خصصت صحيفة "ذي غارديان" افتتاحيتها للحديث عن الأحكام الأخيرة الصادرة في حق صحفيي قناة "الجزيرة" بمصر، وقالت إنه من الوارد حصول الصحفيين على العفو الرئاسي، لكنها تساءلت عن مصير باقي المصريين ضحايا الظلم بمصر.
افتتاحية الصحيفة ذكرت أن التلاعب بالقوانين وتحويل المحاكم إلى أداة للانتقام والقمع أمر شائع ومعمول به داخل الأنظمة السياسية بالعالم، لكن مصر في ظل نظام عبد الفتاح السيسي، أصبحت في مكانة خاصة، مسجلة أسوء الخروقات على الإطلاق بالعالم.
وذكرت أنّ المحاكم في ظل حكم السيسي، مررت أحكاما قاسية وعجيبة في الآن نفسه، بناءً على أدلة لا معنى لها، لدرجة يصعب تصديقها، معتبرةً أنّ مثل تلك الأدلة، كانت ستؤدي في بلدان أخرى ليس فقط إلى التخلي عن المتابعات، بل كانت ستؤدي لعزل واستقالة الأشخاص الساهرين على تنفيذها.
كما لفتت الصحيفة إلى أن مثل هذه الأحكام، يمكن أن تعزى جزئياً إلى طبيعة القضاء المصري، الذي ينتمي أغلب أفراده إلى طبقات اجتماعية تعارض بشدة أفكار الإخوان المسلمين، وكذلك الاعتراض على المفكرين الليبيراليين بمصر.
"ذي غارديان" رأت أن تلك الأحكام تعزى كذلك للفكرة الفتاكة بكون وظيفة المحاكم، هي معاقبة من تعتبرهم الدولة أعدائها، وإسكات صوتهم.
وتساءلت الصحيفة إن كان أحدهم قد قام نهاية الأسبوع الماضي باستخدام هاتفه لإعطاء التعليمات للقاضي الذي أصدر أحكام سجن صحفيي "الجزيرة" لثلاثة أعوام، معتبرةً يصعب معرفة هذا الأمر، لكن سوابق القضاء المصري لا تنفي وجود تدخل بمسار المحاكمات.
كما اعتبرت الصحيفة أنّ السيسي ربما قد يكون ندم على المحاكمة الأولى الهزلية بحق الصحفيين وتداعيات ذلك على الرأي العالمي، مضيفة أنه ربما أراد التخفيف من وطأة القضية خلال مرحلة استئناف الحكم، لاسيما أنه تم التغاظي عن الكثير من الأدلة التي تم اعتمادها في البداية، وذلك عبر إصدار حكم مخفف.
اقرأ أيضا: الخارجية المصرية تستدعي السفير البريطاني لتعليقه على أحكام "الماريوت"
إلى ذلك، أوضحت الصحيفة أن السيسي ربما يتوقع في الوقت الراهن الإفلات من المزيد من التداعيات الدولية وذلك من خلال منح العفو الرئاسي للصحفيين الثلاثة، بيد أنها أشارت إلى كون مثل هذه التسوية تدفع الأمور نحو الأسوء.
الصحيفة شددت في هذا الصدد على كون العدل لا يقوم من خلال الأحكام التي لا تقيم أي اعتبار للأدلة، أو تلك التي يتم إصدارها في غياب أي دليل، وأضافت أن العدل لا تقوم له قائمة حينما يتم تطويع الجهاز القضائي لاسترضاء الحلفاء.
الصحيفة ذكرت كذلك أن الجميع يتمنى وضع حد لمحاكمة صحفيي الجزيرة، لكنها تساءلت عن مصير الأشخاص الذين تمت إدانتهم بشكل جائر بمصر، أولئك الذين ليس لهم أصدقاء بالخارج أو جوزارت سفر أجنبية. وأشارت إلى أن السلطات المصرية تعتقل 23 صحفيا آخرا، وعددا كبيرا من الشباب بسبب التظاهر، وثلاث راقصات بسبب "التحريض على الفجور"، وبطيبعة الحال الآلاف من الأشخاص الذين زج بهم في السجون بسبب الاشتباه في انتمائهم للإخوان المسلمين.
وتساءلت الصحيفة إن كان المتملقون للسيسي داخل جهاز القضاء سيواصلون محاكمة هؤلاء الأشخاص؟ وعما إن كان هؤلاء المتملقون يتصرفون من تلقاء أنفسهم، فهل في وسع السيسي وقفهم؟ وذكرت الصحيفة أن السيسي قد يكون أو لا يكون مسؤولا مباشرا عن تجاوزات بعينها داخل القضاء المصري، لكنه في نهاية المطاف المسؤول عن القضاء، الذي ملأه بأنصاره منذ استيلائه على الحكم. وأشارت إلى أن القضاء المصري يميل لطرف سياسي معين وتوجهه سياسية انتقامية، رغم أنه يضم بعض الرجال المستقلين.
كما أضافت أن السيسي قام بنفسه مؤخرا بتسليم هذا الجهاز المشكوك في نزاهته أداة جديدة، في شكل قانون مكافحة الإرهاب، الذي يمنح لعناصر الأمن حصانة كبيرة تجعلهم بعيدين عن المتابعة، ويوسع نطاق المراقبة الأمنية، وقد يجعل الصحفيين الذين يشككون في التقارير الرسمية حول العمليات الأمنية محط متابعة قضائية.
وخلصت الصحيفة إلى أن الدول الغربية تحتج، بصوت غير عال، على الحالات الفاضحة للظلم، بيد أن أصل المشكل يكمن في النظام القضائي بمصر، الذي تشير أعراضه إلى المنحى الذي تسير فيه مصر بقيادة السيسي.
وقالت إن تجريم التظاهر، ووضع الإسلاميين السلميين وغير السلميين في سلة واحدة، والتركيز على الحلول العسكرية، كلها أمور لا تبشر بخير.
اقرأ أيضا "نيوزويك": النظام المصري يحاول سحق الإخوان المسلمين