منذ استلم شارة قيادة يوفنتوس بعد إصابة أليساندرو ديل بييرو، وتمكّنه من قيادة الفريق أفضل قيادة، أثبت أنطونيو كونتي أنه قائد كبير وصاحب شخصية قوية. فاستلام شارة القيادة بعد نجم الفريق ومعشوقه أمر يحتاج للكثير من القوّة والجرأة.
وعندما استلم مهام تدريب يوفنتوس، لم يكن أقلّ من ذلك. فقد استلم فريقاً عائداً حديثاً من الدرجة الثانية، بغض النظر عن الظروف التي أدّت إلى سقوطه، لكن بعد رحيل أكبر وأهم نجومه، واللعب موسماً كاملاً مع مستوى درجة ثانية وبعيداً عن المحافل الأوروبية، أمر يؤثر سلبياً على أي فريق.
الفريق الذي استلمه أنطونيو كونتي كان فريقاً هشاً وضعيفاً ويصارع بين المركزين السابع والثامن.. لا يمتلك شخصية.. ولا ثبات. وفوق هذا كانت بين الفريق الذي استلمه أسماء جديدة على الفريق، وجديدة على الكالتشو كلّه، جميعنا يعلم أن "أبجدية" الكالتشو ليست سهلة على أي لاعب.
ما فعله كونتي كان أن نسي الموسم السابق، ونسي الأسماء، القديمة والحديثة، وبدأ من الصفر. عمِل على شخصية كل لاعب، أضاف الاحترام والالتزام للذي يمتلك شخصية مشاكسة، والانضباط للذي يمتلك شخصية عفوية وعشوائية، وأخرج أفضل ما عند الطاقات الموجودة، وصقل مواهب القادمين الجُدد.
أمرٌ استغرق معه بعض الوقت والكثير من التعادلات في الموسم الأوّل له مع اليوفي، لكن نتجت عنه مجموعة قوية متماسكة شبّهها الجميع "بالجنود" على أرضية الميدان.. مجموعة، فازت بلقب السكوديتو لثلاث سنواتٍ متتالية، أوّلها كان من دون أية خسارة.
مع كونتي اكتشف آندريا بارزاليي وأرتورو فيدال أن بإمكانهما أن يكونا من أفضل لاعبي كرة القدم في مراكزهما. آندريا بيرلو أعاد اكتشاف نفسه وقدراته ومهاراته، فأنطونيو كونتي جعل تشكيلة الفريق كلّها حوله. كلاوديو ماركيزيو تمكّن من التكشير عن أنيابه وتسطير اسمه بين أفضل لاعبي الوسط في العالم.. أما الشاب الوافد الجديد بول بوغبا فقد أثبت في عددٍ كبيرٍ من المباريات أنه "أكبر من عمره" بكل تأكيد. أما المشاكس كارلوس تيفيز فقد تبين أنه يقدر أن يكون لاعباً ملتزماً لا يتسبّب بالمشاكل بمناسبة أو من غير مناسبة.
أنطونيو كونتي حوّل لاعبي يوفنتوس "المجّانيين"، إلى أغلى اللاعبين ومحط أنظار أكبر أندية أوروبا.
وبعد رحيل كونتي عن الفريق لأسباب باتت معروفة وواضحة لدى الجميع، استلم مهام تدريب المنتخب الأول. بعد فترة سيئة جداً مع تشيزاري برانديللي، وفريق فاقد للهوية والحماسة.
تمكّن كونتي مرة أخرى من إعادة بناء منتخب، ووضع له هيكلاً وأساساً. على الرغم من محاربته وعدم التجاوب معه من الأندية الإيطالية. فأغلبهم لا يلبّون رغبته في ضم لاعبين معيّنين، أو يتذمرون من طلباته.
لكن الأمر الذي "أتعب" كونتي أكثر كان عدم تمكّنه من إيجاد لاعبين إيطاليين جيّدين في صفوف الأندية الإيطالية. الآن، عدد كبير من الأندية الكبيرة لا يوجد بين لاعبيها سوى اسم أو اثنين إيطاليين. الأمر الذي جعله يبحث عن اللاعبين الإيطاليين المحترفين خارج إيطاليا.
اضطر كونتي لاستدعاء سيباستيان جوفينكو من الدوري الأميركي وستيفان شعراوي من موناكو الفرنسي، بينما يعتمد منذ فترة وبشكلٍ كبير على غراتسيانو بيللي الذي يلعب مع ساوثهامبتون الإنجليزي.
وعلى الرغم من الانتقادات والتحدّيات التي بدأت حتى قبل أن يتسلّم مهام تدريب الأتزوري بشكلٍ رسمي، وعلى الرغم من أن شكل المنتخب الآن ليس بالشكل النهائي والكافي للمنافسة في أمم أوروبا وكأس العالم، إلا أن كونتي وبعد 12 مباراة له مع الأتزوري، تمكّن من الفوز بسبع منها، وتعادل في أربع، وخسر في واحدة فقط. وهو الآن متصدّر لمجموعته في تصفيات أمم أوروبا ولا يزال أمامه مباراتين أخريين، التعادل في واحدة منهما يكفيه للتأهل بشكلٍ رسمي.
في إيطاليا، الجمهور وأهل الصحافة يحبّونه، ويصفه أهم المحللين والنقاد ومدرّبي كرة القدم السابقين أمثال أريغو ساكي، بأنه أحد أفضل مدرّبي كرة القدم في هذه الفترة. وجميعهم يعلّق عليه الآمال بتحسين صورة المنتخب الإيطالي والعودة به إلى زمن الأمجاد.