العزيزيّة والسليمانيّة والميدان وسريان قديم وسريان جديد والشيخ طه وفيلات الأرمن وجديدة ومحطة بغداد.. أحياء كانت تفيض بالزينة والأشجار والأجراس يوم عيد الميلاد في مدينة حلب. ومعظم سكان المدينة على اختلاف مذاهبهم، كانوا يقصدون تلك الأحياء ذات الأغلبيّة المسيحيّة، ليستمتعوا بأجواء الميلاد.
وتسترجع كارون ذكريات عيد الميلاد في حلب قبل العام 2011. وهي، بعد أعوام الحرب التي قضتها في حيّ العزيزية، ترى أن "العيد بات ضيفاً ثقيلاً على حلب، يتمنى الأهالي مروره بسرعة. ففي خلاله، يتذكّر النازح منزله، والمهجّر أرضه ومن بقي فيها. هو بات مساحة للذكرى وليس للفرح".
وتخبر أن "ما من زينة في الشوارع، ولم نتحضّر للعيد. معظمنا بات يضع الشجرة فقط لأطفاله وفي الخفاء، بخلاف ما كنا نفعل سابقاً على الشرفات. الجميع حزين، وثمّة خجل من الاحتفال وسط ما تمرّ به البلاد".
وتحاول عبثاً النبش في ذاكرتها عما يدعو إلى الفرح في أعياد سنوات الحرب. فتقول: "في الأولى والثانية، منعت الكنائس والجمعيات الأهلية المسيحيّة في حلب مختلف الطوائف من الاحتفال، كنوع من الحداد على ما تمر به البلاد. فاقتصرت الاحتفالات على البيوت، في طقس أشبه برفع العتب لإدخال الفرح إلى قلوب الأطفال فقط".
تبتسم كارون عند سؤالها عن تفاعل باقي الطوائف مع عيد الميلاد. وتقول: "المسيحيون أنفسهم ليسوا متفاعلين. فكيف تتفاعل الطوائف الأخرى؟". وتختزل أمنياتها لهذا العام بعودة السلام إلى البلاد وعودة مَن هاجر من أقاربها. تضيف: "في كل عيد تحاول الكنائس مواساة الناس في حلب بالقول: إذا لم تنتهِ الحرب قريباً، فسنسعى إلى فتح طريق لهجرة جماعيّة إلى أوروبا. هذا الكلام، كان يخيف البعض أكثر مما يريحهم".
وتجدر الإشارة إلى أن المسيحيين كانوا يشكلون 12% من سكان حلب، أي نحو 500 ألف نسمة، لم يبقَ منهم اليوم إلا نحو 70 ألفاً.
المهندس نبيل إسحق من سكان مدينة حلب، بالنسبة إليه، "نعيش الميلاد اليوم كما يعيش المسلمون في سورية فطرهم وأضحاهم، بقليل من الفرح وكثير من الحزن". ولا ينسى التشديد على "الظروف الاقتصاديّة القاتلة التي يعاني منها الجميع في داخل المدينة. فلا كهرباء ولا ماء ولا غاز. حتى الدواء، ندر".
من جهتها، تبدو دمشق أفضل حالاً من حلب، هي التي لا تعاني حصاراً خانقاً. وقد قررت بعض العائلات الدمشقيّة التوجّه إلى لبنان هذا العام، للاحتفال بعيد الميلاد في مكان "آمن" لا تناله قذائف هاون مجهولة المصدر، ولا تختلط فيه أجراس الكنائس بأزيز الرصاص والقصف الآتي من كل مكان.
عائلة ماريا من تلك العائلات. تقول: "على الرغم من كل الازدحام والمعاناة على الحدود اللبنانيّة-السوريّة، إلا أننا فضلنا الاحتفال عند أقاربنا في مدينة جبيل". تضيف: "بصراحة، أرى أن العيد أجمل بعيداً عن دمشق. هنا تشعر بالفرح وتلمسه حقيقة".
إلى ذلك، شهدت منازل شارع القصاع في دمشق ذات الأغلبية المسيحيّة في هذا العيد، إقبالاً على الزينة بعكس العامين الماضيَين. تقول أم سامي: "بمجرّد أن تشجعنا قبل أسبوعَين وعلقنا حبال المصابيح على واجهة المنزل ونصبنا شجرة الميلاد بكراتها الملونة على الشرفة، حتى لحق بنا أكثر من نصف المنازل". تضيف: "الناس ملّوا الحرب. هم عطاش للفرح وإن كان سرقة". وشجرة أم سامي تضاء ساعتَين لتطفأ أربع ساعات، كما حال التيار الكهربائي هنا.
أما شادي وهو طالب هندسة مدنيّة، فالعيد بالنسبة إليه أصبح افتراضياً كما كل شيء. يقول: "سنكتفي هذا العام بالطقوس الدينيّة في الكنائس والدعاء للرب، كي تنجلي هذه الغيمة عن بلدنا. فأي عيد هذا وثمة ملايين المهجرين وآلاف المعتقلين؟". يضيف: "نصف أفراد أسرتي لاجئون في السويد. وكما في العامين السابقين، سنتواصل ونعايد بعضنا بعضاً على مواقع التواصل الاجتماعي".
من جهتها، تشير سوسن السيّد من حي جرمانا في دمشق، إلى أن الناس قرروا كسر قيود الحرب وأحزانها. فنصبوا بمعظمهم أشجار الميلاد والمغارة، بعد سنوات من الامتناع الإرادي. وللمرّة الأولى، تجوّل بابا نويل مع جرسه في منطقة باب توما، وفي مناطق واقعة على خطوط التماس مثل صحنايا والطبالة". وسوسن اكتفت بصناعة حلوى "العجوة"، بكميّة قليلة لتفرح أطفالها وللتوفير قدر المستطاع.
ويحاول صاحب أحد محال الحلويات في دمشق تبرير ارتفاع الأسعار الجنوني، بالقول إن "أسعار المواد الأساسيّة الخاصة بالحلويات مرتفعة على التاجر. سنبيع بخسارة إذا قررنا التخفيض أو بيعها برأس مالها. سيضيع حقنا وحق العمال".
وتسترجع كارون ذكريات عيد الميلاد في حلب قبل العام 2011. وهي، بعد أعوام الحرب التي قضتها في حيّ العزيزية، ترى أن "العيد بات ضيفاً ثقيلاً على حلب، يتمنى الأهالي مروره بسرعة. ففي خلاله، يتذكّر النازح منزله، والمهجّر أرضه ومن بقي فيها. هو بات مساحة للذكرى وليس للفرح".
وتخبر أن "ما من زينة في الشوارع، ولم نتحضّر للعيد. معظمنا بات يضع الشجرة فقط لأطفاله وفي الخفاء، بخلاف ما كنا نفعل سابقاً على الشرفات. الجميع حزين، وثمّة خجل من الاحتفال وسط ما تمرّ به البلاد".
وتحاول عبثاً النبش في ذاكرتها عما يدعو إلى الفرح في أعياد سنوات الحرب. فتقول: "في الأولى والثانية، منعت الكنائس والجمعيات الأهلية المسيحيّة في حلب مختلف الطوائف من الاحتفال، كنوع من الحداد على ما تمر به البلاد. فاقتصرت الاحتفالات على البيوت، في طقس أشبه برفع العتب لإدخال الفرح إلى قلوب الأطفال فقط".
تبتسم كارون عند سؤالها عن تفاعل باقي الطوائف مع عيد الميلاد. وتقول: "المسيحيون أنفسهم ليسوا متفاعلين. فكيف تتفاعل الطوائف الأخرى؟". وتختزل أمنياتها لهذا العام بعودة السلام إلى البلاد وعودة مَن هاجر من أقاربها. تضيف: "في كل عيد تحاول الكنائس مواساة الناس في حلب بالقول: إذا لم تنتهِ الحرب قريباً، فسنسعى إلى فتح طريق لهجرة جماعيّة إلى أوروبا. هذا الكلام، كان يخيف البعض أكثر مما يريحهم".
وتجدر الإشارة إلى أن المسيحيين كانوا يشكلون 12% من سكان حلب، أي نحو 500 ألف نسمة، لم يبقَ منهم اليوم إلا نحو 70 ألفاً.
المهندس نبيل إسحق من سكان مدينة حلب، بالنسبة إليه، "نعيش الميلاد اليوم كما يعيش المسلمون في سورية فطرهم وأضحاهم، بقليل من الفرح وكثير من الحزن". ولا ينسى التشديد على "الظروف الاقتصاديّة القاتلة التي يعاني منها الجميع في داخل المدينة. فلا كهرباء ولا ماء ولا غاز. حتى الدواء، ندر".
من جهتها، تبدو دمشق أفضل حالاً من حلب، هي التي لا تعاني حصاراً خانقاً. وقد قررت بعض العائلات الدمشقيّة التوجّه إلى لبنان هذا العام، للاحتفال بعيد الميلاد في مكان "آمن" لا تناله قذائف هاون مجهولة المصدر، ولا تختلط فيه أجراس الكنائس بأزيز الرصاص والقصف الآتي من كل مكان.
عائلة ماريا من تلك العائلات. تقول: "على الرغم من كل الازدحام والمعاناة على الحدود اللبنانيّة-السوريّة، إلا أننا فضلنا الاحتفال عند أقاربنا في مدينة جبيل". تضيف: "بصراحة، أرى أن العيد أجمل بعيداً عن دمشق. هنا تشعر بالفرح وتلمسه حقيقة".
إلى ذلك، شهدت منازل شارع القصاع في دمشق ذات الأغلبية المسيحيّة في هذا العيد، إقبالاً على الزينة بعكس العامين الماضيَين. تقول أم سامي: "بمجرّد أن تشجعنا قبل أسبوعَين وعلقنا حبال المصابيح على واجهة المنزل ونصبنا شجرة الميلاد بكراتها الملونة على الشرفة، حتى لحق بنا أكثر من نصف المنازل". تضيف: "الناس ملّوا الحرب. هم عطاش للفرح وإن كان سرقة". وشجرة أم سامي تضاء ساعتَين لتطفأ أربع ساعات، كما حال التيار الكهربائي هنا.
أما شادي وهو طالب هندسة مدنيّة، فالعيد بالنسبة إليه أصبح افتراضياً كما كل شيء. يقول: "سنكتفي هذا العام بالطقوس الدينيّة في الكنائس والدعاء للرب، كي تنجلي هذه الغيمة عن بلدنا. فأي عيد هذا وثمة ملايين المهجرين وآلاف المعتقلين؟". يضيف: "نصف أفراد أسرتي لاجئون في السويد. وكما في العامين السابقين، سنتواصل ونعايد بعضنا بعضاً على مواقع التواصل الاجتماعي".
من جهتها، تشير سوسن السيّد من حي جرمانا في دمشق، إلى أن الناس قرروا كسر قيود الحرب وأحزانها. فنصبوا بمعظمهم أشجار الميلاد والمغارة، بعد سنوات من الامتناع الإرادي. وللمرّة الأولى، تجوّل بابا نويل مع جرسه في منطقة باب توما، وفي مناطق واقعة على خطوط التماس مثل صحنايا والطبالة". وسوسن اكتفت بصناعة حلوى "العجوة"، بكميّة قليلة لتفرح أطفالها وللتوفير قدر المستطاع.
ويحاول صاحب أحد محال الحلويات في دمشق تبرير ارتفاع الأسعار الجنوني، بالقول إن "أسعار المواد الأساسيّة الخاصة بالحلويات مرتفعة على التاجر. سنبيع بخسارة إذا قررنا التخفيض أو بيعها برأس مالها. سيضيع حقنا وحق العمال".