لم يكن ينقص أهالي العاصمة السورية دمشق سوى وباء كورونا حتى يزيد الضغوط عليهم، أكان من قبل العناصر الأمنية التابعة للنظام التي تستغل هذه الأزمة لابتزاز الناس وفرض المزيد من الإتاوات عليهم، أم عبر توقف الأعمال وما يترتب على ذلك من تداعيات على الأهالي ولا سيما العمال المياومين. الصورة في أحياء دمشق القديمة لم تعد كما كانت، فلا حياة حتى في أسواقها الشعبية المعروفة، والتي كانت تضج بالحياة، فسوق الحميدية قرب الجامع الأموي خالٍ من المارة وحتى الباعة، بعد أن أغلقت محاله كلها، وهذا يندرج على أسواق الحريقة والحمر والصالحية وسط العاصمة التاريخية. وبعد اتخاذ سلطات النظام إجراءات في مواجهة تفشي وباء كورونا، باتت الحركة التجارية في العاصمة تقتصر على بعض محال المواد الغذائية التي يقصدها الناس لتلبية حاجاتهم بتردد وضمن الحدود الدنيا، في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار، والذي تضاعف عما كان عليه قبل أزمة كورونا، علاوة عن الارتفاع الهائل قبل ذلك.
وغالباً ما تقتصر حركة الدمشقيين أو القاطنين في الأحياء المحيطة بالعاصمة، على أحيائهم وحسب. وفي هذه الأحياء، يبدو المشهد مأساوياً، أمام معتمدي توزيع مادة الخبز بعد قرار إغلاق الأفران، وتحديد آلية جديدة من قبل حكومة النظام لتوزيع الخبز من خلال المعتمدين بكميات محدودة وعبر بطاقة "ذكية". إلا أن المشهد أمام محال وأكشاك المعتمدين يُظهر أن هذا القرار تسبّب بازدحام قد يُضاعف من انتشار الوباء عوضاً عن مكافحته، كذلك يبدو الحال أمام فروع "المؤسسة السورية للتجارة"، المسؤولة عن توزيع بعض المواد التموينية والغذائية للمواطنين، ضمن حصص ضئيلة وآلية معقدة ومذلّة.
ومع تفشي كورونا، تفاقمت الأزمة المعيشية في دمشق، لا سيما بالنسبة للعمال المياومين الذين توقفت أعمالهم بسبب إغلاق الورش والمحال التجارية والأسواق، ورغم أن المداخيل المادية كانت بسيطة ولا تلبي بالشكل الكافي الحاجة، مع تدني سعر صرف الليرة مقابل الدولار في أوقات سابقة، إلا أن الأزمة الأخيرة زادت من معاناة الناس مع تقدّم أيامها بشكل متصاعد. ويتعرض أهالي دمشق لاستغلال جراء الإجراءات التي فرضتها السلطات، مع إغماض النظام عينه عن كل الممارسات التي أثقلت كاهل سكان دمشق بشكل خاص، وسكان المناطق المسيطر عليها من قبل النظام عموماً، ليصبح السوريون في مناطق النظام عالقين بين تداعيات الأزمة الحالية، والاستغلال والقمع الممنهج من قبل النظام.