لم تظهر دعوات احتفال عريضة بذكرى الثورة التي كانت تُطلقها الأذرع الإعلامية للنظام لحشد عشرات من الموالين بميدان التحرير، وإحاطتهم بقوات الشرطة لمنع المتظاهرين من الوصول إلى ميدان الثورة ورميهم بالرصاص الحي على أطرافه، في حين يرقص ويتمايل بضع عجائز على أغنية "تسلم الأيادي"، في مشهد تكرر خلال السنوات الأخيرة.
وزير الداخلية، مجدي عبد الغفار، قدم، أمس الثلاثاء، هدية إلى رئيسه عبد الفتاح السيسي، ممثلة في مُجسم لشعار الشرطة خلال الاحتفال بيوم عيدهم، الذي عمد المصريون لتحديده يوماً للثورة الشعبية ضد تجاوزات الداخلية بحق المواطنين، في مشهد يُعيد إلى الأذهان احتفال حبيب العادلي مع المخلوع حسني مبارك بعيد الشرطة، قبل يومين من اشتعال ثورة الخامس والعشرين من يناير. ولا يخفى على المعارضين وجود نية مُبيتة من النظام لقتل وتصفية كل من يخرج للتظاهر، أياً كان انتماؤه. لذا لم تُعلن القوى الشبابية عن موقفها صراحة، مثل حركتي شباب 6 أبريل، والاشتراكيين الثوريين، وأحزاب كمصر القوية والوسط والدستور، إلا أن تخلي السيسي عن السيادة على جزيرتي تيران وصنافير، وحد وسوم "ثوار يناير" على مواقع التواصل الاجتماعي من جديد، إيذاناً بمواجهة غير بعيدة مع النظام.
قطاع عريض من المصريين مُنشغل حالياً بغلاء الأسعار وفشل نظام السيسي في إدارة الملف الاقتصادي، فهو واقع يعيشون فيه ليل نهار. وبات تأثير الآلة الإعلامية في تبرير الإخفاقات محدوداً عن ذي قبل، بعد أن فقد المصريون أكثر من 70 في المائة من مدخراتهم ورواتبهم عقب تحرير سعر صرف الجنيه في 3 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بل ينتظرون أوضاعاً أكثر إيلاماً مع مضي السيسي في خطة تحرير الدعم عن أسعار المحروقات، وخصخصة شركات الكهرباء والمياه والغاز الطبيعي، واستبدال الدعم العيني للسلع التموينية بالنقدي، العام الحالي، وفق مشروعات القوانين المُدرجة في جدول أعمال مجلس النواب، المشغول بتمرير تشريعات السلطة، لتقنين الفساد والاستبداد، وتستر أخيراً على اختفاء 32.5 مليار جنيه من موازنة الدولة.