وبعكس ما كان مُتوقعاً بشأن إعلان الحريري لقائمة مرشحي التيار في الانتخابات النيابية المُقررة في مايو/أيار المُقبل، علم "العربي الجديد"، من مصادر سياسية، أن التيار لم يحسم بعد العديد من خيارات الترشيح في مُختلف المناطق "إن كان الثابت هو قرار استبدال الوجوه النيابية القديمة بأُخرى شابة".
شكّلت هذه الذكرى، في سنواتها الأولى، مُناسبة لتأكيد التحالف بين مُختلف القوى التي اتّحدت بعد اغتيال الحريري، وأسست في ما بينها لشبكة سياسية عريضة حملت عنوان "الحرية والسيادة والاستقلال"، قبل أن يستقل نجل الحريري، سعد، بخياراته السياسية تحت عنوان "حماية الاستقرار الداخلي". لذا ستتحول الذكرى، هذه المرة، إلى مناسبة لتبرير الخيارات السياسية الجديدة لـ"المستقبل" أمام قاعدته الشعبية، وتذكّر "المحطات النضالية" مع رفاق الأمس.
وقد أعلن الحريري على مراحل، تسوية سياسية طويلة الأمد مع "حزب الله" حوّلت الحكومات التي تمثّل فيها إلى "مساحة ربط نزاع"، وذلك بعد تأجيل العناوين الخلافية الرئيسية، كسلاح الحزب وتأثيره على مسار الدولة، إلى "الحلول الإقليمية". ذلك ما أدى لاستبعاد أو ابتعاد الكثير من الوجوه الصدامية عن مجالس الحريري، وبروز وجوه جديدة جمعت إلى جانب البعد السياسي كتسوية، لائحة عناوين اقتصادية تفاهم عليها التياران.
لم يُشكّل ربط النزاع مع "حزب الله "استثناء في مسيرة الحريري الابن، وهو الذي زار في مراحل سابقة دمشق، والتقى برئيس النظام بشار الأسد. حدث ذلك قبل الثورة السورية، ليعود الحريري بعد الثورة ويُعلن أنه لن يعود إلى بيروت (بعد استقالة وزراء "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" و"حركة أمل" من حكومته عام 2011، أثناء وجوده في واشنطن)، إلا عبر مطار دمشق الدولي وبعد سقوط الأسد.
سقط خيار الحريري مُجدداً. وعاد الرجل إلى بيروت على متن تسوية جمعته مع الحليف الأقوى لـ"حزب الله"، رئيس الجمهورية الحالي، ورئيس "التيار الوطني الحر" السابق، ميشال عون. تجاوزت حدود التسوية بين الرجلين مسألة إعادة بعض الاستقرار السياسي والاقتصادي، عبر إنهاء الشغور الرئاسي، وانتخاب عون رئيساً، مقابل عودة الحريري إلى رئاسة الحكومة، إذ يبحث الفريقان اليوم، بعد تولي وزير الخارجية وصهر عون، جبران باسيل، لرئاسة "الوطني الحر"، خيار التحالف الانتخابي الواسع في مُختلف الدوائر.
وعلى مسافة مشابهة للمسافة القريبة بين التيارين (المستقبل والوطني الحر)، يقف "حزب القوات اللبنانية"، الذي مرّت علاقته بـ"المستقبل" بمطبات حادة، كان آخرها موقف رئيس "القوات"، سمير جعجع، من أزمة استقالة الحريري، نهاية العام الماضي، التي أعلنها من العاصمة السعودية الرياض، قبل أن يتراجع عنها. وفي وقت يقف فيه أكبر فريقين أطلقا فريق الرابع عشر من آذار على بُعد خطوة من "حزب الله"، من خلال تحالفات مُنفصلة مع التيار العوني، اختار رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي"، وليد جنبلاط، قرار التموضع الوسطي قبلهما، بعد أن كان رأس حربة في معارضة النظام السوري و"حزب الله".
وبعد أن ركّز الحريري في كلمته خلال إحياء الذكرى العام الماضي على "شجاعة" قراره تبني ترشيح ميشال عون لرئاسة الجمهورية، تتميز الذكرى اليوم بكونها الأولى التي تتم في ظل تباعد واضح وصريح بين الحريري والقيادة الحالية للمملكة العربية السعودية. وهي الدولة التي طبعت المسيرة السياسية للرجل بإقامة غير طوعية امتدت طوال 18 يوماً، وكادت أن تصل إلى حد محاولة الاغتيال المعنوي.