أكد رئيس منتدى رجال المؤسسات في الجزائر، محمد سامي عاقلي، في مقابلة مع "العربي الجديد" أن تداعيات فيروس كورونا أحالت مئات آلاف العمال على البطالة، وأن استمرار المشروعات لن يكون ممكناً من دون دعم الدولة.
وقال في حواره إن الوضعية التي تعيشها الجزائر حالياً جراء انتشار وباء كورونا، تتشابه كثيراً مع وضعية الكوارث الكبرى، وبالتالي في مثل هذه الحالات، الدولة هي التي تتبنى إجراءات ومساعدات تختلف درجتها وقيمتها لمصلحة المواطنين والمؤسسات الاقتصادية، أقول تسهيلات وإجراءات مرافقة من أجل الحفاظ على الإنتاج في ظل هذه الأزمة.
وإلى نص المقابلة:
* تحركت الدولة لاتخاذ العديد من القرارات من أجل مواجهة تداعيات فيروس كورونا ، فماذا كان موقف منتدى رؤساء المؤسسات كمنظمة لرجال الأعمال؟
منذ إعلان انتشار جائحة كورونا في الجزائر، شُكِّلَت خلية أزمة في المنتدى، بهدف مساعدة المؤسسات في اتخاذ إجراءات الوقاية في الوسط المهني، وتقديم تدابير عملية بشأن العمل عن بعد.
ونسّقنا مع السلطات العمومية لتوزيع الهبّات التضامنية حسب الأولوية على مستوى أكثر من 25 ولاية عبر الوطن،
ووُضعَت عشرات الفنادق تحت تصرف السلطات العمومية للقيام بعمليات الحجر الصحي، وخصوصاً للمسافرين الذين كانوا خارج الوطن ودخلوا بعدها، كذلك ساهم العديد من الأعضاء في إيواء الأطقم الطبية في فنادقهم.
ووفرت مؤسسات أخرى مواد التطهير والنظافة للمؤسسات العمومية، وشاركت في القيام بعمليات تطهير كاملة لمئات المؤسسات والمستشفيات، وحتى الأماكن العمومية، وجرى التبرع بأطنان من المواد الغذائية، ويجري توزيعها بالتنسيق مع سلطات الولايات والجمعيات الخيرية والهلال الأحمر الجزائري، سواء على المستشفيات، أو العائلات ذات الدخل الضعيف، ولا تزال العملية مستمرة من طرف أعضاء المنتدى.
* هل بإمكان المؤسسات الاقتصادية أن تصمد أمام هذه الأزمة، خاصة أن البعض يرى أن الانهيار سيلاحق العديد من الأنشطة؟
كما تعلمون، فالاقتصاد العالمي برمته تضرر بسبب الأزمة، ونحن لا يمكننا أن نشكل الاستثناء، خاصة أن المؤسسات الاقتصادية الوطنية واجهت صعوبات سابقة، ولا سيما الأشغال العمومية والبناء.
ولا يخفى على أحد أن فرض إجراءات الوقاية كان ضرورياً، لكن في المقابل أدى ذلك إلى تراجع كبير في النشاطات الاقتصادية، ما يعني أن المؤسسات في مختلف القطاعات تضررت جراء هذه الأزمة، ولكن بنسب متفاوتة.
واستمرار نشاط المؤسسات حيوي جداً لتلبية الاحتياجات الأساسية للوطن والسكان. وهنا يظهر مبدأ تقاسم الأعباء، الذي أصبح ضرورياً جداً، بسبب توقف العمل في مواقع الإنتاج ونقص المواد الأولية وتوقف شبه كلّي للخدمات على غرار الطيران والسياحة والمطاعم وكل المساحات التجارية الكبرى.
وحسب أرقام المركز الوطني للإحصائيات، إن ما يقارب 63 في المائة من اليد العاملة في الجزائر تشتغل لدى القطاع الخاص، وهو ما سيُحيل مئات آلاف العمال على البطالة إن استمر الوضع طويلاً.
ورغم الظروف الحالية، ما زالت مؤسساتنا الاقتصادية ملتزمة مواصلة العمل لتدبير الاحتياجات الضرورية الغذائية والصحية ومواد التطهير والتعقيم، لكن يستحيل صمودها لتكون مستعدة للإقلاع لفترة ما بعد كورونا، وهو ما يستلزم إجراءات مرافقة وتسهيلات مدروسة من طرف السلطات العمومية، وهو ما قام به المنتدى، حيث سلّم مقترحات من أجل تفادي إفلاس مؤسسات جديدة وإجراءات لإنقاذ تلك التي تعاني من صعوبات.
* ما طبيعة المقترحات التي طالبتم بها؟
الوضعية التي نعيشها حالياً جراء انتشار وباء كورونا، تتشابه كثيراً مع وضعية الكوارث الكبرى، وبالتالي في مثل هذه الحالات، الدولة هي التي تتبنى إجراءات ومساعدات تختلف درجتها وقيمتها لمصلحة المواطنين والمؤسسات الاقتصادية، أقول تسهيلات وإجراءات مرافقة من أجل الحفاظ على الإنتاج في ظل هذه الأزمة.
واقترحنا منذ بداية الأزمة عدداً من الإجراءات مثل تأجيل عمليات دفع الاشتراكات في مختلف الصناديق على غرار الضمان الاجتماعي، وتأجيل عملية دفع الديون والفوائد المستحقة وتسديدها لدى البنوك، تأجيل دفع الضرائب والإتاوات (الرسوم)، إعفاءات وتسهيلات جمركية لدى استيراد المواد الأولية لإنتاج المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع أو المواد والمعدات الطبية، تسهيلات بنكية.
* ما مصير آلاف العمال إن استمر الحجر الصحي لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر، ومن سيتكفل بهم؟
أغلبية اليد العاملة تشتغل لدى القطاع الخاص، والإجراءات الوقائية وضرورة الحجر الصحي سبّبت انكماش النشاط الاقتصادي، ما يعني أن هناك تقليصاً لعدد العمال، سواء عبر منحهم عطلهم السنوية، أو البطالة التقنية، كذلك هناك نسبة أخرى من العمال تشتغل في المهن الحرة، فهم كذلك تضرروا من الأزمة الصحية.
وفي هذا الصدد، أود التنويه بتعليمة الوزير الأول (رئيس الوزراء) عبد العزيز جراد، الذي دعا الوزارات إلى عقد مشاورات عاجلة مع جميع منظمات أرباب العمل والنقابات العمالية من أجل تشخيص دقيق للوضع في كل قطاع من أجل حلول واقعية. وفي المنتدى شرعنا في عملية جمع المعلومات على مستوى الأعضاء الذين ينشطون في مختلف القطاعات، والنتائج سنعرضها على القطاعات الوزارية بالتفصيل.
وفي كل الحالات، نحن نثق بالسلطات العمومية، لكونها تملك الآليات والوسائل للتكفل بالعمال الجزائريين الذين تضرروا من تداعيات الأزمة الصحية والاقتصادية، لأن التضامن والتكافل الاجتماعي قيمة ثابتة في الدولة الجزائرية.
* ألا تعتقدون أن الجزائر بحاجة إلى هيئة وطنية لإدارة الكوارث والأزمات الكبرى لتفادي الوقوع في أوضاع مشابهة؟
رسمياً، لا توجد تسمية بهذا المصطلح في الجزائر، لكن التجارب بيّنت أن بلادنا تملك تجربة كبيرة وخبرة في التعامل مع أزمات أكثر تعقيداً، فهناك تنسيق بين القطاعات الوزارية آلياً في مثل هذه الحالات.