الذي يكال في وسائل الإعلام المصري ضدها يومياً إلى سياسة رسمية من نظام السيسي. ومن المرجح أن ينعكس الموقف المصري تجاه الدوحة سلباً على مشاركتها في المؤتمر الاقتصادي الذي يعقد في شرم الشيخ، لدعم الاقتصاد المصري، منتصف شهر مارس/آذار المقبل، وقد تتأثر المشاركة الخليجية فيه، في حال استمر التأزم في العلاقات القطرية-المصرية، ما سيضع السيسي ونظامه في موقف صعب.

وما زال مبكراً معرفة موقف الدوحة من المشاركة في القمة العربية المقبلة أيضاً، والتي ستعقد في القاهرة آخر شهر مارس/آذار المقبل، والمقرر أن تبدأ القاهرة توجيه الدعوات لحضورها قريباً، لكن من الواضح أن تأزم العلاقة سيلقي بظلاله على مستوى المشاركة القطرية في القمة، والتي قد تؤجل إلى موعد لاحق، في حال اتسعت رقعة الخلافات العربية-العربية، حول الملفات الساخنة، وآخرها الملف الليبي.

وشهدت ليلة الخميس، خلافاً بين القاهرة والدوحة، في اجتماع جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين، لمناقشة تطورات الملف الليبي، فقد أعلن مندوب قطر، لدى الجامعة، وسفيرها لدى القاهرة، سيف المقدم البوعينين، في الاجتماع، تحفظه على بند يتيح لمصر توجيه ضربات عسكرية في ليبيا، على خلفية جريمة ذبح 21 مصرياً ممن كانوا يعملون في الدولة العربية المجاورة، على يد تنظيم "داعش".

ورد مندوب مصر، السفير طارق عادل، معتبراً أن "التحفظ القطري ليس مستغرباً، حيث يؤكد، مرة أخرى، خروج قطر عن الإجماع العربي"، وتابع: "وفقاً لقراءتنا في مصر لهذا التحفظ القطري، بات واضحاً أن قطر كشفت عن موقفها الداعم للإرهاب"، بحسب بيان للخارجية المصرية.

وردت الدوحة باستدعاء سفيرها من القاهرة، ووصف مسؤول الشؤون العربية في الخارجية القطرية، السفير سعد بن علي المهندي، موقف مندوب مصر بأنه "يخلط بين ضرورة مكافحة الإرهاب وقتل وحرق المدنيين بطريقة همجية"، داعياً إلى "عدم الزج باسم قطر في أي فشل تقوم به الحكومة المصرية". وأكد المهندي شجب قطر وإدانتها "العمل الإجرامي الذي أودى بحياة 21 مواطناً مصرياً في ليبيا"، معتبراً أن موقف المندوب المصري "موتور"، و"جانبه الصواب والحكمة"، مضيفاً أن هذا المواقف "تخلط بين ضرورة مكافحة الإرهاب من جهة، وقتل وحرق المدنيين بطريقة همجية من جهة ثانية". وشدد المهندي على أن تحفظ الدوحة "جاء متوافقاً مع أصول العمل العربي المشترك الذي يقضي بأن يكون هناك تشاور بين الدول العربية، قبل قيام إحدى الدول الأعضاء بعمل عسكري منفرد في دولة عضو أخرى، لما قد يؤدي إليه هذا العمل من أضرار تصيب المدنيين العزل".

وبشأن التحفظ القطري، الوارد على البند الخاص برفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي (الذي يأتمر بحكومة عبد الله الثني)، قال المهندي في تصريحاته إن "موقف دولة قطر كان واضحاً في اجتماع وزراء الخارجية العرب في يناير الماضي، من مبدأ عدم تقوية طرف على حساب طرف آخر، قبل نهاية الحوار، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، يكون لها الحق بطلب رفع الحظر، بالنيابة عن الشعب الليبي الشقيق".

المساهمون