وقالت مصادر قيادية في "الوفد"، في حديث مع "العربي الجديد" إنّ أبو شقة هدّد قيادات الحزب على الملأ داخل مقره الرئيسي بضاحية الدقي، بالملاحقة والحبس، متوعّداً القيادات المفصولة بأنّه يرتبط بعلاقات جيدة مع أجهزة الأمن، وهو ما دفعهم إلى المطالبة بحماية الرئيس عبد الفتاح السيسي للحقوق والحريات العامة، بوصفه "مسؤولاً عن الديمقراطية في البلاد بحكم مهام منصبه"، على حدّ تعبيرهم.
وحسب مساعد رئيس الحزب للشؤون السياسية والبرلمانية، ياسر قورة، وهو أحد الخاسرين في الانتخابات، فإنّ انتخابات الهيئة العليا التي أجريت "باطلة شكلاً وموضوعاً، ومخالفة للائحة الحزب، وهو ما يعني أنّ قرارات الفصل باطلة بدورها، ولا يجب الاعتراف بها"، معتبراً أنّ "الهيئة العليا الحالية لا تستطيع اتخاذ أي قرارات قبل مايو/أيار 2019، وفقاً للائحة عمل الهيئة العليا (القديمة)".
وأفاد قورة بأنّ "قرار الفصل يخالف المادة الخامسة من لائحة الحزب، والتي تنصّ على تعيين المكتب التنفيذي للحزب، لجنة نظام مركزية تستدعي العضو خلال أسبوعين للتحقيق معه، وسماع دفاعه، ثمّ كتابة تقرير ورفعه للهيئة العليا التي تتخذ قرارها بعد ذلك، وهو ما لم يحدث في حالة المفصولين"، مؤكداً أنّ الأعضاء الستة "سيتخذون الإجراءات القانونية للطعن على قرارات فصلهم، عن طريق اللجوء للقضاء لردّ حقهم كاملاً".
في المقابل، عقدت الهيئة العليا لـ"الوفد" اجتماعاً طارئاً، مساء أول من أمس الخميس، بمشاركة رؤساء اللجان العامة بالمحافظات، ولجان الشباب والمرأة، لمناقشة التطورات الأخيرة بعد عقد الخاسرين في الانتخابات مؤتمراً أعلنوا فيه طرح الثقة بأبو شقة، والدعوة لاجتماع الهيئة العليا القديمة في ديسمبر/كانون الأول المقبل، وتفويض كل من سكرتير عام الحزب، هاني سري الدين، وعضو الهيئة العليا، محمد الحسيني، للتنسيق للاجتماع.
وقال النائب الأول لرئيس الحزب، ياسر الهضيبي، إنّ الاجتماع الطارئ شهد طرح أبو شقة قرارات جديدة لفصل كافة المحتجين على نتيجة الانتخابات، واتخاذ قرارات أخرى بحجة حماية الحزب، مضيفاً "هؤلاء انتهى أمرهم داخل الحزب، وقرارات الفصل استندت إلى تفويض الهيئة العليا الجديدة لرئيس الحزب باتخاذ القرارات المناسبة لحماية الحزب، والقضاء الإداري هو المسؤول عن بطلان الانتخابات من عدمه".
من جهته، قال أبو شقة إنّ "هناك محاولات لإبعاده عن الساحة الوفدية، لكنها تحطّمت بسبب إرادة الوفديين"، مدعياً أنّ "المؤامرة لم تنته" منذ أن تولّى رئاسة الحزب في مارس/آذار الماضي، كونه تسلّمه وهو "عبارة عن زريبة، وخزانته لا تحتوي إلا على 600 ألف جنيه، بعد أن كان من أغنى الأحزاب على الساحة"، حسب تعبيره.
وشدد أبو شقة، في تصريحات على هامش الاجتماع، أنّ "حزب الوفد لا ينحني لأحد، وعندما يدعم السلطة أو يعارضها فهو على حق، ولا أحد يزايد علينا، لأنّ المسؤولية الوطنية تقتضي مساندة حاكم البلاد، والوقوف إلى جواره"، متابعاً "نعم، ندعم السلطة في ما حدث في 30 يونيو/حزيران 2013 (انقلاب الجيش)، ووقوف الجيش مع الإرادة الشعبية، وما كان مدبّراً لمصر هو أن تسقط في المستنقع ذاته الذي سقطت فيه دول أخرى ".
وطالب أبو شقة النائب العام بسرعة التحقيق مع المسؤول في إهدار أموال الحزب في قضية شركة "ميديا لاين"، وفتح كل الأمور المتعلقة بالأموال الخاصة بالحزب في عهد رئيسه السابق، السيد البدوي، باعتباره فسخ عقد شركة الحياة مع "ميديا لاين" من طرف واحد، وخسر الحزب 59 مليون جنيه من أمواله جراء هذا الفسخ. علماً بأنّ البدوي أرغم على بيع قنوات "الحياة" الفضائية التي يمتلكها لشركة مملوكة للاستخبارات.
وكان حزب "الوفد" فصل 6 من قيادته بدعوى "خروجهم على الالتزام الحزبي، وقواعد العمل الديمقراطي، ومحاولتهم تشويه الوفد، وسعيهم لهدم الكيان وبنيانه، فضلاً عن عقدهم اجتماعاً تعدوا فيه بالقول واللفظ على رئيس الحزب". وشملت أسماء المفصولين من الحزب كلا من ياسر قورة، وأمين صندوق الحزب، محمد الحسيني، بالإضافة إلى الأعضاء محمد إبراهيم، وأحمد عطا الله وفتحي مرسي وشريف حمودة.
وأعلنت القيادات المفصولة رفضها لنتيجة انتخابات الهيئة العليا التي أجريت في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، لعدم اعترافها باجتماع الهيئة العليا الذي عقده أبو شقة، لما شابه من أخطاء مادية ولوائحية. وهو ما ردّت عليه جبهة أبو شقة بالقول إنّ "الإرادة الوفدية اختارت 50 مرشحاً لتمثيل الجمعية العمومية في الهيئة العليا، والتي رفضت الاتهامات الموجهة لرئيس الحزب، أو محاولات طرح الثقة فيه".
وأبو شقة هو نيابي مُعيّن من قبل السيسي، وأدّى دوراً فاعلاً، بصفته رئيساً للجنة التشريعية في البرلمان، في تمرير حزمة من التشريعات "سيئة السمعة"، والمُقيدة للحريات، على غرار تعديلات قوانين السلطة القضائية وتنظيم حقّ التظاهر، والكيانات الإرهابية، والطوارئ، وعزل رؤساء الهيئات الرقابية، وإلغاء الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات، علاوة على تصديه لجميع طلبات رفع الحصانة المقدمة من النيابة العامة بحق عشرات النواب من المتورطين في قضايا "تزوير ونصب واحتيال".
واشتهر أبو شقة، الذي كان محامياً جنائياً في أواخر السبعينات، بالدفاع عن المتورطين في قضايا القتل العمد، وخصوصاً في الوقائع المتعلقة بـ"الثأر" في مناطق صعيد مصر، مقابل الحصول على مبالغ مالية ضخمة، بعدما تقدّم باستقالته من سلك القضاء في عام 1975. ولعلّ أشهر قضاياه الدفاع عن المتهمين باغتصاب "فتاة العتبة"، والمتورطين في قضية اللحوم الفاسدة، ومقتل الفنانة سوزان تميم.
ويعدّ نجل أبو شقة، محمد، أحد المحسوبين على دائرة السيسي المقرّبة، إذ يشغل منصب مستشاره القانوني، والمتحدّث باسم حملته الانتخابية منذ عام 2014. واشتهر بتولي الدفاع عن قضايا رجال أعمال نظام الرئيس المخلوع، حسني مبارك، وهو من أعدّ مذكرة النقض على حكم إعدام رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى بقضية سوزان تميم، ليقضي على أثرها أقل من سبع سنوات في السجن.