رحلات صيد اللاجئين

16 سبتمبر 2015
تدفق مستمر للاجئين إلى الأردن (خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -
خلال سنوات الحرب السورية، وما صاحبها من تدفق مستمر للاجئين إلى الأردن، دأبت قوات حرس الحدود على تنظيم جولات للصحافيين إلى واجهة البلاد الشمالية المتاخمة لسورية، ليواكبوا دخول اللاجئين ويُطلعوا العالم على المأساة الإنسانية المتفاقمة، والجهود العسكرية التي سخرت للتعامل مع تلك الأزمة، لكن الصحافيين تعاملوا مع الجولات كتعاملهم مع رحلات المغامرة، ويمكن الاصطلاح عليها "رحلة صيد اللاجئين".
المشهد الذي يتكرر دائماً، منذ الجولة الأولى قبل سنوات وحتى الأخيرة التي تمت قبل أيام، أن تعطي كاميرات المصورين وعيون الصحافيين ظهرها لقوات حرس الحدود، وتقف شاخصة إلى الأمام في انتظار "الخير الآتي" عبر الحدود، أملهم ألا يذهب تعب ساعات الرحلة الشاقة سدى من أجل عشرات اللاجئين ويطمحون إلى وصول المئات، ويفضلون أن يكون بينهم جرحى أو منشقّون لتكون القصة مثيرة.
لحظة الوصول يندفع الجميع للصيد، وتتكرر الأسئلة: ما هي مشاعرك الآن؟ من أين جئت؟ هل يوجد جرحى؟ هل مات أحد خلال الطريق؟ بالتزامن مع اندفاع الصحافيين، يندفع أفراد القوة ليخلوا الجرحى ويساعدوا العجائز على عبور الساتر الترابي، ويقدموا الماء والبسكويت للعطشانين والجائعين، قبل أن يمارسوا دورهم الأمني في تدقيق أوراق اللاجئين ومتاعهم للتأكد من عدم وجود عمليات تهريب أو تسلل لمتطرفين.
الجولة التي تنتهي دائماً بمنسف دسم، وبعشرات القصص الصحافية عن اللاجئين من دون أن تتطرق إلى دور قوات حرس الحدود، أثارت غضب قائدها السابق العميد حسن الزيود، الذي قال يوماً في لحظة مكاشفة: من حقنا أن تلتفت الكاميرات لدقائق بمقدار 180 درجة ليعرف العالم الأعباء الملقاة على كاهلنا. أذكر في إحدى الجولات أن عسكرياً نام خلال نقلنا إلى نقطة عبور اللاجئين، وواصل نومه حتى عندما كان رأسه يرتطم بسقف السيارة التي تعاند طريقاً وعراً، ولم أستغرب بعدما علمت أنها وظيفته الثالثة من دون استراحة.
تلك الجهود بسلبياتها وإيجابياتها، لم يوثقها صحافيون محايدون وبقي التوثيق يقع على عاتق العسكر المشكوك بروايتهم غالباً..
المساهمون