ديالى العراقية... معاناة مزمنة للسكان مع قذائف "الهاون"

07 يوليو 2019
مدافع الهاون في العراق (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

ما زالت هجمات مدافع "الهاون" مستمرة على قرى محافظة ديالى، ولو على نحو أقل من السابق، رغم سلسلة الاجتماعات العسكرية العراقية، التي عقدت في مدينة بعقوبة عاصمة المحافظة الواقعة إلى الشرق من بغداد، خلال الأسابيع الماضية، ونتجت عنها خطة أمنية تقضي بعملية انتشار واسعة في مناطق شمال شرقي ديالى لمنع هجمات من تسميهم السلطات العراقية بـ"الجماعات الخارجة عن القانون".

ويقصد بتلك الجماعات إشارة السلطات العراقية إلى المليشيات المسلحة بالمحافظة، والتي اتخذت أفعالها أشكالاً مختلفة كالاغتيال واقتحام المنازل والخطف وأخطرها قذائف الهاون التي تسقط على المنازل على حين غرة وتخطف أرواح عدد من ساكنيها.

تقرير أمني عراقي يؤكد أن ضحايا "الهاون" في ديالى هم الأعلى من بين مناطق العراق الذين قُتلوا بواسطة هذا السلاح المنتشر بكثرة لدى الفصائل المسلحة، وهو من مخلفات الجيش العراقي السابق المتنوعة وجميعها روسية الصنع ولكن تختلف عياراتها بين 62 و80 و120 ملم.

وباتت قذائف "الهاون" تُصنّع محلياً، بحسب ما أكده مسؤول عراقي رفيع بوزارة الداخلية لـ"العربي الجديد"، وقال "هناك خطة لتسيير طائرات مراقبة في عدة مناطق داخل محافظة ديالى ضمن الجزء الشمالي الشرقي من مدينة بعقوبة للحد من تلك الهجمات ورصد المتورطين بها".

وبيّن أن "مناطق ديالى شهدت مقتل 34 مدنياً وإصابة ما لا يقل عن 90 آخرين بينهم أطفال جراء هجمات الهاون منذ مطلع العام الجاري وهي الأعلى في العراق"، مضيفا أن تقريرا أمنيا أشار إلى أن منفذي تلك الهجمات جماعات مسلحة منفلتة، استهدفت عدة مناطق بعينها أبرزها المخيسة والكبة وأبو كرمة وأبو الخنازير وقرى وقصبات المقدادية وبهرز وأبو صيدا ومندلي وشهربان الخالص وحوض الوقف والعظيم.

ولفت المسؤول إلى أن معدل الهجمات بالهاون تراجع كثيراً على مدى الشهرين الماضيين، لكن بين فترة وأخرى تطلق قذيفة هنا وهناك وتتسبب بخسائر بشرية أو مادية في القرى، ما يدفع الناس للبقاء بحالة خوف أو المغادرة نهائياً باتجاه مناطق أخرى، وترك مصالحهم وأراضيهم.

مقابل ذلك، ما زالت العشرات من الأسر في مناطق عدة من شمال شرقي ديالى نازحة لم تعد إلى منازلها، وفقاً لعضو مجلس محافظة ديالى السابق أحمد القيسي، الذي أكد لـ"العربي الجديد"، بأن المواثيق والوعود التي أطلقتها قوات الجيش والشرطة للأهالي بعدم تكرار الهجمات وحمايتهم لم تبدُ كافية للناس.

وأضاف القيسي "الهاون هو كابوس الأهالي في مناطق شمال شرقي ديالى حتى أن بعضهم يضع أكياس رمل على سطح منزله تخوفاً من سقوط قذيفة عليه، ورغم انقطاع الكهرباء الناس تخشى النوم على أسطح المنازل أو بحديقة الدار".


العقيد في قيادة عمليات ديالى علي الشمري، أوضح لـ"العربي الجديد"، بأن "قوات الجيش تعمل جهدها لمنع الهجمات"، مضيفاً أن "الجيش يتعامل مع أهالي تلك القرى على أنهم إخواتهم وأخوانهم وأطفالهم ويحزنون ويتألمون عند نجاح أي عملية تستهدف أمنهم".

وتابع "هناك من لا يريد الاستقرار في المحافظة ويحاول إرجاعها لمربع الفتنة الأول، وهناك جهات كثيرة تعمل لصالح داعش أو لمليشيات منفلتة تجد في الفوضى مصدراً مالياً ونفوذاً لها، لكن بكل جدية الجيش والشرطة يبذلون كل ما يقدرون عليه لمنع الهجمات، وهناك تقدم كبير".

وأشار الشمري إلى أنه "بالنظر لطبيعة المحافظة الزراعية وتضاريسها المعقدة، فإن المهمة تبقى معقدة لكن قريباً سيتم الإعلان عن انتهاء هذا الكابوس".

وكانت عضو البرلمان العراقي عن محافظة ديالى ناهدة الدايني، قد طالبت القيادات الأمنية بالمحافظة إلى وضع حدّ لما أسمته "المليشيات الخارجة عن القانون". ونقلت وسائل إعلام محلية عن الدايني قولها إن الجماعات التي تريد إعادة ديالى إلى المربع الأول تواصل قصف قرى في مدينة بهرز.

وفي السياق، قال الزعيم القبلي المحلي سعد المهداوي أن الأوضاع في بعض مناطق ديالى أصبحت لا تحتمل بسبب الهجمات المتكررة التي تطاول المدنيين. وأكد لـ"العربي الجديد" أن الحل يكمن في استقدام قوة خاصة من بغداد لضبط الأمن، لأن قوات الشرطة المحلية في ديالى غير قادرة على مواجهة نفوذ الفصائل المسلحة المتغلغلة في جميع المفاصل المهمة بمؤسسات المحافظة".

ولفت إلى عدم قدرة بعض الأسر على العودة إلى منازلها بسبب تلقيها تهديدات من مجهولين، مؤكداً أن "المهجرين قسراً من منازلهم حاولوا الذهاب لبغداد، والتظاهر هناك للفت انتباه الحكومة ووسائل الإعلام لمأساتهم لكن تم منعهم".

وبلغ مجموع الهجمات التي شهدتها ديالى خلال شهرين فقط، أكثر من 40 استهدافاً بين قذيفة هاون وإطلاق نار وعبوات ناسفة واغتيال مباشر في 8 مناطق بشمال شرقي ديالى، وأسفرت عن مقتل وجرح عدد من المدنيين، وخطف آخرين ما زال مصيرهم مجهولاً حتى الآن. وتعد مناطق المخيسة والكبة وأبو كرمة وأبو الخنازير وقرى وقصبات المقدادية وبهرز وأبو صيدا ومندلي وشهربان والخالص أبرز المناطق المستهدفة، فيما لم تكشف قوات الأمن العراقية عن أي نتائج تحقيق بتلك الهجمات كما وعدت سابقاً.