وحذّر دي ميستورا من نشوب معركة شاملة في جنوب غرب سورية، معتبراً أن ذلك من شأنه أن يزيد التوتر مع إسرائيل، وأن يقوض التقدم المحدود الذي تحقق حاليا في المحادثات السياسية الدولية، التي تركز على جهود لتشكيل لجنة دستورية.
وطلبت عدة دول غربية أعضاء في مجلس الأمن من روسيا احترام تعهداتها في جنوب غرب سورية عبر وقف هجوم الجيش السوري المدعوم من موسكو الذي يهدّد، بحسب الأمم المتحدة، استئناف العملية السياسية.
وقال مساعد سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، جوناثان كوهين، خلال الاجتماع الشهري للمجلس حول سورية إن "الولايات المتحدة بإمكانها التأكيد أن روسيا شنت في الأيام الماضية غارات في منطقة خفض التوتر في جنوب غرب" سورية.
وأضاف أن "العمليات العسكرية الأحادية لنظام الأسد وروسيا في جنوب غرب سورية تشكل انتهاكاً لوقف إطلاق النار" الذي دعمه الرئيسان الأميركي، دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين.
وقال الدبلوماسي الأميركي إن واشنطن تبقى "مصممة على احترام تعهداتها في سبيل وقف إطلاق النار هذا. نطالب شركاءنا الروس بالقيام بالمثل، واتخاذ إجراءات فورية لخفض العنف".
من جهته قال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، فرنسوا دولاتر، إن "فرنسا تدعو كل طرف بدءاً بروسيا إلى الالتزام بالتعهدات التي قطعت لكي يتوقف هذا الهجوم بدون تأخير". وأضاف "من الضروري أن تحترم روسيا الاتفاق الذي أبرم قبل سنة وأن تضمن فوراً وقف الأعمال الحربية"، معتبرا أن "موجة إضافية من اللاجئين ستزعزع بشكل دائم استقرار الدول المجاورة، وخصوصا الأردن".
وحذرت سفيرة بريطانيا وكذلك سفيرا هولندا والسويد من تكرار ما حصل في حلب والغوطة الشرقية، أي القصف الدموي الكثيف ثم استعادة السيطرة على مناطق مع احتمال التوصل إلى اتفاقات إجلاء مع فصائل المعارضة المسلحة.
وقالت سفيرة بريطانيا في مجلس الأمن، كارين بيرس "أضم صوتي إلى فرنسا والولايات المتحدة لمطالبة روسيا باحترام تعهداتها والحرص على أن تحترم الحكومة السورية وقف إطلاق النار بهدف تجنب أزمة إنسانية جديدة".
روسيا: العمليات العسكرية جنوب غربي سورية لا يمكن إيقافها
من جهتها، أعلنت روسيا أن العمليات العسكرية جنوب غربي سورية لا يمكن إيقافها إلا بعد دحر الجماعات الإرهابية الموجودة بالمنطقة، وذلك في إفادة سفير روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبيزيا، التي قدمها أمام أعضاء مجلس الأمن.
وقال نيبيزيا إنه "لا يوجد وقف للأعمال العدائية يسهم في تأجيل مكافحة الإرهاب والإرهابيين، حتى لو كان من أجل هدنة إنسانية".
ومنذ الأربعاء الماضي، يواصل نظام بشار الأسد هجومه بدعم روسي في جنوب غربي سورية، رغم تحذيرات واشنطن التي تسعى إلى تثبيت اتفاق "خفض التوتر" الذي توسطت في التوصل إليه مع موسكو وعمّان، العام الماضي.
وانتقد السفير الروسي مواقف مندوبي الدول الغربية بمجلس الأمن إزاء سورية، وقال إن تلك الدول (لم يحددها بالاسم) لم تقم بأي شيء في المناطق التي تم طرد تنظيم داعش منها، بل تركوا تلك المناطق على حالها المنهار، والآن يحاولون إلقاء المحاضرات على مسامعنا".
كذلك انتقد المندوب الروسي "تأخر تقديم المساعدات الدولية" إلى سورية، مشددًا على ضرورة "عدم ربط تلك المساعدات بأية مطالب أو شروط سياسية".
ووجه نيبيزيا حديثه مخاطباً دي ميستورا، قائلًا "نحن حريصون على المصالحة وتحقيق تهدئة في جنوب غربي سورية، ونقدر المشاغل الأمنية لإسرائيل والمملكة الأردنية".
وأضاف أن "المنطقة في كفريا باتت على المحك فهناك تصعيد من قبل المسلحين.. ونحن نسأل من يوفر الدعم للإرهابيين في سورية لكي يستعيدوا السيطرة على المناطق التي تم دحرهم عنها".
وشدد المندوب الروسي في ختام إفادته على أهمية "استعادة العلاقات الطبيعية بين سورية وبلدان المنطقة من أجل تحسين الوضع في الشرق الأوسط".
"هيئة التفاوض" تدعو مجلس الأمن لجلسة طارئة
دعت هيئة التفاوض السورية، اليوم الأربعاء، إلى عقد جلسة طارئة في مجلس الأمن لـ"بحث جرائم الحرب التي يرتكبها نظام الأسد وحلفاؤه في محافظة درعا"، مطالبة بـ"وقف العمليات العسكرية بشكل فوري على اعتبارها خرقاً للقرارات الدولية".
ودانت الهيئة، في بيان لها، "صمت مجلس الأمن وتخليه عن واجباته القانونية والسياسية في حماية المدنيين السوريين، وإيقافه استخدام القوة والأسلحة المحرمة دولياً من قبل قوات نظام الأسد ضد المدنيين".
ميدانياً: قوات النظام تتقدم بريف درعا
يأتي ذلك بينما أحرزت قوات النظام السوري المزيد من التقدم في ريف درعا الشرقي، وسيطرت، اليوم الأربعاء، على العديد من البلدات في تلك المنطقة، حيث تسعى إلى فصل ريف درعا الشرقي عن الريف الغربي، والوصول إلى معبر نصيب الحدودي مع الأردن.
وبموازاة ذلك، سقط المزيد من القتلى والجرحى، خاصة بين المدنيين، نتيجة غارات لطيران النظام السوري على قرى وبلدات ريف درعا، الذي خرجت العديد من المراكز الطبية فيه من الخدمة، فيما تتفاقم محنة النازحين الفارين من المعارك باتجاه الحدود مع الأردن.
وقالت مصادر محلية إن "خمسة مدنيين قتلوا في داعل وادرس، فيما قتل مدني في بلدة الجيزة، ومدنيان ببلدة الحراك، بالإضافة إلى 3 قتلى في بلدة الصورة، فضلاً عن عشرات الجرحى بغارات طيران النظام وروسيا على بلدات شرق درعا".
كذلك سقط قتلى وجرحى في غارات استهدفت الغارية الشرقية، وطاول القصف الجوي أيضاً بلدات نوى وداعل وطفس وابطع والشيخ سعد في الريف الغربي لدرعا.
وقالت المصادر إن المشافي الميدانية في بلدة صيدا وبلدة المسيفرة وبلدة الجيزة بريف درعا الشرقي خرجت من الخدمة بعد استهدافها من قبل الطيران الحربي الروسي بغارات جوية.
كما وثق "مكتب توثيق الشهداء في درعا" مقتل تسعة مقاتلين خلال المواجهات على جبهات شرق درعا، ومقاتل آخر بعد إصابته بقصف البراميل المتفجرة على أحياء درعا البلد.
في غضون ذلك، قالت مصادر محلية إن فصائل المعارضة انسحبت، اليوم، من بلدات صما والمليحة الشرقية والمليحة الغربية وناحتة، شرقي درعا، نتيجة القصف الجوي والبرّي العنيف من قبل قوات النظام والطيران الروسي.
وكانت قوات النظام قد سيطرت في وقت سابق على بلدة بصر الحرير، وتمكنت بذلك من فصل منطقة اللجاة، حيث تتمركز فصائل للمعارضة، عن الريف الشرقي لمحافظة درعا.