ما زالت ردود الأفعال مستمرة، إزاء إعلان العميد أحمد عسيري، المستشار في وزارة الدفاع السعودية، استعداد بلاده للمشاركة بقوات برية، ضمن تحالف دولي، لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، في سورية. الإعلان أظهر بشكل أكثر وضوحاً تباينات المواقف الدولية إزاء "محاربة الإرهاب"، والأبعاد الإقليمية للصراع على الثورة السورية.
وانقسمت ردود الأفعال بصورة واضحة حول تصريحات عسيري، بين موقف النظام السوري، وحلفائه الإيرانيين، الرافض للخطوة السعودية، بل اعتبرتها طهران بمثابة انتحار للرياض، على لسان قائد الحرس الثوري الإيراني، وبين تضارب الموقف الأميركي من الإعلان السعودي بين المرحب والمشكك، في ظل الترقب الروسي. وبعدما أبدت الإمارات استعدادها للمشاركة بقوات برية لمحاربة "داعش" دعماً للخطوة السعودية ضمن تحالف أميركي موسع، أعلن كل من الأردن والبحرين بأن إرسال قوات برية إلى سورية قيد الدراسة في الوقت الحالي، دون التأكيد على اتخاذ قرار بالمشاركة حتى اللحظة.
ونفى سفير مملكة البحرين في لندن، الشيخ فواز آل خليفة، ما تناقلته وسائل إعلامية، عن تصريحه بأن البحرين سترسل قوات برية إلى سورية، معتبراً أن الأمر "سيعلن من الجهات المختصة" مجدداً التزام المنامة بمحاربة الإرهاب. ومن جهتها نفت الأردن وجود علاقة بين "رعد الشمال"، المناورات العسكرية الضخمة التي تنظمها السعودية خلال أيام، وتشارك فيها المملكة الأردنية الهاشمية، وبين تدخل بري محتمل في سورية. وأكد رئيس الوزراء الأردني، عبدالله النسور، عدم وجود قرار أردني بإرسال قوات إلى سورية حتى اللحظة.
أما سورية، وعلى لسان وزير خارجيتها وليد المعلم، فقد اعتبرت وجود أي قوات برية سعودية على الأراضي السورية بمثابة "عدوان"، مؤكداً أن المعتدين سيعودون "بصناديق خشبية" على حد تعبيره. وفي السياق ذاته، اعتبر نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، في تصريحات لقناة إيرانية محلية اليوم، بأن السعودية "لا تملك القدرات العسكرية التي تمكنها من محاربة الإرهاب" على حد تعبيره، في الوقت الذي اتهم فيه المملكة بدعم الجماعات التكفيرية والإرهابية.
وتأتي التصريحات الإيرانية المستَفَزة، في ظل عدم إعلان موسكو عن أي موقف تجاه استعداد السعودية لإرسال قوات برية إلى سورية، حيث صرح المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، بأن موسكو "تراقب تطور الأوضاع... ولا تمتلك أي تفاصيل أو معلومات حول خطط السعودية للتدخل في سورية"، في وقت اعتبر فيه مراقبون أن إرسال قوات برية سعودية لن يتم دون تحالف إقليمي ودولي موسع، وبتنسيق مع موسكو والولايات المتحدة الأميركية.
أما الموقف الأميركي، فيبدو الأكثر ضبابية وتضارباً تجاه الخطوة السعودية، حيث رحب وزير الدفاع الأميركي، آشتون كارتر، بداية، بالعرض السعودي، ليصرح لاحقا، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، جون كيربي، معتبرا أن الحسم العسكري غير وارد في سورية، داعيا إلى تسوية سياسية. لتُنشر لاحقا تصريحات مسربة لوزير الخارجية الأميركي، جون كيري، عبر موقع "ميديل إيست آي"، توحي بأن واشنطن قد رفعت يدها عن المعارضة السورية، في ظل توقف الدعم عن الفصائل المسلحة المعارضة، منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
إعلان السعودية استعدادها لإرسال قوات برية لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" يبدو وكأنه قذف بالكرة في ملعب المجتمع الدولي، لا سيما الدول المهتمة بمحاربة "داعش"، والتي لم تقم منذ 2014 بأكثر من القيام بضربات جوية على التنظيم لا يبدو أنها كانت قادرة على القضاء عليه.
اقرأ أيضاً: موقف أردني "ضبابي" من احتمالات التدخل البري في سورية