04 نوفمبر 2024
ذكرى حبيب
يُروى أن أبا سعيد المكفوف مؤدب ولد عبد الله بن طاهر قال: يا حبيب لم لا تقول من الشعر ما يُفهم؟ فأجاب حبيب: وأنت يا أبا سعيد لم لا تفهم من الشعر ما يقال؟ فعُدَّ ذلك من محاسن أجوبة حبيب بن أوس الطائي.
أبو تمام ولد بجاسم، وهي قرية من قرى حوران في الجنوب السوري سنة 188 من الهجرة، وتوفي ودفن في الموصل شمال العراق سنة 231 من الهجرة على الأرجح. وزعم قوم أن أباه روميّ اسمه تدوس قلبه الشاعر أوساً. مما يُرجّح لدينا أن شاعرنا أبا تمام عربيّ أصيل، وأن ما اتهم به من عجمة ليس إلا من تشنيع حسّاده ومبغضيه، وما كان أكثرهم وأضرى عداوتهم.
نشأ أبو تمام نشأة فقيرة، فتنقل في مدن الشام كدمشق وحمص حيث اتصل بشاعر الشام ديك الجن الحمصي، وعقد معه أواصر الصداقة، ثم رحل إلى مصر ولازم المسجد الجامع بالفسطاط يسقي الماء متكسّباً ويلتهم بذهنه الوقّاد ما يصل إلى سمعه من حلقات العلم والأدب، إذ كانت المساجد آنذاك مراكز للأدب والعلم من كل فن.
عاد أبو تمام إلى الشام بعد أن استكمل ثقافته وقد اشتدّ عوده ونضجت شاعريته، فلبث مدة يمدح الولاة والأمراء حتى ذاع صيته وطار شعره في الآفاق، فقدم إلى العراق واتصل بالخليفة المعتصم فمدحه وحظي عنده كما نال عند الوزراء والأمراء والقادة مكانة عالية، فكان أثيراً لدى الوزير العباسي الكبير محمد بن عبد الملك الزيات، والحسن بن وهب أحد رؤساء الكتاب، ومحمد بن حميد الطوسي أحد قواد العرب في جيش المعتصم.
كان شاعرنا طويل القامة أسمر اللون فصيح الكلام، لكنّ فيه تمتمة بسيطة كما يقول ابن خلكان في وفيات الأعيان. وقد وصف بأنه أجشّ الصوت. وكانت في صوته حُبسة شديدة. ولا شك أن هذه الحُبسة كانت ذات تأثير عميق في نفس أبي تمام. أما سرعة بديهة شاعرنا فكانت مثار عجب ودهشة لما روي من قصص عنها. فمن عجيب ما يروى عن سرعة بديهته أنه عندما أنشد أحمد بن المعتصم قصيدته:
ما في وقوفك ساعة من باس
تقضي ذمام الأربع الأدراس
فقال:
أبو تمام ولد بجاسم، وهي قرية من قرى حوران في الجنوب السوري سنة 188 من الهجرة، وتوفي ودفن في الموصل شمال العراق سنة 231 من الهجرة على الأرجح. وزعم قوم أن أباه روميّ اسمه تدوس قلبه الشاعر أوساً. مما يُرجّح لدينا أن شاعرنا أبا تمام عربيّ أصيل، وأن ما اتهم به من عجمة ليس إلا من تشنيع حسّاده ومبغضيه، وما كان أكثرهم وأضرى عداوتهم.
نشأ أبو تمام نشأة فقيرة، فتنقل في مدن الشام كدمشق وحمص حيث اتصل بشاعر الشام ديك الجن الحمصي، وعقد معه أواصر الصداقة، ثم رحل إلى مصر ولازم المسجد الجامع بالفسطاط يسقي الماء متكسّباً ويلتهم بذهنه الوقّاد ما يصل إلى سمعه من حلقات العلم والأدب، إذ كانت المساجد آنذاك مراكز للأدب والعلم من كل فن.
عاد أبو تمام إلى الشام بعد أن استكمل ثقافته وقد اشتدّ عوده ونضجت شاعريته، فلبث مدة يمدح الولاة والأمراء حتى ذاع صيته وطار شعره في الآفاق، فقدم إلى العراق واتصل بالخليفة المعتصم فمدحه وحظي عنده كما نال عند الوزراء والأمراء والقادة مكانة عالية، فكان أثيراً لدى الوزير العباسي الكبير محمد بن عبد الملك الزيات، والحسن بن وهب أحد رؤساء الكتاب، ومحمد بن حميد الطوسي أحد قواد العرب في جيش المعتصم.
كان شاعرنا طويل القامة أسمر اللون فصيح الكلام، لكنّ فيه تمتمة بسيطة كما يقول ابن خلكان في وفيات الأعيان. وقد وصف بأنه أجشّ الصوت. وكانت في صوته حُبسة شديدة. ولا شك أن هذه الحُبسة كانت ذات تأثير عميق في نفس أبي تمام. أما سرعة بديهة شاعرنا فكانت مثار عجب ودهشة لما روي من قصص عنها. فمن عجيب ما يروى عن سرعة بديهته أنه عندما أنشد أحمد بن المعتصم قصيدته:
ما في وقوفك ساعة من باس
تقضي ذمام الأربع الأدراس
فقال:
إقدام عمرو في سماحة حاتم
في حلم أحنف في ذكاء إياس
فقال له الفيلسوف الكندي، وكان حاضراً المجلس وأراد الطعن عليه: الأمير فوق ما وصفت. فأطرق أبو تمام قليلاً ثم زاد في القصيدة بيتين لم يكونا فيها:
لا تنكروا ضربي له من دونه
مثلاً شروداً في الندى والباس
فالله قد ضرب الأقل لنوره
مثلاً من المشكاة والنبراس
فعجب الحاضرون من فطنته وسرعة بديهته.
في حلم أحنف في ذكاء إياس
فقال له الفيلسوف الكندي، وكان حاضراً المجلس وأراد الطعن عليه: الأمير فوق ما وصفت. فأطرق أبو تمام قليلاً ثم زاد في القصيدة بيتين لم يكونا فيها:
لا تنكروا ضربي له من دونه
مثلاً شروداً في الندى والباس
فالله قد ضرب الأقل لنوره
مثلاً من المشكاة والنبراس
فعجب الحاضرون من فطنته وسرعة بديهته.