دليل الاستبداد والمستبدين

17 ديسمبر 2014
+ الخط -

قبل حلول الذكرى الرابعة لثورة عظيمة، كانت في 25 من يناير/ كانون ثاني 2011، أودّ أن أنوه إلى كتاب مهمٍّ صدر في مطلع العام المنصرم، في ظلّ مرحلة أجهضتْ ممارساتُها معظم المكتسبات التي كانت الثورة العظيمة تسعى إلى تحقيقها؛ لتعود دولة الاستبداد والقمعِ في أسوإ صورها.

الكتابُ يتعرّض للعلاقة بين الشعوب والحكام في الأنظمة المستبدة، ومع أنّ مُؤلفَيْه أميركيّان، فإن معظم إسقاطات الكتاب تنسجم مع الحالة العربيّة التي تعاني من استبداد حكوماتٍ، وثورات لم تحقِّق أهدافها، ولم تكتمل مقاصدها.

تبرز في الكتاب تميمتان حاضرتان بقوّة في عنوانه، هما الفساد والاستبداد؛ فالعنوان الرئيسي للكتاب هو (الفساد سبيلاً للاستيلاء على السلطة والحفاظ عليها)، بينما عنوانه الفرعي الأشدّ بروزًا فهو (دليل الاستبداد والمستبدين). ومؤلفاه هما بروس بيونو دو مسقيتا، وألستير سميث، وقد ترجمته الدكتورة فاطمة نصر إلى العربيّة. ولعلّ الأكثر غرابة صدور هذه الطبعة ضمن سلسلة الإنسانيات في مكتبة الأسرة المصرية، عام 2014، أي في ظِلِّ نظام لم يحترِم الخيار الديمقراطي، بعد أحداث 30 يونيو/حزيران 2013.

الكتاب في 264 صفحة من القطع الكبير، ويحتوي على عشرة فصول: قواعد السياسة، الوصول إلى السلطة، البقاء في السلطة، اسرق الفقراء وأعط الأغنياء، الحصول على الأموال وإنفاقها، الفساد والتمكين، المعونات الخارجية، الشعوب والحالات الثورية، (الحرب، السلام، والنظام العالمي)، ما العمل؟

يبدأ الكتاب بتساؤل مثير: لمَ يظلّ المستبدون ممسكين بالسلطة لفترات طويلة؟ وفي المقابل، لمَ لا يمكث القادة الديمقراطيون في الحكم سوى فترة وجيزة؟

ولعلّ انقلاب الثالث من يوليو على أوّل رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا يُعزِّر ذلك التساؤل، ويؤكِّد أن الديمقراطيات الناشئة تظلّ في مهبّ الريح، في مقابل الاستبداديات المتجذّرَة، حيث تكون السطوة لصندوق الذخيرة في مقابل صندوق الانتخابات.

وبين طيّات الكتاب، نجد تحليلات كثيرة لها صداها في المشهد المصري الراهن، وسأشرع في سرد بعض مقولات الكتاب، التي تصلح لأن تكون دستورًا للاستبداد والمستبدين:

•السياسة فن الوصول إلى السلطة والحفاظ عليها، ولا علاقة لذلك برفاهية الشعب وخيره.

•مَن يحاول أن يؤسس حُكماً قائماً على الحرية والمساواة سيفشل. (ميكافيللي)

•لا يوجد قائد أعظم أوحد نافذ الإرادة والكلمة، وليس باستطاعة أي قائد أو ملك أو طاغية أن يحكم وحده.

•إنّ تسكين مخاوف الداعمين لك من الاستغناء عنهم هو أحد العناصر الرئيسية للوصول إلى السلطة.

•(فرِّق تَسُد) مبدأ رهيب ناجع في الوصول إلى السلطة، حتى في الديمقراطيات.[إبراهام لينكولن أحد أعظم من مارسوا تلك الاستراتيجية].

•بعد وصول المتطلِّع إلى السلطة إلى منصبه، بالتوريث أو الانقلاب، أو الانتخابات، أو التمرّد، أو القتل والتخريب، يواجِه تحدي الإبقاء على المنصب. [العالم العربي نموذجًا]

•النِّظام الاستبدادي هو الذي يحرص على خير القائد، لا على خير النّاس.

avata
avata
أحمد محمد الدماطي (مصر)
أحمد محمد الدماطي (مصر)